المصرفية الإسلامية .. هجوم في الداخل .. وترحيب في الخارج!!
المصرفية الإسلامية منبعها هذه البلاد منذ أكثر من 1400 عام، حينما نزلت آيات القرآن الكريم التي أحلت البيع وحرمت الربا .. وجاءت الأحاديث النبوية لتبين الفرق بينهما وتنظم التمويل الإسلامي بشكل دقيق، وهذه حقيقة ثابتة رغم نفي البعض وجود ما يدعى بالمصرفية الإسلامية ولا حتى الاقتصاد الإسلامي .. وإعجاب هذا "البعض" بالاقتصاد الغربي الرأسمالي .. حتى بعد فشله وانهياره الذي حصل أخيرا.
ويوم الأحد الماضي كان لكُتّاب «الاقتصادية» لقاء مفيد مع فضيلة الشيخ عبد الله المنيع الذي يعد من مؤسسي اللجان الشرعية في عدد من مصارفنا .. وقد ركز على أن المصرفية الإسلامية تقوم على الوضوح عند التعاقد والبُعد عن الغرر والغبن وبيع المجهول .. مما يعني عدم إمكانية زيادة أي مبلغ على العميل في حالة تعثر السداد .. إن كانت هناك مبررات أو ظروف قاهرة حالت دون ذلك .. بينما في حالة القروض من البنوك التقليدية يستمر احتساب الفوائد .. حتى تبلغ رقماً ربما يزيد على مبلغ القرض .. وقد أدى ذلك إلى مآس وإفلاسات كان بالإمكان تفاديها في ظل المصرفية الإسلامية.
وأشار أيضاً إلى دور المصرفية الإسلامية في تحريك الأسواق وتنمية الاقتصاد، حيث تعتمد على شراء وبيع البضائع .. ويدخل فيها نقل وتسلم وتسليم وفي ذلك تشغيل للأيدي العاملة واستئجار المستودعات واستيراد البضائع، بينما القروض التقليدية عبارة عن تداول نقدي فقط.
وعودة إلى منتقدي المصرفية الإسلامية نقول إن الحالات التي يذكرها البعض في المجالس عن تعاملات البنوك الإسلامية ليست دقيقة، وقد تأتي أحياناً عن سوء فهم .. كما يندرج بعضها ضمن الهجوم الذي تتعرّض له المصرفية الإسلامية بشكل متعمّد .. بينما الواجب رعاية هذه التجربة التي أصبحت تلقى ترحيباً في عدد من دول العالم، حيث بدأ الغرب يبحث بجدية أساليب التمويل الإسلامي، وقد تم إنشاء أقسام في بعض الجامعات الغربية لتدريس المصرفية الإسلامية وإجراء البحوث حولها.
وأخيراً: المصرفية الإسلامية صيغة تمويل عادلة بين الطرفين المتعاقدين .. ويجب أن نفخر في هذه البلاد لأننا عملنا على تطويرها وتقديمها للعالم لا أن نحمل عليها ونختلق الإشاعات والقصص لمحاربتها ومحاولة إفشالها.
كما أن على الكُتّاب وبالذات ذوو الاختصاص وأعضاء اللجان الشرعية مسؤولية كبيرة للتعريف بالمصرفية الإسلامية والحديث عنها بصوت مرتفع لبيان الجوانب المهمة في تعاملاتها التي أتوقع أن الكثيرين وأن الإعلاميين بالذات لا يعرفونها ولذا ينتقدونها .. لأن (المرء عدو ما جهل) وأحمل أيضاً المصارف الإسلامية مسؤولية عدم التوسع في نشر ثقافة التعاملات المالية الإسلامية بين أفراد المجتمع عن طريق عقد الندوات والمؤتمرات، كما أدعو إلى عقد دورات تدريبية وإنشاء أقسام تعليمية في الجامعات لتأهيل الشباب للعمل في المصارف الإسلامية عن علم وتأهيل صحيحين.
تسول على الهواء!
ظهرت أخيرا بعض الممارسات التي أستطيع أن أطلق عليها "تسول على الهواء"، وهي تقديم محتاج يوجّه مناشدة إذاعية مسموعة أو في جريدة مصورة ويدعي فيها بعضهم أنه ينام على الرصيف .. وأن لديه عائلة كبيرة أو أنه مريض .. وأنا هنا لا أعترض على مساعدة المحتاجين لكن هذا الأسلوب يركز على (من يسألون الناس إلحافاً) وتدخل فيه عوامل شخصية كثيرة، ولذا أدعو إلى أن يتم تنظيم هذه الحالات التي أصبحت ظاهرة في معظم صحفنا .. وفي بعض الإذاعات وربما تصل إلى التلفزيون .. ويمكن أن يكون التنظيم بالتنسيق مع الجمعيات الخيرية، حيث تقدم المطبوعة معلومات عن المحتاجين وتطلب دفع المساعدة لهم عبر جمعية خيرية وليس عن طريق المطبوعة وبهذا تبحث حالة المحتاج بشكل معمق بدل أن تكون اجتهادات شخصية لمن يستطيع الوصول لوسائل الإعلام.