استثمار التعليم بين مهارات الاتصال ولغة اليد

لا تعد العملية التعليمية هدفا في حد ذاتها بمقدار ما هي وسيلة لتنمية أشياء أكبر في جيل ما، وربما هذه الفكرة قد يغفل عنها البعض من الممارسين لتلك العملية في المدارس، ولتكن المدارس الابتدائية والمتوسطة تحديدا، حيث مرحلة البناء وتكوين الفرد، فالتعليم لا يتوقف عند عدد الحصص أو شرح المقرر الدراسي أو قصر أو طول اليوم الدراسي، ولكن لو تكلمنا بلغة العصر الحديث لتحدثنا عما يسمى ''جودة الإنتاج''، وإن كان هذا المصطلح يستخدم غالبا في الميادين الصناعية إلا أنه أفضل ما يعبر عما يطلق عليه مخرجات التعليم بلغة التربية والتعليم، والسؤال هنا: ما هي كيفية الجيل الذي نطمح إلى تخريجه أي ما هي مواصفاته التي أعتقد أنها لا بد أن تتواكب فكريا قبل تعليميا مع العصر الحديث؟ ومهما بلغت أهمية التعليم إلا أن بناء الفكر أولا هو القاعدة الصلبة التي نستطيع بالتالي أن نغرس فيها مخزونا تعليميا عاليا جدا، ولعل الفكر الإيجابي يوصل بلا جدل إلى القدرة على استثمار التعليم استثمارا فعالا، وبالتالي استمرار العمل على تطوير الذات، ولكن السؤال المهم : كم من ممارسي العملية التعليمية والتربوية يدركون أو لنقل يعملون لإيجاد أو تعزيز تلك الفكرة ؟! ربما لا تكون لدي إحصائية يستند عليها علميا, ولكن تظل تلك الأمور من الصعب أن ترصدها الدراسات إلا من خلال استعراض النتائج لمجموعة من المراحل الدراسية, حتى نرى كيف استطاع التعليم أن يصقل شخصية الطلاب فعليا، ولكن تسجيل حالات متكررة من التمرد على الوالدين والأسرة والمدرسة, والتعدي على السلطة المدرسية من خلال حوادث وصلت حتى إلى مستوى الجريمة, أمر يثير تساؤلات حول وجود ثغرة ربما ليس تعليمية، ولكن ثغرة تربوية، فالمعلم أو المعلمة على السواء، وليكن البعض منهم وليس الكل هاجسه الأول والأخير لا يتجاوز دفتر التحضير وإنهاء الدرس، بينما الأمر يتجاوز إلى ما هو أبعد بكثير خاصة في هذا الزمن الذي تكثر فيه الانحرافات الأخلاقية وتنتشر الجريمة وغيرها، وذلك سجل على مستوى العالم ولا يدور حول مجتمع في حد ذاته. نحتاج كثيرا إلى التوجيه الأخلاقي وبناء مفهوم ديني إيجابي يقوم على الحوار ونبذ العنف, فدرس القراءة مثلا ينبغي ألا يكون فقط لكي يتقن الطالب القراءة فحسب, بل إن المناهج تحوي موضوعات تربوية يستطيع المعلم أن يبني بها الطلاب فكريا بل ونفسيا, أيضا بناء فيه تطوير لذواتهم وتغذية لشخصياتهم, ونحن أحوج ما نكون في هذا العصر إلى أن نكون لأبنائنا رصيدا من المرونة يقوم على المهارات الإيجابية للاتصال بالمجتمع بعيدا عن النقد اللاذع والانتقام والعنف ولغة اليد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي