إنني لست محبوبا

عندما يقول أحدهم تلك العبارة فإن ذلك يعني أنه يعتقد أنه ليس جديرا أن يكون محبوبا، وهو مفهوم سلبي عن الذات يتعلق بتلك السمة، وإذا حاول البعض مساعدته لبناء مفهوم إيجابي عن الذات يتعلق بتلك السمة فسيكون الأمر بالغ الصعوبة لأنه سيتعارض مع المفهوم السلبي عن الذات الموجود بالفعل، ولكونه لا يعلم إن كان محبوبا أم لا، فإنه عادة يسأل غيره التوكيد وحتى عندما يحصل على ذلك التأييد من الآخرين فإنه لا يستمر طويلا لأنه لا يعرف سبيلا لاختزان تلك المعلومات.
إن الاستماع إلى تأكيد من طرف خارجي يشبه تلقي المياه داخل منخل، فهي تتساقط من بين ثقوبه وتضيع، لذا فإنه من المحتمل أن يعيد طرح السؤال بعد وقت قصير، وغالبا ما يصفه الآخرون بأنه لا يشعر بالأمان أو في احتياج دائم للغير أو تابع عاطفيا، وفي هذه الحالة يصبح من الملائم أن نتعلم كيف نحول سمة مضطربة أو سلبية في مفهوم الذات إلى سمة إيجابية.
إن أغلبية الناس الذين يحاولون بناء إحساس أكثر إيجابية عن أنفسهم يجدون الأمر مجهدا جدا، لأن شعورهم السلبي تجاه أنفسهم يعترض طريق ذلك، وهذا يشبه قليلا محاولة إزاحة صخرة ضخمة مثبتة بقوة إلى الأرض، قد يعود ذلك إلى نقص مواردهم اللازمة للتعامل مع الأمر، وأي شيء سيكون صعبا إذا لم تكن تعلم ماذا ستفعل أو كيف تفعله.
يحتاج الأمر بداية إلى تفهم العالم الداخلي لهذا الشخص حول كلمة "محبوب"، وما هي معاييره لهذه السمة، وفي الغالب سنجد أنها ستكون معايير بالغة الارتفاع وبصورة مثالية، فقد يعتقد البعض مثلا أنه ليس شجاعا لأن كلمة "شجاعة" بالنسبة له لا تتحقق إلا بالانتصار في مواجهة دامية باستخدام يد واحدة، ثم يفحص جميع مواقفه فلا يجد منها ما يماثل ذلك، وفي هذه الحالة يكون الحل بالتخفيف قليلا من تلك المعايير وجعل تعريف الكلمة فضفاضا بعض الشيء بحيث تصبح هناك مواقف وذكريات أكثر توافقا مع المعنى، فقد تعني الشجاعة مجموعة واسعة من السلوكيات التي يتمسك فيها المرء بمبادئه وقيمه رغم ما يواجهه من مقاومة، وهكذا يتم بناء شعور إيجابي عن الذات نحو سمة الشجاعة.
إن مفهومك عن ذاتك يتشكل من تلك التجارب التي يتم انتقاؤها من بين مجموع التجارب التي مرت بك ثم تجمع بشكل معين، ولما كان بمقدورك انتقاء وتجميع تجاربك بأساليب شتى فإن أمامك مطلق الحرية لتحويل مفهومك عن ذاتك إلى مفهوم أكثر فعالية.
لا تحاصر نفسك بتعميمات سلبية عن ذاتك، نتيجة الاختزال والتحريف لتجاربك الشخصية واستخدامك معايير مبالغة لسمة ما، ولكن ابدأ أولا في التخلص من الانتقاء السلبي لتجاربك واملأ عقلك بتجارب قوية وذكريات إيجابية عن ذاتك.
ماذا عن بناء سمة شخصية بداخلك تتمثل في الإصرار على الحياة بعقل مفعم بالحق والجمال والحب والسعادة، وأن تبدأ فورا بجمع جميع التجارب التي تغذيك وحشدها تماما كما تفعل مع أي سمة من سمات ذاتك؟ أعتقد أنه مشروع مبارك في هذا الشهر المبارك، تقبل الله صيامكم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي