المراكز التقنية الابتكارية المنشودة..!
يظل الهدف من إنشاء المراكز الابتكارية التقنية، هو تلبية الاحتياجات التقنية للمشروعات الصناعية للمملكة، وتقديم الخدمات الفنية المساندة كافة وتوفير المعلومات التقنية لها، إضافة إلى تنمية قدرتها على تصميم منتجات متطورة بقياسات وجودة عالمية، تلبي الاحتياجات المتجددة للمستهلكين؛ ما يساعد على تطوير أساليبها الإنتاجية ورفع جودة منتجاتها، يدعم ويزيد، في الوقت نفسه، من قدرتها التنافسية ويفتح آفاقا جديدة أمام تصديرها للخارج؛ ما يؤكّد لضرورة أن تشهد المرحلة المقبلة، المزيد من التعاون الدولي للاستفادة من الخبرات الإنسانية المتميزة في مجال إنشاء وتنظيم وإدارة المراكز الابتكارية التقنية؛ لأن مستقبل الصناعة السعودية مرتبط بقدراتنا على استيعاب التقنية الحديثة والعالمية والالتزام بالمواصفات والمقاييس الدولية وزيادة القيمة المضافة لمنتجاتنا الصناعية؛ لتشهد الصادرات السعودية رواجا مستمرا، خاصة أن بعض منتجاتنا باتت لها مكانة كبيرة في الأسواق العالمية وتنافس بقوة مثيلاتها من المنتجات العالمية.
وما أحوجنا في الفترة الراهنة والمقبلة إلى خدمات مثل هذه المراكز التقنية ومعاملها المعتمدة دوليا؛ لتغطي كل المدن الصناعية المتوافرة، جنبا إلى جنب مع المدن الاقتصادية والمعرفية، المنتشرة في ربوع المملكة بهدف نقل التقنية الحديثة، وتوطينها ورفد خدماتها الفنية للمدن الصناعية القائمة والمزمع إنشاؤها في مناطق المملكة كافة، على أن يشكّل قطاع تقنية المعلومات الوطني، شراكة حقيقية مع قطاع الصناعة، وتوفير كل الدعم الفني والمساندة لزيادة القدرة التنافسية لهذه القطاعات الصناعية والتقنية مع مثيلاتها العالمية.
وفي موضوع ذي صلة، أدعو وزارة التجارة والصناعة، بالاشتراك مع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، لتقديم كل الدعم والمساندة لشباب الأعمال؛ لتشجيعهم على إقامة مشروعاتهم الصغيرة وزيادة قيمتها المضافة وتأهيلهم للتصدير، وتوفير الخبرات لهؤلاء الشباب لمساعدتهم في تنفيذ مشروعاتهم وتطوير منتجاتهم عبر تبني برامج ومشاريع حضانات تقنية، تهدف إلى تبني المشروعات الصغيرة للشباب وتحويل أفكارهم الإبداعية والابتكارية إلى مشروعات حقيقية، تخدم قطاع الصناعة الوطني وتحقق قيمة مضافة لمنتجاتنا الصناعية، وذلك من خلال تقديم الدعم الفني والتقني اللازمين لهم وتوفير أجهزة ومعدات هذه المراكز الابتكارية التقنية لاستخدامها في هذه المشروعات، على أن تتحمَّل المراكز التقنية 80 في المائة من تكلفة هذه المشروعات ويتحمّل شباب الأعمال النسبة المتبقية فقط؛ ليتمكنوا من توسيع مشروعاتهم وزيادة قدرتها التنافسية.
وعلى ذكر منظومة مراكز الابتكار التقنية، المقترح إنشاؤها في مختلف القطاعات الصناعية والجهود المبذولة لتحديث وتطوير الصناعة السعودية وإعدادها للمنافسة العالمية وزيادة مساهمتها في التصدير والاقتصاد الوطني، يقودنا ذلك إلى ضرورة تعميق سبل التعاون بين قطاعاتنا التجارية والصناعية الرسمية والأهلية على السواء، وبين الجهات الدولية ذات العلاقة، وخاصة دول الاتحاد الأوروبي؛ بهدف توفير التقنية الحديثة لقطاع الصناعة ورفع القدرة التنافسية للمصانع السعودية وتنمية القدرة على الابتكار، والإبداع؛ تمهيدا لإنشاء شبكة سعودية - أوروبية للتقنية والابتكار، تسهم في نقل أحدث التقنيات الأوروبية، والعالمية وتوطينها داخل الصناعة السعودية؛ وتوفير أحدث المعلومات التقنية؛ وإنشاء قاعدة بيانات ومعلومات متطورة يمكن الاهتداء بها في جميع القطاعات الصناعية؛ جنبا إلى جنب مع تشجيع وتعميق استخدام أساليب الإنتاج والإدارة المتطورة والاستفادة من البرامج التمويلية التي يتيحها الاتحاد الأوروبي في هذا الخصوص؛ والاستفادة من مثل هذه الشبكة، التي تضم أكثر من 200 مركز تقني أوروبي، وربطها بالمراكز التقنية السعودية؛ لتلبية احتياجات ومتطلبات المجتمع الصناعي من التقنية الحديثة؛ والعمل على إتاحة أحدث المعلومات التقنية لجميع قطاعات الصناعة السعودية، وكذلك توفير قاعدة بيانات ومعلومات عن الخبراء الذين يمكن الاستعانة بهم في جميع القطاعات؛ إضافة إلى توفير دورات تدريبية أخرى للمهندسين والفنيين العاملين بالمصانع السعودية للتدريب؛ وتنمية مهاراتهم على أحدث البرامج التقنية المتطورة في مجالات التصنيع المختلفة؛ وانتخاب متفوقي خريجي الجامعات في التخصصات الصناعية، ومنها كليات الهندسة والعلوم والتقنية وغيرها؛ لإعداد أجيال جديدة من المصممين والمبتكرين السعوديين في مختلف المجالات؛ وتدريب عمالة جديدة في قطاع الصناعة على أحدث البرامج التقنية؛ وتأهيل العمالة الحالية وتنمية مهاراتهم ورفع إنتاجياتها، إضافة إلى مساعدة الشركات في تطوير أساليب الإنتاج وتقديم منتجات مبتكرة ذات قيمة مضافة من خلال برامج متخصصة واستشارات فنية توفرها المراكز الابتكار التقنية السعودية؛ وزيادة الربط بينها وبين المراكز التقنية العالمية بهدف التنوع في مصادر المعرفة ونقل التقنية وتوطينها، وفقا لاحتياجات ومتطلبات القطاعات الصناعية المختلفة، بما يعكس مكانة المملكة، ودورها في الاقتصاد العالمي وتطويرها لقاعدتها الصناعية.
وقد أثلج الصدور، في هذا الشأن، الخبر الذي وزعته ''واس''، مطلع الأسبوع الماضي عن اعتزام مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، إنشاء ثلاثة مراكز ابتكار تقني بتكلفة أكثر من 150 مليون ريال، ضمن برنامج مراكز الابتكار التقني أحد برامج الخطة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار الذي يهدف إلى إنشاء مراكز تابعة للمدينة بالتعاون مع القطاع الصناعي ويتم استضافتها في الجامعات السعودية. وحسب تأكيد رئيس المدينة فإن هذه المراكز ستركز على البحوث التي تعالج القضايا المطروحة في الصناعة من خلال تشكيل فرق بحثية متعددة الاختصاصات مؤلفة من أساتذة جامعيين وطلاب ودارسات عليا ومهندسين وعلماء من الشركات الصناعية المشاركة في هذه البحوث.
وحسب توضيح نائب رئيس المدينة لمعاهد البحوث، رئيس اللجنة الإشرافية للخطة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار، فإن هذه المراكز الثلاثة جرى انتقاؤها بعناية فائقة للتأكد من أنها ستصل إلى نتائج ملموسة، من حيث دعم قدرات التعاون التقني بين الجامعات والمدينة الصناعية في مجال تطوير المنتجات عالية التقنية التي تسهم في تعزيز القدرة التنافسية للشركات السعودية عالميا.
ونأمل أن تشمل هذه المراكز الابتكارية التقنية جميع القطاعات الصناعية لزيادة معدلات المكون التقني في الإنتاج الصناعي والوصول به إلى المعدلات العالمية، وأن تتضمن الخطط المنشودة برامج قصيرة المدى وأخرى طويلة، تستهدف تحويل السعودية، بحلول عام 2025 دولة صناعية رئيسة في منطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا، خاصة في الأداء الصناعي والمستوى التقني للمنتجات، وأيضا كمصدر رئيس للمنتجات الصناعية متوسطة التقنية، من خلال محاور رئيسة، تضمن تحولا في هيكل الإنتاج الصناعي من الأنشطة القائمة على استخدام الموارد الطبيعية إلى التقنية المتوسطة ثم إلى الصناعات عالية التقنية، والدفع بالصناعة والصادرات الوطنية تجاه الأنشطة والقطاعات ذات القيمة المضافة العالية، وتحسين المكون التقني في الإنتاج والصادرات من خلال الانتقال إلى المنتجات ومراحل الإنتاج المعتمدة على التقنية الحديثة والإنتاجية ذات الجودة العالية. وقبل ذلك أن تفعّل بحوثها العلمية والتقنية؛ وألا تظل رهينة الأدراج والأضابير المنسية!!