لا تعلِّقوا الآمال.. فالتمويل جزء من الحل!

كَثُر الحديث عن التمويل الإسكاني والعقاري وكأنه الحل السحري لمشكلة الإسكان لدينا، حتى إن محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي شدد في حديث له الأسبوع قبل الماضي على أهمية الإسراع في إقرار أنظمة الرهن العقاري التي لا تزال على طاولة مجلس الشورى.
مما لا شك فيه أن القدرة الشرائية لدى الغالبية العظمى من الأسر السعودية المستأجرة أو المتكونة حديثاً؛ ضعيفة، بل ضعيفة جداً، عند مقارنتها مع أسعار الوحدات السكنية المعروضة في سوق الإسكان (سواء كانت الفيلات أو الدوبلكسات حتى الكثير من الشقق السكنية)، ولكن السؤال الأهم هو: "ما نسبة الأسر السعودية التي يُمكِّنها دخلها من الحصول على تمويل يغطي أسعار المنتجات الإسكانية المعروضة اليوم في سوق الإسكان؟". أنا لا أملك البيانات الدقيقة عن عدد هذه الأسر أو حتى عن نسبتها من إجمالي أعداد الأسر المستأجرة أو المتكونة حديثاً والراغبة في امتلاك مسكن، ولكني أكاد أجزم بأنها لا تمثل سوى جزء صغير من عدد الأسر ذات الدخل المتوسط، وسيبقى غالبية الأسر ذات الدخل المتوسط والأسر ذات الدخل المنخفض جميعها خارج نطاق الاستفادة من التمويل الإسكاني المنتظر.
لذا يلزم التنبه إلى أن مشكلة الإسكان ليست مشكلة تمويل فقط، بل هي مشكلة منتجات إسكانية أيضاً.
إن تكلفة غالبية المنتجات الإسكانية المتأثرة بضوابط تخطيط الأراضي السكنية واشتراطات بناء المساكن - إن لم تكن جميعها – تفوق المقدرة المالية للأسر السعودية الشابة أو المستأجرة. ويرجع ذلك إلى كون الضوابط والاشتراطات البلدية المعمول بها في الوقت الراهن تؤدي إلى تحديد شكل المنتج النهائي للوحدة السكنية وحجمها ومساحتها، وتنتج مساكن كبيرة بتكلفة مرتفعة، وتجعل بناء وحدات سكنية مستقلة وصغيرة غير ممكن.
إن التمويل الإسكاني لن يكون ذا جدوى ما لم يسبقه توافر تنوع في المنتجات الإسكانية مشتمل على مساكن مستقلة صغيرة وميسرة، تتوافق تكلفتها مع دخل الأسر السعودية وإمكاناتها المالية. إن سعر غالبية الوحدات السكنية المستقلة من الفيلات والدوبلكسات المعروضة للبيع، خصوصاً في المدن الرئيسية يزيد على المليون ريال. ومسكن هكذا تكلفته لا تستطيع امتلاكه إلا أسرة دخلها الشهري يقارب الـ20 ألف ريال. فكم أسرة سعودية مستأجرة أو متكونة حديثاً يبلغ دخلها 20 ألف ريال؟إن تمكين الأسر السعودية من امتلاك مسكنها، من أجل تحقيق أهداف الخطة الاستراتيجية بعيدة المدى للاقتصاد السعودي، والساعية إلى رفع معدل ملكية المساكن لدى المواطنين إلى نحو (80 في المائة) بحلول عام 45/1446هـ؛ يتطلب منا جميعاً العمل بخطة واضحة لتوفير أنواع من الوحدات السكنية المستقلة التي تقل تكلفتها عن 500 ألف ريال.
ونظراً لأهمية الموضوع فسأعود إليه- إن شاء الله- بمقال آخر يناقش ما يجب علينا عمله قبل صدور أنظمة التمويل والرهن العقاري المنتظرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي