قرارات صندوق التنمية العقارية والهجرة إلى المدن
في جلسة مجلس الوزراء الأسبوع الماضي صدر قرار مهم سيكون له، إذا ما أضيفت إليه حوافز أخرى، دورٌ كبيرٌ في التخفيف من الهجرة التي تشهدها المدن الرئيسية في المملكة، خصوصاً مدينة الرياض التي قارب عدد سكانها خمسة ملايين نسمة.
فقد وافق مجلس الوزراء على إلغاء شرط تملك الأرض عند التقديم لطلب قرض من صندوق التنمية العقارية، وتوحيد مبلغ القرض المقدم للمواطنين في مختلف مناطق المملكة من الصندوق بحيث يكون 300 ألف ريال. وكلف المجلس صندوق التنمية العقارية وضع آلية للتعاون بين الصندوق والمؤسسات المالية التجارية لمنح تمويل إضافي لمن يرغب من مقترضي الصندوق، وتحديث نظام الصندوق بما يتفق مع نظام الهيئة العامة للإسكان والأنظمة ذات العلاقة.
هذا القرار سيحقق عدة فوائد، أولاها أنه ينهي التحايل الواضح الذي يمارسه البعض لتوفير أرض لتقديمها على الصندوق مقابل مبلغ مالي، كما سيكون له دور كبير في الحد من ارتفاع أسعار الأراضي التي تقدم على الصندوق، إضافة إلى أن مساواة المدن الصغيرة بالمدن الكبيرة في مبلغ القرض ستجعل كثيراً من الناس يبحث عن أراض في المدن القريبة من المدن الكبرى، خاصة بعد الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار الأراضي في المدن الرئيسية.
وكما أنه سيكون لهذا القرار أثر محمود في قطاع الإسكان، فإنه سيكون له أثر كبير في التخفيف من حدة النزوح إلى المدن الرئيسية إذا ما ألحق به قراراتٌ أخرى تتمثل في منح سكان المدن الصغيرة، خاصة تلك التي لا تبعد كثيراً عن المدن الكبرى، حوافز ترغبهم في البقاء في مدنهم، بحيث تتحول فيما بعد إلى ضواح للمدن الكبرى، وهذه الحوافز تتمثل في تخفيض تعريفة الخدمات، خاصة تعريفة الكهرباء، وتسريع عملية الإقراض، ومنح مقترضي هذه المدن إعفاءات من قيمة القرض، وهذه الحوافز إذا ما أضيفت إلى ما تشهده هذه المدن من مشروعات تعليمية وخدمية، ومن أبرزها إنشاء الجامعات والكليات الجامعية، وما نتج عن هذا من فتح فرص عمل، فإن كل هذه الأمور ستكون مشجعة على تراجع نسب الهجرة إلى المدن الرئيسية.
أما إحدى أكبر الإشكاليات التي ستواجه الصندوق عندما يفتح أبوابه لاستقبال طلبات الإقراض، فهي مئات الآلاف من طالبي القروض، وهؤلاء وإن كان يمكن التعامل معهم عن طريق فتح باب التقديم إلكترونيا عبر موقع الصندوق على الإنترنت، إلا أن الإشكالية الرئيسية تتمثل في أن أعداد المتقدمين الجدد ستضاف إلى تلك الأعداد الكبيرة من منتظري القروض السابقين، مما سيجعل مدة الانتظار تطول كثيراً، وحل هذا الوضع لا يمكن أن يكون إلا بمضاعفة موارد الصندوق عدة مرات، وهذا أمر من الصعوبة بمكان، خاصة أن هناك أصواتا تدعو إلى زيادة القرض إلى نصف مليون ريال، وقد يغني عن هذا التحول التدريجي إلى ما أشار إليه القرار، وهو إتاحة المجال لدخول القطاع المصرفي في التمويل العقاري.
أما بالنسبة للمقترضين فمن المهم الخروج من الطريقة التقليدية في تنفيذ المساكن عبر تولي المواطن مهمة البحث عن مقاول، أو شركة مقاولات، حتى لو كانت غير مؤهلة، ويمكن حل هذا الأمر عن طريق إدراج شركات مقاولات معتمدة من قبل الصندوق، ويتم الاتفاق معها عن طريق الصندوق وتحت إشرافه، وبهذا سنحمي المواطن من الوقوع في كثير من الإشكالات التي عاناها كثير ممن تولوا الإشراف على تنفيذ مساكنهم فوقعوا ضحية عمالة غير مؤهلة، كما سنوجد مدخلا لمشاركة القطاع المصرفي في التمويل العقاري.