دراسة تدعو لإنشاء شركات إعادة تأمين إسلامية للحد من المنافسة غير الشريفة
دعت دراسة متخصصة قطاع التأمين إلى ضرورة إنشاء شركات إعادة تأمين إسلامية مؤهلة لتوفير خدمات إعادة التَّأمين لكل شركات التَّأمين الإسلامية بهدف الاستغناء التَّدريجي والمرتب عن شركات إعادة التَّأمين التِّجارية.
ودعت الدراسة التي أعدها الدكتور السَّيد حامد حسن نائب المدير العام لشركة البركة للتَّأمين، المقرر عرضها خلال الملتقي الثاني للتأمين الذي تنطلق أعماله بعد غد (الأربعاء) في الرياض بتنظيم من الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل، إلى ضرورة إظهار الفارق بشكل واضح في ممارسة التَّأمين الإسلامي شرعياً، وسلوكياً، وفنياً، ومالياً، وإدارياً، وتشريعياً، وابتكاراً بدلاً عن التبعية المطلقة للتَّأمين التِّجاري، وتفعيل دور هيئات الرقابة الشَّرعية والاستفادة منها لأقصى درجة، وتزكية روح التَّقارب بين أعضائها والكوادر المسؤولة عن الأعمال الفنية، والمالية، والإدارية في الشَّركة.
يشار إلى أن الملتقي الثاني للتأمين التعاوني، الذي سيعقد في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات في فندق الإنتركونتننتال - الرياض، سيناقش عددا من الموضوعات الجوهرية في قطاع التأمين وعلى رأسها التكييف الفقهي للتأمين التعاوني والفروق المؤثرة بينه وبين التأمين التجاري وطرق التصرف في الفائض التأميني وكيفية توزيعه وضوابط احتسابه، كما أنه من المقرر أن يبحث المشاركون في الملتقى الذين حضروا من داخل المملكة وخارجها عددا من المسائل المتعلقة بقضايا التأمين، مثل: التحفيز بالفائض التأميني، العجز التأميني وكيفية تغطيته، استراتيجيات التأمين التعاوني المستقبلية، الصيغ التطبيقية للتأمين التعاوني، تجارب التصرف في الفائض التأميني، إضافة إلى مشكلات التأمين التعاوني وحلوله.
وعودا إلى الدراسة فقد أوضح الدكتور السَّيد حامد أنَّ مِلاكُ الأمر هم رأس الرمح لإنجاح أعمال التَّأمين الإسلامي، داعيا إلى أن يكون على سدة الهرم التَّنفيذي شخصيات تتحلى بحسن الخلق ورح التَّدين وسمت الصَّالحين، إضافة إلى إلمامهم بالجوانب الفنية والشَّرعية، مع ضرورة توافر القناعة التَّامة لدى المسؤولين والعاملين في شركات التَّأمين الإسلامية بأن العمل في هذه الشَّركات عبادة، وأنَّ الهدف من وراء إنشائها هو تقديم خدمة مميزة من منطلق قضاء حاجة أخيك المسلم وليس الربح والفائض وكذلك النَّأي عن المنافسة غير الشريفة.
الاهتمام بالتدريب ومعايير النجاح
دعا السيد حامد إلى ضرورة رفع درجات التَّأهيل الشَّرعي، والفني، والمالي للعاملين في حقل التَّأمين الإسلامي، ووضع معايير مختلفة لقياس أداء ونجاح شركات التَّأمين الإسلامي؛ فبدلاً عن الاهتمام بمعدلات النُّمو المتمثلة في الزِّيادة السَّنوية للأقساط، والفائض التَّأميني، أوصى بالاهتمام بجوانب أخرى كمقدار، أو عدد، أو نسبة المطالبات الَّتي تم سدادها دون تعقيدات أو نزاع بما في ذلك أعمال التحكيم والمحاكم، والمدى الزَّمني لسداد المطالبات، ابتكار منتجات جديدة ذات مردود تكافلي واضح، نشر الوعي وثقافة التَّأمين، كما حث على سن التَّشريعات الَّتي تنظم صناعة التَّأمين الإسلامي، والإبقاء على اسم التَّأمين الإسلامي وليس التَّأمين التَّعاوني، لأن التَّأمين التَّعاوني موجود في الغرب وبأسس غير الَّتي يعمل وفقا لها التَّأمين الإسلامي، وإطلاق اسم التَّأمين العام على تأمين الممتلكات، والتَّكافل على تغطيات الأشخاص، وذلك بدلاً عما هو متداول في بعض التَّجارب بالتَّكافل العام والتَّكافل العائلي.
ابتكار طرق وأساليب تسويقية
طالبت توصيات الدراسة بتأسيس الهيئات ذات الصَّلة بصناعة التَّأمين الإسلامي لتعمل وفق المنهج الإسلامي كهيئات سمسرة التَّأمين ومكتتبي التَّأمين، وأن تعمل الدَّولة على إلزام المستثمرين الأجانب بإبرام التَّغطيات التَّأمينية المطلوبة من شركات التَّأمين المحلية لاسيما تأمين الممتلكات، وذلك بسبب أن هذه الممتلكات يتكون منها النَّاتج القومي للدولة، كما نادت بضرورة تناسب المجتمع الَّذي يتألف من فئات وقطاعات متنوعة ومتفاوتة ومتباينة في الحاجات والفهم، وأن تُلِزم الدولة عبر أجهزتها المختصة كل أصحاب الأعمال الَّتي تتطلب تراخيص، أو إجراءات من: إذن، أو سماح، أو تصديق لمزاولة أي عمل، بإرفاق التَّغطيات التَّأمينية المناسبة، لأنَّ هذه الأعمال ـ على حد قول الباحث - يمثل مجموعها ثروة المجتمع وهي النَّاتج القومي للمجتمع الَّذي ينبغي المحافظة عليه وإن كان أصل هذه الأعمال مملوكا للأفراد.
بث الوعي التَّأميني
في الجانب التوعوي دعت الدراسة إلى ضرورة أن تهتم الدَّولة بالتَّأمين وتعمل على تشجيع خدماته، باتباع التدابير الكفيلة بذلك حيث عّدد كثيرا من الأمثلة في هذا الجانب كتطبيق عمل نظام الإجراء السريع Fast Track ، وإعطاء الأولوية في الحصول على التَّمويل، أو الخدمة الَّتي يتنافس فيها النَّاس لمن أبرم تغطية تأمينية على التَّمويل أو الخدمة المعنية، وأن تمنح السَّلطات الضَّريبية خصما من قيمة الفئة الضَّريبية المستحقة على المكلف وذلك بحط مقدار أقساط التَّأمين الَّتي دفعها المكلف على الإنتاج، أو الأعمال، أو الشَّيء الَّذي يعتبر مكوناً، أو من مكونات الوعاء الضَّريبي، وسرعة وسلاسة معاملة حاملي بطاقات التَّأمين الصِّحي في كل مراكز ومستويات الخدمات الطِّبية، وتخفيض العوائد المستحقة على المنازل والأبنية المختلفة بنسبة 50 في المائة في حالة تأمينها ضد مخاطر الحريق والأخطار التابعة، وتخفيض رسوم الترخيص بنسبة 30 في المائة، أو 40 في المائة، أو50 في المائة، أو بقيمة قسط التامين ضد الحريق والأخطار التَّابعة، إن كان العقار ثابتا، أو منقولا نحو مبنى يرخص لمدرسة أو مقرا لمؤسسة..إلخ، أو أن تكون المركبة المراد ترخيصها قد تم تأمينها تأمينا شاملا، ويزاد المبلغ المخفض إذا اشتمل التَّأمين الشامل على تأمين الأشخاص وأعمال الشغب، وكذلك إعفاء الشَّخص الَّذي يحمل عقد تكافل طويل الأجل من ضريبة الدَّخل الشَّخصي بنسبة مثلا 25 في المائة إذا كان عقد التَّكافل للحماية فقط، و50 في المائة إذا كان عقد التَّكافل المعني للحماية والادخار، وتخفيض الرسوم الدَّراسية للطلاب الَّذين أصدرت لمصلحتهم تغطيات التَّكافل لحماية مصروفات التَّعليم من قبل أولياء أُمورهم.
شح خدمات إعادة التَّأمين الإسلاميَّة
أشارت الدراسة إلى واقع صناعة التَّأمين الإسلاميَّة اليوم، التي وصفتها بأنها تعانى من الشركات المبنية على أحكام الشَّريعة الإسلاميَّة، وأضافت أن هكذا مشكلة لا تُحل إلا بقيام مؤسسات إعادة تأمين إسلامية تفي بحاجة شركات التَّأمين المباشر من خدمات إعادة التَّأمين، لأنَّ شركات الإعادة الإسلاميَّة ـ بحسب الدراسة - ستكون ذات مقدرة مالية وفنية عالية مقارنة بشركة التَّأمين المباشر.
ونبه الباحث إلى قلة عدد هذه الشركات قائلاً: «القائم من شركات إعادة التَّأمين الَّتي أسست على أحكام الشَّريعة الإسلاميَّة لا يتعدى أصابع اليَّد الواحدة، وهذا ما حدا بشركات إعادة التَّأمين العالمية غير الإسلاميَّة لأن تنشئ وحدات إسلامية تقدم إعادة التَّأمين والتَّكافل وفق المنهج الإسلامي لشركات التَّأمين الإسلاميَّة، حيث قامت كبرى الشَّركات العالمية بإنشاء هذه الوحدات وهي: شركة ميونخ ري، وشركة هانوفر ري، وكلتاهما ألمانية، ثم شركة سويس ري وهي شركة سويسرية».