مؤسسات مالية تطرح منتجات لتمويل رحلة الحج

مؤسسات مالية تطرح منتجات لتمويل رحلة الحج
مؤسسات مالية تطرح منتجات لتمويل رحلة الحج

شرعت مؤسسات مالية في الدول العربية والإسلامية في طرح منتجات إسلامية للاستفادة من موسم الحج الحالي، من بينها خدمة تمويل رحلة الحج، وإطلاق صناديق للحج والادخار تركز على طرح سندات إيداع محددة القيمة.

وتأتي الخطوة لمساعدة الحجاج المسلمين في مواقع مختلفة في العالم لأداء هذه الفريضة في ظل الظروف المالية الحالية وتأثيرات الأزمة العالمية.

في هذا الجانب، أعلن مصرف الشارقة الإسلامي إطلاق خدمة تمويل الحج الذي يمكن الحاج من الحصول على التمويل وتقسيطه فيما بعد، بينما أعلن في الأردن إطلاق وزارة الأوقاف صندوقا للحج للادخار والاستثمار يهدف إلى استثمار أموال المدخرين، وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.

في ماليزيا عمد صندوق الحج الماليزي ''ليمباجا تابو نج حاج'' الذي تديره الدولة إلى رفع حصته في بنك إسلام إلى نحو 20 في المائة بعد أن استحوذ على الأسهم الممتازة المخصصة لمجموعة دبي المساهم الآخر في البنك.

في مايلي مزيد من التفاصيل:

في الوقت الذي تستعد فيه الأمة الإسلامية لإقامة واحدة من أهم شعائرها الدينية، تتحرك المؤسسات المالية الإسلامية للاستفادة من موسم الحج بطرح منتجات مالية إسلامية في خطوة منها للاستفادة من هذا الموسم الديني المهم، فقبل أيام قليلة وعلى سبيل المثال أعلن مصرف الشارقة الإسلامي عن إطلاق خدمة تمويل الحج الخالية من الأرباح في مبادرة هي الأولى من نوعها على مستوى المصارف الإسلامية في الدولة، بحسب بيان للبنك، وستمكن هذه الخدمة التي أطلقت تحت شعار «حج السنة وادفع على سنة دون أرباح» الكثيرين من عملاء البنك وغيرهم، من أداء فريضة الحج والدفع بأقساط ميسرة لمدة عام كامل من دون أي أرباح أو تكاليف إضافية.

#2#

وفي الأردن تعتزم وزارة الأوقاف، إنشاء صندوق الحج للادخار والاستثمار، بهدف استثمار أموال المدخرين فيه، وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، حيث تعمل الوزارة على الاستفادة من فكرة صندوق الحج في ماليزيا. وأوضحت مديرية الحج في وزارة الأوقاف الأردنية أن الصندوق «يهدف إلى توثيق الصلات الاجتماعية بين المسلمين، عن طريق إصدار سندات إيداع محددة القيمة، تقدم كهدايا في المناسبات الاجتماعية، خصوصاً عند الولادة، إذ تتركز الفكرة، على أن يهدي الناس بعضهم بعضا سندات إيداع في الصندوق، بدلاً من الهدايا العادية، ليستطيع الطفل المولود حديثاً، أن يستفيد من الصندوق في المستقبل».
وفي ماليزيا عمد صندوق الحج الماليزي «ليمباجا تابونج حاج» الذي تديره الدولة إلى رفع حصته العام الماضي في بنك إسلام إلى نحو 20 في المائة بعد أن استحوذ على الأسهم الممتازة المخصصة لمجموعة دبي المساهم الآخر في البنك. وقالت المصادر إن ذلك يعني أن بنك إسلام ثاني بنك إسلامي في ماليزيا تمكن من جمع 540 مليون رنجيت ماليزي «158 مليون دولار «لدعم المستوى الأول من رأس المال، ويضم المساهمون الآخرون للبنك كلا من صندوق الحج الماليزي ليمباجا تابونج حاجي الذي يمتلك 23 مليار رنجيت والمجموعة المصرفية الإسلامية الماليزية بي. أي. إم. بي القابضة.

كيف تعمل هذه المنتجات؟
بالعودة إلى مصرف الشارقة فإن فكرة المشروع ووفقاً لمسؤولين في المصرف جاءت إثر عديد من الدراسات الميدانية التي أجراها المصرف وتلمس فيها حاجة السوق إلى مثل هذه الخدمة المهمة في هذا الوقت التي تعانيه المؤسسات من شح في السيولة وصعوبة في إجراءات التمويل الاعتيادية، حيث تم التنسيق مع عدد من حملات الحج والعمرة المعروفة لدفع مبلغ عمولة محدد للمصرف مقابل إدراجها ضمن قائمة مقدمي الخدمة الجديدة، مع اشتراط عدم فرض أي رسوم إضافية على العميل، وروعي في عملية اختيار الحملات المتعاقد معها حسن السمعة، إضافة إلى الانتشار في أنحاء الدولة لخدمة أكبر شريحة ممكنة من المجتمع.
أما فيما يخص الأردن فإن الصندوق سيقوم باستثمار الأموال، وفق أحكام الشريعة الإسلامية، لتحقيق أرباح للمدخرين، الأمر الذي سيسهم بحسب مسؤولين في مديرية الحج في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى استثمار أموال الصندوق، في تنمية العقارات الوقفية، حيث تم إعداد مشروع لنظام صندوق الحج، مشابه لما هو في ماليزيا وعدد من دول العالم الإسلامي، ووفقا للمصادر نفسها فإن التطبيق يحتاج إلى وقت لم يحدده.

استثمار أموال الحجاج
وفيما يخص ماليزيا فإن «ليمباجا تابونج حاج» تعد إحدى المؤسسات المالية الاقتصادية الأهم في البلاد منذ 1963م لقيامها بدور إيجابي في إدارة شؤون ومناسك الحج لمسلمي ماليزيا، حيث تعد مؤسسة تجارية واستثمارية من أهم مشاريعها شؤون الحجاج، فهي تعمل على توفير الخدمات الاستثمارية والفرص التجارية لادخار أموال الحجاج واستثمارها وفق الضوابط الشرعية. وهو يتولى الإشراف على الحجاج قبل سفرهم وحتى عودتهم من الديار المقدسة، حيث يتم الإنفاق على الحجاج من الصندوق وتوفير أساتذة وعلماء لإلقاء محاضرات للحجاج عن كيفية أداء شعائر الحج، وإعداد مساكن للحجيج وإرسال بعثة طبية لمرافقتهم، وتقوم فكرة صندوق الحج على أن من يرغب في أداء الفريضة يخصص جزءاً من راتبه لهذا الصندوق، حيث يتم استثمار هذه الأموال، وحينما يبلغ ما أودعه الشخص حداً يكفي أداء الفريضة فعندئذ يسمح له بأدائها، وقد اتخذت الحكومة قراراً بأن يكون أداء الحج من خلال هذا الصندوق منعاً للمشكلات التي قد تحدث للحجاج عندما تتولى الشركات السياحية وغيرها شؤون فريضة الحج والحجاج. ولقد استفادت من هذه التجربة على سبيل المثال بعض الدول كالإمارات وباكستان والسنغال وغانا وإندونيسيا.
والطريف أن كثيراً من العائلات الماليزية تفتح حسابات في بنك الحج منذ بداية ولادة الطفل بقيمة عشرة رنجيت ماليزي تدفعها كل شهر حتى تنمو أموال الطفل وتستثمر في القطاعات التجارية في الدولة، والتي من أهمها مشاريع زيت النخيل والأسهم الماليزية، حتى أن لهذه المؤسسة سهماً في البورصة الماليزية معروفا باسمها. ولبنك أو مؤسسة الحج مؤتمر سنوي يعقد بعد الحج بشهر يتم فيه دعوة الحجاج وتكريمهم والتحاور معهم وأخذ انطباعاتهم ومشاعرهم، وتأتي قيمة هذا المشروع وفائدته من خلال: تيسير عبادة الحج باستثمار الأموال حتى يتمكنوا من الحج، وتدريب الحجاج على المناسك حتى يقوموا بالعبادات بشكلها الصحيح، وتوحيد الفتاوى، وتخفيف إجراءات السفر، وتخفيف الزحام في المطارات.
الحج موسم لحل
مشكلات الاقتصاد
وفي هذا الإطار يدعو متخصصون إلى الاهتمام بالجوانب الاقتصادية للحج لتصب في صالح الاقتصاد الإسلامي، يقول الدكتور حسين حسين شحاتة الأستاذ في جامعة الأزهر في مقال له مطول في هذا الخصوص منشور في موقع مركز أبحاث فقه المعاملات الإسلامية إن «موسم الحج بجانب أنه موسم تربية روحية مع الله يمكن أن يكون موسماً للتنمية الاقتصادية للأمة الإسلامية ليجني المسلمون منه منافع اقتصادية, فيما لو أنهم تعاونوا واتحدوا, واعتصموا بحبل الله, ولا تفرقوا حتى لا تذهب قوتهم»، وعدد شحاتة في هذا الخصوص عددا من الفوائد منها أن موسم الحج من الممكن أن يكون مؤتمراً للاقتصاد الإسلامي، حيث يفد إلى الأماكن الطيبة المباركة ملايين الحجاج من جميع البلاد الإسلامية ومن الأقليات الإسلامية في الدول غير الإسلامية، فبقليل من التنسيق – يقول شحاتة - يمكن لأهل العلم والخبرة ورجال الأعمال من المسلمين أن ينظموا مؤتمراً اقتصادياً يتدارسون فيها كيفية تطبيق مفاهيم وأسس ومبادئ الاقتصاد الإسلامي, وهجرة النظم الاقتصادية الوضعية والتي تقوم على الربا والخبائث، ويمضي معددا الفوائد قائلاً: «وفى موسم الحج دعوة لإقامة السوق الإسلامية المشتركة، حيث تقوم دعوة الإسلام على التعاون على البر والتقوى في كل نواحي الحياة ومنها النواحي الاقتصادية, فيقول الله تبارك وتعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، ويتساءل «هل يمكن انتهاز موسم الحج لتدعيم روابط الأخوة بين الدول الإسلامية في مجال الاقتصاد وإقامة السوق الإسلامية المشتركة, ونحن نعيش عصر التكتلات الاقتصادية ونقابل تحديات من جانب اليهود والصليبيين، ويمتلك المسلمون المال والمعادن والخيرات الطبيعية والخامات, كما يملكون الأسواق ولديهم الإنسان العامل المنتج وهذه مقومات أي سوق مشتركة من الناحية الفنية, فهل تم الاستفادة من هذه المقومات؟
ومن الناحية المعنوية وهي الأقوى – يقول شحاتة - يشترك المسلمون في العقيدة والقيم والأهداف واللغة العربية «لغة القرآن»، ويتجهون نحو قبلة واحدة ليعبدوا رباً واحدا ويسيروا على نهج رسولٍ واحد, ولهم كتاب مقدس واحد ولهم كعبة واحدة, ولهم مصير واحد, وهذه المقومات لا توجد لدى أمة أخرى، فهل انتبه المسلمون إلى أهمية السوق الإسلامية المشتركة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والتي تسعى لاستنزاف أموال المسلمين، ويضيف في الفوائد «يمكن أن يكون موسم الحج مؤتمراً لمناقشة مشكلات المسلمين الاقتصادية، حيث تعاني الأمة الإسلامية عديدا من المشكلات الاقتصادية على الرغم من أن الله وهبها خيرات كثيرة لم تهب لأمة غيرها». ومن أهم هذه المشكلات التي يمكن أن تُحل يقول شحاتة «البطالة كما هو الحال في مصر والسودان واليمن وبنجلاديش، وعدم استغلال الموارد الطبيعية كما هو الحال في السودان والعراق وإيران وتركيا، ومشكلة نقص التكنولوجيا كما هو الحال في معظم دول الخليج على الرغم من توافر المال والخامات، والتنمية الاقتصادية للدول الأجنبية، ومشكلة التبعية الاقتصادية للدول المتقدمة غير الإسلامية. ويختتم قائلاً «ولا يمكن معالجة هذه المشكلات إلا من خلال روح الأخوة بين المسلمين وتحكيم شرع الله».

الأكثر قراءة