توعية مجتمعية بجميع الاتجاهات .. هل من مستجيب؟

نشطت في الآونة الأخيرة جهود الأجهزة والمؤسسات الحكومية، بما في ذلك مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني والكتاب وقادة الرأي في بلادنا، المرتبطة بتوعية أفراد المجتمع كافة، بكيفية التعامل الأمثل والآمن مع عدد من الأمور المهمة في حياتنا، بهدف تجنيبهم من أن يكونوا عرضة للمتاعب أو للمشاكل، نتيجة للتفريط وعدم الالتزام بأساسيات الاستخدامات والتعاملات السليمة مع تلك القضايا.
من بين جهود التوعية المجتمعية، التي رصدتها وشدت انتباهي خلال الفترة الماضية، مناشدة وزارة المياه والكهرباء المواطنين والمقيمين، عبر وسائل الإعلام المحلية، بضرورة الترشيد والاقتصاد في استهلاك المياه والكهرباء، ولا سيما أننا نعيش هذه الأيام موسم صيف حارا للغاية، سيضاعف من الاستهلاك والطلب على المياه والكهرباء بشكل كبير، مما سيؤثر سلباً بشكل أو بآخر في قدرة شركة الكهرباء وشركة المياه الوطنية، المرتبطة بتلبية حاجاتنا اليومية من المياه والكهرباء بالشكل المطلوب، وبالذات في ظل الإسراف الملحوظ والملموس من قبل أفراد المجتمع لدى استخدامهم هذين الموردين النادرين، الأمر الذي أكدت عليه الوزارة من خلال حملاتها التوعوية والترشيدية المختلفة في أكثر من مناسبة، عندما أشارت على سبيل المثال، إلى أن الاستحمام لمدة عشر دقائق، يتسبب في إهدار أكثر من 180 لترا من المياه الصالحة للشرب، مطالبة المواطنين والمقيمين في هذا الخصوص، بضرورة استخدام أدوات ترشيد المياه، مثل تركيب الدش المرشد، الذي لا تزيد تكلفته على ثمانية ريالات، ولكن يمكن بواسطته تخفيض استهلاك المياه المخصصة للاستحمام بنسبة 30 في المائة، كما ناشدت الوزارة ربات المنازل باستخدام غسالات الملابس، ذات التعبئة الأمامية، لكون ذلك سيوفر نحو 40 في المائة من استهلاك المياه والكهرباء.
الهيئة العامة للغذاء والدواء منذ إنشائها في عام 1424هـ وهي تقوم بأداء مهام جليلة، ترتبط بسلامة الغذاء والدواء، بما في ذلك سلامة الأجهزة والمستحضرات الطبية المستخدمة، ولضمان تحقيق ذلك، فقد حذرت المستهلكين من المواطنين والمقيمين في المملكة في أكثر من مناسبة عبر وسائل الإعلام المحلية المختلفة، من عدم استخدام عدد من المنتجات الغذائية، بما في ذلك الأدوية والأجهزة والمستحضرات الطبية، المخالفة للشروط والواصفات، أو التي تشتمل على مواد ضارة بالاستخدام الآدمي، ولعلي أذكر في هذا الخصوص، التحذير الأخير الصادر عنها بعدم استخدام أنواع من الأكواب الورقية التي تباع في الأسواق المحلية، المستخدمة في المشروبات، إضافة إلى تحذيرها من عدم استخدام القهوة سريعة التحضير نسكافيه، بسبب احتمالية تلوثها بقطع صغيرة من الزجاج نتيجة لتعرض العبوات للشرخ أثناء عملية النقل والتسليم.
البنوك السعودية أطلقت أخيرا وبالتحديد بتاريخ 21 حزيران (يونيو) 2010، حملة توعية لعملائها من المواطنين والمقيمين تحت عنوان: (مرتاح البال)، استرعت من خلالها انتباههم، إلى الاستخدامات الآمنة والمثلى والسليمة للقنوات المصرفية الإلكترونية المختلفة، إضافة إلى البطاقات المصرفية والبطاقات الائتمانية، من خلال اتباع نصائح وإرشادات في غاية البساطة والسهولة، لكنها ذات فاعلية وأهمية كبيرة، في تحقيقها لأقصى درجات الحماية والأمان والمرونة للعملاء عند استخدامهم لتلك القنوات والبطاقات المصرفية، وتجنيبهم من أن يكونوا عرضة ـ لا سمح الله ـ لعمليات نصب أو احتيال مصرفي أو مالي، نتيجة مثلا لإفشائهم معلوماتهم الشخصية أو بياناتهم المصرفية والمالية للآخرين، أو نتيجة مثلا لاستجابتهم لرسائل أو لنداءات مجهولة تصدر عن أفراد أو مؤسسات وهمية أو غير نظامية أو غير مرخص لها، بسداد أو منح القروض المصرفية.
الكاتب عبد الله باجبير من خلال عموده اليومي (مع قهوة الصباح) في صحيفة ''الاقتصادية'' في العدد 6106، قدم عددا من النصائح للمسافرين إلى خارج البلاد، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، ضرورة المحافظة على جواز السفر وعدم تسليمه لأي جهة كالفنادق، والشقق المفروشة، لكون ذلك سيحمي الجواز من أن يكون عرضة للسرقة أو للنسخ أو للتزوير. ومن بين النصائح أيضاً التي قدمها الكاتب المذكور للمسافرين، عدم حملهم مبالغ نقدية كبيرة أثناء سفرهم إلى خارج البلاد، واستعاضتهم عن ذلك باستخدام بطاقات الصراف الآلي الدولية، بما في ذلك البطاقات الائتمانية، كبديل عن حمل النقود.
دون أدنى شك أن جهود التوعية، التي تقوم بها وتنفذها الأجهزة الحكومية، ومؤسسات القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، بما في ذلك الكتاب والصحافيون، الرامية إلى رفع مستوى وعي أفراد المجتمع بالتعاملات الآمنة والسليمة عند مباشرتهم لأمور حياتهم المختلفة، هي محل تقدير واحترام الجميع، باعتبارها خطوة على المسار التوعوي الاستهلاكي الصحيح، ولكن لأن تتوج تلك الجهود بالنجاح والتوفيق، لابد من أن تتكاتف معها جهود جميع أفراد المجتمع، من خلال التفاعل معها، والاستجابة إلى جميع تعليمات وإرشادات التوعية، التي تصدر عن تلك الجهات، لكونها ستعمل بنهاية المطاف على الارتقاء بأداء المجتمع وتجنيبه من أن يكون عرضة للمشاكل وللمخاطر وللصعوبات، ولعلي أستشهد في هذا الخصوص، بنظام ساهر المروري، الذي ومنذ أن تم تطبيقه في بعض مدن المملكة، قد أسهم بشكل كبير في انخفاض معدلات حوادث المرور والإصابات بما في ذلك معدلات الوفيات، حيث على سبيل المثال بعد تطبيق النظام، قد انخفض عدد الحوادث من 14094 حادثا إلى 10384 حادثا، وانخفضت الإصابات نتيجة للحوادث المرورية، من 249 إصابة إلى 110 أو ما يعادل نسبته نحو 56 في المائة، وانخفضت الوفيات من 37 حالة وفاة إلى 20 حالة وفاة أو ما يعادل نسبة انخفاض بلغت نحو 46 في المائة، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي