أبشروا بالسكن ولكن إذا ...

لا ريب أن الحلم لدى عامة الناس وخاصتهم هو أن يعيش الإنسان مع أسرته في منزل يمتلكونه، إذ إن امتلاك المنزل يعد واحداً من أساسات العيش والاستقرار، فالسكن أحد أهم المطالب التي ينشدها الفرد ذكراً كان أو أنثى ويسعى نحو امتلاكه لكي يضطلع بباقي شؤون حياته. ونحو هذا المطلب تأتي خطط التنمية الحكومية لشعوبها متفقة مع هذا المبدأ لإدراكها أهمية هذا الجانب في حياة الفرد والمجتمع. وتحقيقاً لهذه الأهمية طالعتنا خطة التنمية السعودية التاسعة التي أقرها مجلس الوزراء الموقر يوم الإثنين 9 آب (أغسطس) 2010م باحتوائها على تركيز مستحق في هذا الجانب، وهو موضوع الإسكان. ومما ورد فيها في مجال تطوير الخدمات البلدية والإسكان أن الخطة تستهدف إنشاء مليون وحدة سكنية بواسطة القطاعين العام والخاص لمواكبة 80 في المائة من حجم الطلب المتوقع على الإسكان خلال سنوات الخطة الخمس 2010م إلى 2014م، موزعة على مناطق المملكة المختلفة، وكذلك إنفاق أكثر من 100 مليار على هذا القطاع بزيادة على المخصص في الخطة الثامنة قدرها 64 في المائة والسعي إلى توفير نحو 266 مليون متر مربع لإقامة المشاريع السكنية المتوقع تنفيذها خلال مدة الخطة. وهذا كله بلا شك أمر واحد، أي الإسكان، من خطة تنمية واسعة الشمول نحو الارتقاء بمستوى الفرد السعودي في حياته وتحسين ظروف معيشته. غير أن تركيزنا هنا على جزئية الإسكان، حيث تمثل واحدة من المعضلات التي لا تحتاج إلى تشخيص مدرك ليتعرف على ظهورها في الاقتصاد والمجتمع السعودي. وفي تقديري أن السبب في وصولنا إلى أن تكون لدينا أزمة في الإسكان أن جميع الأطراف ذات الصلة تعاني مشكلات جوهرية، سواء أصحاب الأراضي «العقاريين»، أو«الممولين» كالصندوق العقاري، أو شركات القطاع الخاص لموظفيها مثلاً، أو البنوك التجارية، أو«البيئة التشريعية والنظم» التي تحكم العلاقة بين الطرفين، المستفيد من السكن وتلك الجهة أيَّاً كانت، والتي تمثل طرفاً ثانيا من ممول أو عقاري أو غيره. إن بناء 250 ألف وحدة سكنية سنوياً والوصول إلى مليون وحدة ليس بالأمر الهيِّن أبداً في ظل هذه المعطيات الحالية، لكنه أيضاً ليس بالأمر الصعب إذا ما أخذ بضبط كل الأمور المتعلقة بأصحاب العلاقة التي ذكرت آنفاً. فلو كان المموِّل موجوداً في ظل عدم تنظيم للأراضي والعقاريين لفشلت جهود الممولين، ولو ضاعت حقوق الممولين لفشلت جهود العقاريين، وهكذا. بالطبع هذا سوق مفتوح أي السوق العقاري ويخضع لعوامل العرض والطلب، لكن جزءاً كبيراً من هذه المحافظ العقارية أو الأراضي بالأحرى يجب أن يفرض عليها أدنى درجات التنظيم من تهيئة لبنية أساسية وغيرها , فمن غير المعقول أن يشتري الإنسان قطعة أرض يساوي مترها، أكثر من ألف ريال دون وجود غير أسفلت مصطنع ونخلة زرعت للتجميل وقت البيع وأصبحت الآن هشيما. وليست هذه هي فقط كل مشكلات الأراضي، بل أوردتها كمثال فقط. وهكذا أيضاً للممولين، فالبنوك تفرض تكاليف تمويل على أساس مستوى مخاطر غير مقبولة وكما لو كان المقترض غير مكتسب وعلى الطرف الآخر فالبنك يقوم برهون بطرق ملتوية نظراً لأن البيئة التشريعية لا تتيح له ذلك النوع من النشاط. المهم في الأمر أن الإسكان وللوصول إلى هذا الرقم الكبير في سد حاجة 80 في المائة من حجم الطلب مثلما ورد في الخطة، يحتاج إلى جدية في التطبيق ومراجعة لكل نظم أصحاب العلاقة فيه، ومن ثم الأخذ بأساليب إنجاح هذه الطموحات لكل الأطراف تلك لكي نصل إلى تحقيق الرؤى النبيلة التي تتأملها حكومتنا الرشيدة ولكي يصير الحلم بليلى واقعا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي