الإعلام في ركب البطالة!
بما أن البطالة هي همنا وغمنا، ويتوقع أن تكون حاضرة بقوة كقضية وطنية على قائمة أولويات الدولة والمجتمع، لذا ثمة حاجة إلى أن نواصل الحديث الذي بدأ أمس حول التطورات التقنية الجديدة، وأثرها الإيجابي المتوقع على قطاع الإعلام، وهنا سوف أحصر الحديث في جانب قدرة الصناعة على (فتح وظائف جديدة)، وبنوعية معينة متقدمة في الإنتاج والدخل.
زميلنا الأستاذ عبد الرحمن الهزاع، الذي كان حاضرا مؤتمر (إفراء) الكبير في هامبورج، أشار في مقاله الأسبوعي في (عكاظ 12 أكتوبر)، إلى مدى نقص الكوادر الإعلامية في جوانب الإعلام السعودي المختلفة، وكان بذلك يعلّق على دراسة لأحد الباحثين في المؤتمر، لاحظت أن الدولة الناشئة يقل لديها بشكل كبير عدد العاملين في الإعلام مقارنة بعدد السكان، وزميلنا (أبو ياسر) دعا في مقاله إلى ضرورة دراسة هذا الوضع لكي نعظم تواجد السعوديين في مجال حيوي للاقتصاد وللدولة وللمجتمع.
قطاع الإعلام بكل مكوناته يحمل فرصا واعدة للوظائف، فهذا القطاع ظل لسنوات عديدة مغلقاً أمام توسع الاستثمار وتنوعه في أغلب دول الشرق الأوسط، وهذا يجعله قطاعا بكراً غنيا بالفرص الاستثمارية، خصوصاً في المملكة ودول الخليج، ويعزز ذلك النقلة في المشاريع العملاقة التي تشهدها المنطقة، وأيضا يدعمها تطور مستويات التعليم، وارتفاع القوة الشرائية، ووجود شريحة سكانية صغيرة، كل هذه عوامل مشجعة لنمو القطاع وتطوره.
نحن عندما نتحدث عن الموارد البشرية في صناعة الإعلام نحصرها فقط غالباً في جانب التحرير، ولكن ننسى أن القطاع يضم شركات التلفزيون والنشر والإعلام والطباعة والعلاقات العامة، والأبحاث الإعلامية، وإعداد وتخطيط الحملات الإعلامية، وأيضاً شركات إدارة المؤتمرات والمناسبات، وتبرز الآن شركات الإعلام الجديد، والمحتوى البصري الرقمي. وهذه المجالات السابقة لا نقول إن تواجد الموارد البشرية فيها قليل، بل هو (مخجل) للقطاع وللحكومات!
هذا القطاع قادر على توليد آلاف الوظائف في بضع سنوات إذا تكاتفت جهود وزارات الإعلام والعمل والتجارة، ودخلت معها الجامعات وصناديق الإقراض، وتم تبني مشروع وطني يبدأ بإعادة تنظيم الرخص التجارية الممنوحة لمئات المؤسسات لتصحيح أوضاعها ومجالات عملها، فقد تغير المشهد الإعلامي بشكل كبير، فالرخص ما زالت لا تفرق بين (الخطاط)، أي الذي يعد اللوحات للشوارع، ومجالات الإنتاج الإعلامي الجديد.
أيضاً هذا المشروع .. الجامعات ومؤسسات الإقراض لها دور في إنعاشه عبر (إنشاء حاضنات الأعمال)، فلدينا الموارد البشرية التي يستهويها هذا القطاع بالذات الجيل الجديد الذي تنقصه المهارات الإدارية والمالية الضرورية، لإطلاق المشاريع الصغيرة، أي أننا لا نريد فقط موظفين، بل نتطلع إلى فتح المجال لإيجاد جيل (عصامي) يوسع قاعدة المؤسسات والشركات العاملة في القطاع، وهذا سوف يؤدي على المدى البعيد إلى إطلاق شركات تكون نواة البنية الأساسية الضرورية.
ربما من المفيد أن أقترح هنا على (جامعة الملك سعود) أن تتبنى حاضنة للأعمال في الوادي التقني الجديد، فنحن نحتاج إلى (خطوة عملية صغيرة) وعاجلة، لكي تتزامن مع الجهود الحكومية التي نتطلع إليها لإعادة ترتيب القطاع، هذا على افتراض أن يكون في الحكومة مَن لديه الرغبة والحماس للتصدي لهذا المشروع الكبير.