أين تجد سعادتك؟!
لو كان للسعادة مقياس كجهاز الترمومتر أو ريختر .. لارتاح خبراء الاقتصاد ومعهم علماء النفس الذين يعملون جنباً إلى جنب .. لتحديد مقياس السعادة عند الشعوب .. إنهم يحاولون تحديد ما إذا كان تطبيق معايير السعادة ينطبق على السياسة العامة، وما إذا كان يمكن للاقتصاد أن يساعد على تحسين حياة الناس في شتى أنحاء العالم .. والسؤال الأكثر إلحاحاً .. ما الذي يجعل الناس سعداء ..؟ وهل أنت سعيد؟! وما هي معايير السعادة في نظرك؟! ومن هم الأكثر سعادة الفقراء الذين بالكاد يملكون قوت يومهم ..!! أم الأغنياء الذين يملكون كل شيء؟! وهل يشعر الفقراء بالسعادة؟ والغني هل سعادته كاملة بكل ما لديه .. أم يفتقد هذا الإحساس أحياناً؟!
نتائج الدراسات أنه ليس المال دائماً هو أفضل مؤشر لما يريده الناس .. مثلاً يختار بعض الناس عملاً أقل دخلاً لكنه أكثر إمتاعاً ويشعرون بالرضا التام .. لذلك يقوم علم اقتصاد السعادة بتوسيع تعريف الاستفادة .. يقيس هذا العلم التجمعات الاجتماعية والديمغرافية والوضع الوظيفي والبيئات السياسية والموارد الاقتصادية ومدى توافر الخدمات العامة ليقدم صورة شاملة عما يعبر عن الرضا في بلد ما .. هذه القياسات تسهل المقارنات بين الدول .. فمثلاً يتمتع الناس في الدول الغنية في المتوسط بسعادة أكبر من أولئك الذين يعيشون في الدول الفقيرة. إلا أنه لا علاقة بين زيادة الثروة وزيادة السعادة حتى في الدول الفقيرة .. يؤثر التفاوت في الدخل في الرضا عن الحياة في “أمريكا اللاتينية” .. أكثر مما في “الولايات المتحدة” و”أوروبا”، وقد يرجع هذا إلى أن الناس في الدول المتقدمة ترى التفاوت في الدخل على أنه من محفزات النجاح وليس كحالة من عدم المساواة التي لا يمكن التغلب عليها. وبالطبع هناك عوامل أخرى للسعادة غير المال .. مثل الصحة وفرص العمل والنجاح الذي يحققه الفرد بعمله والعلاقات الاجتماعية الطيبة الناجحة.
والسؤال الذي يطرح نفسه .. هل هناك علاقة بين السعادة والاقتصاد؟! .. نعم توجد علاقة أكيدة .. فعندما تكون البلاد متقدمة اقتصادياً تقدم لأبنائها خدمات أفضل وحياة كريمة ورفاهية .. أما البلاد الفقيرة العاجزة اقتصادياً .. ماذا تقدم لأبنائها سوى الفقر والجوع والمرض والشقاء .. وكلها أعداء السعادة .. أما عن تعريف السعادة .. فقد عجز العلماء والفلاسفة عن تعريف السعادة، لأنها سراب وليست حقيقة إلى جانب أنها غير مستقرة تأتي على فترات وليست دائمة .. ولو كانت دائمة لكانت جحيماً.
فنحن لا نعرف السعادة إلا إذا عرفنا الشقاء والألم والمعاناة .. ولذلك نحاول أن نجد بديلاً لها في الحالة النفسية والاقتصادية والاجتماعية والروحية .. ففي أيها تجد سعادتك أنت؟؟!!