جمعية خيرية يديرها ستة أشخاص!

هل يمكن أن تدار جمعية خيرية تقدم خدماتها لأكثر من 700 مريض يعانون مرضا مزمنا يحتاج إلى رعاية مستمرة بجهاز إداري لا يتجاوز عدد أفراده ستة أشخاص؟
كثير من الناس, خاصة من يرون الأعداد الكبيرة من العاملين في بعض الجمعيات الخيرية, يقول باستحالة هذا الأمر، لكن حينما يعلم أن هذا الأمر موجود فعليا في جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي (كلانا) يدرك أن حُسن الإدارة قادر على تقليص الطاقم الإداري في سبيل صرف كل الجهود والأموال التي تصل إلى الجمعية على الهدف الأساس الذي من أجله قامت الجمعية. إن مما يؤسف له أن نرى عديدا من الجمعيات تُنشأ لهدف خيري ويقبل الناس على التبرع لها ثم تتوسع في موظفيها ومبانيها، ومع مرور الأيام يتقلص ما ينفق على الهدف الذي قامت من أجله الجمعية لمصلحة مصروفات إدارية تستنزف معظم ميزانية الجمعية، وهذا أمر استطاعت بعض الجمعيات الخيرية تفاديه عن طريق الأخذ بالفكر الإداري الحديث القائم على بناء شراكات مع الأجهزة الحكومية ومؤسسات المجتمع ليناط بهذه المؤسسات أدوار تسهم في عمل الجمعية دون أن تثقل كاهلها بمصروفات إدارية مرهقة.
جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي (كلانا) استطاعت رغم قصر عمرها، ورغم ثقل المهمة التي تحملها, تحقيق إنجازات عديدة تمثلت في إطلاق برنامج رعاية غسيل دموي لمرضى الفشل الكلوي المحتاجين, وهو برنامج خدم منذ انطلاقه في الأول من المحرم 1428هـ أكثر من 700 مريض من السعوديين وغير السعوديين الذين يصابون بالمرض خلال إقامتهم في المملكة، بتكلفة سنوية قدرها ثمانون مليونا و500 ألف ريال، كما وقعت الجمعية 28 اتفاقية مع عدد من الجمعيات الخيرية تسعى إلى رفعها إلى 40 اتفاقية لتشمل خدمات الجمعية جميع مناطق المملكة.
إن عظم المهمة الملقاة على عاتق الجمعية يدركها من يعرف أن تكلفة علاج المريض الواحد وتتحملها الجمعية تصل إلى 115 ألف ريال سنويا، إضافة إلى ما ينفق على العمليات المصاحبة للغسيل من أدوية وغيرها.
ومعاناة مريض الفشل الكلوي لا يدركها إلا من مر بهذه التجربة، أو عايش مريضاً مصاباً بهذا المرض، وتزداد المعاناة حينما يكون المصاب بهذا المرض من غير القادرين على نفقات الغسيل الكلوي وقيمة الأدوية وتكاليف النقل والرعاية الطبية الطارئة.
كما يمكن أن ندرك حجم المشكلة إذا عرفنا أن كل مريض بالفشل الكلوي يحتاج إلى الغسيل ثلاث إلى أربع مرات في الأسبوع وتكلفة الغسيل 1200 ريال للمرة الواحدة، وكل هذه التكاليف تتحملها الجمعية عبر اتفاقات أجرتها مع عدد من المستشفيات والمراكز الطبية التي تتوافر فيها أجهزة غسيل كلوي.
إن مما يؤسف له أن مرض الفشل الكلوي الذي يعانيه الآن أكثر من 11 ألف مصاب يتزايد بنسبة 9 في المائة، ما يحتاج إلى مضاعفة الجهود لمواجهة هذه الزيادة، ولهذا قامت جمعية (كلانا) بالاشتراك مع شركاء الجمعية من الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة والخاصة بإطلاق حملة توعية عن المرض وأسبابه وطرق الوقاية منه وطرق علاجه وأهمية التبرع, إضافة إلى جهود الجمعية في رعاية مرضى الفشل الكلوي، وهذه الجهود تحتاج إلى مساندة من المجتمع مواطنين ومقيمين.
ولهذا, فلعل أبسط مساهمة في مساعدة مرضى الفشل الكلوي هو إرسال رسالة جوال في كل شهر، بل وكل عيد إلى الرقم 5060، لتكون مساهمة مأجورة ــ إن شاء الله ــ في هذا العمل الخيري الذي يدرك أهميته كل إنسان يشاهد أو يسمع عن معاناة مرضى الفشل الكلوي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي