اقتصاديون: ضعف إداري وهيكلي ينزع ثقة المساهمين بالصناديق الاستثمارية السعودية
أرجع اقتصاديون ومحللون ماليون انخفاض معدل أرباح الصناديق الاستثمارية في السوق المحلية، مقارنة بحجم سوق المال السعودي، إلى عوامل إدارية وهيكلية عدة تدار بها الصناديق عملت على نزع ثقة المساهمين وخروج أكثر من 40 في المائة من المستثمرين في الصناديق.
ووصف عدد من المحللين الارتفاع النسبي الذي حدث أخيراً بأنه "مخيب" ولا يعكس الواقع الحقيقي والمفترض لأداء صناديق الاستثمار في المملكة، مشيرين إلى أن سوق المال السعودية تعتبر من الأسواق الجاذبة والمحفزة للاستثمار لارتفاع حجم السيولة في السوق وللضوابط التي أقرتها هيئة سوق المال.
ووفقاً لحسام جخلب خبير اقتصادي، فإن أرباح الصناديق الاستثمارية التي أدرجت أخيراً لا تعكس الأرباح المتوقعة للصناديق الاستثمارية في ظل تنامي الطفرة الاقتصادية للمملكة وارتفاع معدلات النمو مع وفرة سيولة كبيرة في السوق السعودية، وأرجع جخلب ضعف أداء الصناديق الاستثمارية إلى أسباب رئيسة عدة عملت على ضعف العوائد المالية المتوقعة، أهمها عدم وجود الرقابة على إدارة الصناديق الاستثمارية والتخبط ما بين تنويع الصناديق الاستثمارية في جميع القطاعات، وكذلك عدم الإفصاح والشفافية اللازمة لتوضيح خطة واستراتيجية وأبعاد مدير الصندوق في إدارة الصناديق الاستثمارية وعدم كبح الصناديق الاستثمارية من الهبوط والاستمرار في عملية الانهيار، ما يعني ألا توجد أي أبعاد للخروج بأقل الخسائر الممكنة للمحافظة على رؤوس أموال المودعين، إضافة إلى عدم وجود ثقافة استثمارية للمساهمين في الصناديق الاستثمارية لتوضيح أبعاد ومخاطر الاستثمار في الصناديق.
وأوضح جخلب، أن الصناديق الاستثمارية في 2006 سجلت نتائج مخيبة للآمال لدى المتداولين بها بعد أن حققت بعض الصناديق الاستثمارية أرباحاً سنوية في تلك الفترة تفوق 200 في المائة، ما أدى إلى تسابق وحماس الأفراد، إضافة إلى أن الشركات والمؤسسات حددت ميزانية خاصة من الاستثمار الخاص بهم للاستثمار في تلك الصناديق، الأمر الذي رفع من حجم سيولة الصناديق الاستثمارية وجعلها قناة استثمارية جاذبة للاستثمار، كل تلك العوامل لعبت دوراً رئيساً في عملية زيادة وتنمية الصناديق الاستثمارية وتنويعها في تلك الفترة، ومع مطلع فبراير 2006 انخفضت تلك الصناديق إلى أكثر من نسبة المخاطر المتوقعة لها لعدم وجود كفاءة في إدارة الصناديق ولبعد مديري الصناديق عن إدارة الصندوق.
وشدد جخلب على ضرورة إعادة النظر في وضع تلك الصناديق الاستثمارية بتوفير الكوادر البشرية المؤهلة علمياً وعملياً، التي تكون لديهم القدرة على إدارة المخاطر والتعامل مع الأسواق والمحافظة على رؤؤس أموال المساهمين، وجود تشريعات وقواعد تعمل على زيادة الشفافية والإفصاح في التعامل في إدارة الصناديق الاستثمارية، ما يسهم في تنمية ثقافة الاستثمار من خلال الصناديق الاستثمارية وتأهيل المستثمر للدخول فيها وتوفير جميع المتطلبات اللازمة لمديري الصناديق الاستثمارية التي تسهم وتساعد في مهامهم وإدارة الأموال، ما يسهم في وضع تصنيف الصناديق الاستثمارية من ضمن أولويات الاستثمار لأصحاب رؤوس الأموال وزيادة وضخ الوعي والثقافة الاستثمارية ما بين العملاء والبنوك من خلال البرامج التوعوية أو دراسات الأبحاث التي تسهم في زيادة وعي المستثمر في التعامل مع ثقافة الصناديق الاستثمارية.
وحول تأثير الصناديق الاستثمارية على سوق الأسهم قال جخلب "إن الصناديق الاستثمارية تتمتع برؤوس أموال عالية جداً، ولذلك فإن دخول وخروج تلك الصناديق من السوق الأسهم يسهم في عملة ارتفاع وهبوط المؤشر وإن البعد الاستثماري والاستراتيجية المعمول بها لمدير الصندوق لها دور كبير ومؤثر في عملية الاستمرار في السوق أو الخروج منه سواء في بعد استثماري قصير الأجل أو بعيد الأجل، وقال "مما لا شك فيه أيضاً أن الصناديق الاستثمارية على مستوى العالم، خاصة طويلة الأجل يكون لها دور فعال ورئيس كإحدى صناع الأسواق في عملية هبوط أو انخفاض المؤشر وأيضاً مقدار الرقابة والإشراف في إدارة الصندوق تلعب دوراً رئيساً في توضيح الأبعاد الاستراتيجية الخاصة بالصناديق، ما يؤدي إلى أن هناك صانعاً للسوق يسهم ويؤثر بطريقة مباشرة على حركة المؤشر".
من جهته، رأى حبيب تركستاني أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، ن عدم وجود سوق مالية محترفة في المملكة حال دون انتشار او قدرة الصناديق من الانتعاش، فأغلب الصناديق سيادية غير منتشرة ومتمركزة، بعضها يعمل من دون ترويج وتستهدف جهات معينة فقط .
وقال "أغلب الصناديق الاستثمارية تعتمد على العشوائية والتوصيات ليست مبنية على الأرقام الفعلية، إلى جانب ضعف الهيكلة الإدارية، إذ إنه منذ الانهيار القوي عام 2006 لم ترتفع العوائد المالية للصناديق الاستثمارية لتستعيد ثقة المساهمين فالصناديق الاستثمارية الآن تعتبر قناة ضعيفة الجذب والأرباح.
وبين أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، أن الصناديق لو استخدمت بالشكل المطلوب ستحقق أرباحاً خيالية واستثمارات حقيقية طويلة الآجل تعود بالإرباح على جميع المساهمين في البنك وتخلق قدرة تنافسية قوية بين الصناديق الأخرى، وبذلك ترتقي الصناديق الاستثمارية، فأغلب الموظفين ورجال الأعمال ومن يملك سيولة كبيرة ليس لديهم الوقت للمتابعة اليومية للسوق، فعند وجود صناديق استثمارية قوية تجذب هذه الفئات وتنعش حركة الاقتصاد العام".
من ناحيته، طرح الدكتور عبد الرحمن الصنيع أستاذ بكلية إدارة الأعمال في جدة آليات معينة لجذب الاستثمارات لتلك الصناديق، منها ألا يزيد ما يتم استثماره في شراء أسهم شركة واحدة عن 5 في المائة من أموال الصندوق، وبحيث لا يتجاوز 10 في المائة من أسهم تلك الشركة وأن مجموع ما يتم استثماره في الأوراق المالية التي تصدرها الصناديق الاستثمارية الأخرى يجب ألا تزيد نسبته على 10 في المائة، وبحيث لا يتجاوز 5 في المائة من أموال الصندوق الاستثماري الواحد ويجب على الصندوق الاحتفاظ بنسبة كافية من السيولة لتغطية مواجهة طلبات استرداد قيمة بعض أو كل الأسهم المستثمرة في الصندوق وفقاً لبنود شروط وتعليمات الاسترداد الواردة بنشرة الاكتتاب.
وأضاف "يجب على الصندوق عدم اتباع سياسة من شأنها الإضرار بحقوق أو مصالح المستثمرين، إضافة إلى أن الأسهم والسندات والمكونات الأخرى للصندوق يجب أن يتم توزيعها وتنويعها بين شركات تعمل في مجالات متنوعة من حيث القطاعات الاقتصادية المختلفة والتوزيع الجغرافي لهذه الشركات، وهذا بالطبع سيؤدي إلى تخفيف وقلة المخاطر الاستثمارية وأن نجاح الصندوق، وذلك من خلال تحقيق أهدافه المعلنة من العائد السنوي المتوقع على الاستثمار، وأيضاً إمكانية توزيع الأرباح في المدة الزمنية المحددة". وحول العوائد المالية للصناديق المربحة قبل الانهيار الكبير في فبراير 2006، أوضح الصنيع أن أداء الصناديق الاستثمارية حققت أرباحاً تخطت نسبة 200 في المائة قبل الانهيار الكبير عام 2006، للاعتماد على السيولة دون الكيفية التي يدار بها، إضافة إلى ارتفاع الطلب عليها من شريحة واسعة، ولا سيما الكبار لحداثة الفكرة وارتفاع معدل الأرباح، إضافة إلى قلة متوسط العمولة التي يدفعها المستثمر 3،5 في المائة مقابل التخلص من التعب والعناء التي يستمتع بها المستثمر.