هاربون أم متسربون .. النتيجة واحدة!
التسرب كلمة سيئة السمعة .. والتسرب معناه حصول فعل غير واضح المعالم .. مثل تسرب الزيت في خليج المكسيك الذي هدد الحياة على السواحل، وكلف الشركة المنتجة (بي. بي) أو "بريتش بترليوم" عشرات المليارات من الدولارات .. ومثل أن يتسرب الماء من حمام الشقة في الدور التالي لك .. ويتساقط على الأثاث ويغرق الدنيا وتدب خناقة بينك وبين الجار.. ومثل تسرب المياه النقية من مواسير المياه في "جدة" لانتهاء عمرها الافتراضي، وتهدر 300 مليون متر سنويا تذهب إلى المجاري وتهدد المنازل والشوارع.
ثم هناك تسرب بشري يتمثل في تسرب أو هروب 60 في المائة من الطلبة من مراحل التعليم الجامعي المختلفة، أي بعد أن يدرس الطالب مراحل التعليم من الابتدائي إلى الإعدادي إلى الثانوي ويدخل الجامعة، يقرر أن يتسرب أو يهرب من الجامعة دون إتمام دراسته والحصول على المؤهل العالي.
والسؤال واضح وصريح .. لماذا يترك طالب دراسته الجامعية ويفضل الخروج إلى الشارع بالثانوية العامة .. لماذا يدير ظهره للتعليم العالي؟
وقد أرجع عدد من الأكاديميين ومديري الجامعات السبب الرئيسي لهذا التسرب إلى نمطية التدريس في الجامعات .. بحيث يهاجم الملل الطلبة عندما يجدون أن التعليم الجامعي هو تعليم ثانوي فقط على اختلاف المكان .. وأن نسب التسرب تتفاوت بين جهة وأخرى، لأن ذلك يخضع لعوامل متعددة من بينها الثقافية والاقتصادية والاجتماعية .. إضافة إلى جوانب ذات علاقة ببيئة التدريب أو الدراسة.
ويضيف الدكتور عبد الفتاح المشاط عميد التسجيل والقبول في جامعة الملك عبد العزيز، أن عدم الوعي الكامل بأسلوب التعليم العالي من قبل المجتمع والأسرة والجامعات كمنظومة متكاملة، أدى إلى مفهوم خاطئ لدى الطالب عن الدراسة في الجامعة .. إلى جانب وجود معاهد أخرى متوسطة قد يفضلها الطالب اختصارا للوقت والنفقات.
وأيا كانت الأسباب فنحن أمام ظاهرة خطيرة، فكما يقال إن التعليم هو قاطرة المستقبل .. ويبدو أن قاطرة التعليم في "السعودية" قد تعطلت في منتصف الطريق.