ضرورة الحل الشامل لأزمة الجمعيات الخيرية والإغاثية
وقد بدأت هذه الحملة ضد الجمعيات الخيرية والإغاثية بعد أن تم إعلان عدد متزايد من المنظمات الإسلامية على قائمة الإرهاب فصار تمويلها جرماً وصار تأثيم نشاطها فرضاً ملحاً على الدول الإسلامية. هكذا تصادمت الدوافع السياسية مع واقع إسلامي تتداخل فيه اعتبارات دينية وإنسانية عميقة. فالإسلام أمر بالصدقة والإحسان والبذل والإنفاق في سبيل الله، والمنظمات الخيرية والإغاثية هي التي تتلقى الأموال وتسارع بها لنجدة المحتاجين فقراً وعوزاً وحاجة أو بسبب الكوارث الطبيعية التي أصبحت عمليات الإنقاذ فيها هي الأخرى تكتنفها غايات سياسية. فالحكومات الإسلامية تفرض قيوداً على بعض الجمعيات التي تخطر بأنها تمارس أنشطة إرهابية أو تمول هذه الأنشطة فتعطل هذه التعليمات مصالح إسلامية مشروعة كما تخلق حالة من الضياع عند الجمهور الذي يريد أن يساند أنشطة هذه المنظمات ويبقى الخلاف على مدى شرعية نشاطها قائماً بين الولايات المتحدة والحكومات الإسلامية والجمهور الإسلامي. وعلى سبيل المثال فإن الولايات المتحدة وضعت على قائمة الإرهاب بعض المنظمات الإسلامية الأهلية ذات الأنشطة الدولية التي تقوم بتقديم العون للمحتاجين من الأقليات الإسلامية وبناء المدارس والمساجد ونشر الدعوة ورعاية هذه الأقليات، مما أثار جدلاً حاداً بين هذه الحكومات والولايات المتحدة على أساس أن هذه الحكومات هي التي ترعى هذه المنظمات، والأمثلة لا تقع تحت حصر ولا حاجة إلى ذكر الأمثلة حتى لا تشيع الإساءة إلى هذه المنظمات وهي تقوم بعمل إسلامي نبيل ولكنها تتعرض لمؤامرة كبرى ليست فوق مستوى الشبهات، خاصة أن واشنطن تمكنت من استصدار قرارات من مجلس الأمن عقب أحداث 11 أيلول (سبتمبر) تجعل تدخلها وفق هذه القرارات يبدو مقبولاً بحكم الجرح الذي أصابها في هذه الأحداث، على الجانب الآخر فإن منظمات المقاومة الفلسطينية، وخاصة ''حماس'' و''الجهاد'' وضعت على قائمة الإرهاب وهذه المنظمات تقوم برعاية أسر الشهداء وأعمال البر مما دفع الحكومات الإسلامية نفسها إلى تخصيص صناديق مالية لدعم انتفاضتها قبل أن تتصدى إسرائيل والولايات المتحدة لهذا التيار، ثم حدث انقسام بين ''فتح'' و''حماس'' فنظر إلى دعم ''حماس'' من زاوية معينة على أنه تمييز ضد ''فتح'' وعلى أن ''حماس'' كلما قويت ضعفت احتمالات المصالحة الفلسطينية. هذا الاعتبار ينطبق على كل منظمات المقاومة العربية، ولذلك لا مفر من أن تقوم الحكومات الإسلامية بدراسة المسألة لتصل إلى حل يوفق بين تدفق أنهار الخير وبين شرعية أوجه الإنفاق مع تفادي الاعتبارات السياسية الدخيلة والنظر إلى المصارف الشرعية وفق تعاليم الإسلام.