اقتصاد كأس العالم
مع انتهاء مباريات كأس العالم 2010 يتوقع أن يتركز الحديث في جنوب إفريقيا حول عوائد المسابقة على اقتصاد البلاد. يشار إلى أن جنوب إفريقيا استثمرت أكثر من أربعة مليارات دولار على إنشاء الملاعب وتطوير البنية التحتية من شبكة الطرق والقطارات, فضلا عن التدريب والأمن والأمور الثقافية.
وإذا ما صحت التوقعات، ينتظر أن تسهم المسابقة بنحو 21 مليار دولار في الناتج المجلي الإجمالي لجنوب إفريقيا في الفترة حتى قبل انطلاق البطولة القادمة عام 2014 في البرازيل. يعد هذا الرقم نوعيا قياسا بحجم الناتج المحلي الإجمالي لجنوب إفريقيا الذي يبلغ نحو 500 مليار دولار.
القطاعات المستفيدة
من جملة الأمور، يتوقع إسهام الفعالية في إيجاد 415 ألف فرصة عمل بصورة مستمرة, الأمر الذي من شأنه الإسهام في معالجة معضلة البطالة المرتفعة, التي تبلغ 24 في المائة. يبلغ حجم القوى العاملة 17.3 مليون فرد من أصل 50 مليونا عدد سكان البلاد.
مع الأسف الشديد، يعيش نصف سكان جنوب إفريقيا دون خط الفقر, ما يعني أن المصروفات المتعلقة بكأس العالم ستسهم في تحسين الظروف المعيشية لنسبة غير قليلة من المواطنين. يشار إلى أن متوسط دخل الفرد في جنوب إفريقيا في حدود عشرة آلاف دولار فقط, أي في المرتبة رقم 107 على مستوى العالم. إذا كان هذا حال الدخل في دولة صاحبة أكبر اقتصاد في القارة, فعلى المرء أن يتخيل مستويات الدخل في الدول الأكثر فقرا في إفريقيا. وفي كل الأحوال، يتوقع أن تسهم مسابقة كأس العالم في إحداث نقلة نوعية في عديد من القطاعات الاقتصادية, خصوصا السياحة. وتبين ذلك جليا من خلال الشراكة بين عدد من المستثمرين المحليين والدوليين فيما يخص تشييد فنادق جديدة للمناسبة الرياضية تناسب مختلف الأذواق والميزانيات.
إضافة إلى ذلك، أسهمت المناسبة في تعظيم الفرص المتاحة أمام قطاع البيع بالمفرق سواء بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أو الكبيرة. وكانت التوقعات تشير إلى فرضية قيام نصف مليون شخص بزيارة جنوب إفريقيا أثناء الفعالية يمضون فيها 15 يوما في المتوسط.
استقطاب الاستثمارات
عادة يوفر الحدث الرياضي العالمي فرصة تاريخية للبلد المضيف لاستقطاب استثمارات أجنبية مباشرة, وتمكنت جنوب إفريقيا في السنوات القليلة الماضية بتعزيز موقعها على خريطة الاستثمارات الأجنبية المباشرة مستفيدة من الفرص التي توفرها كأس العالم. فحسب أرقام مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية والمعروف اختصارا باسم (أونكتاد)، ارتفعت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى جنوب إفريقيا من 10.4 مليار دولار في 2006 إلى 18.7 مليار دولار في 2007 ومن ثم 27.1 مليار دولار في 2008, وهي آخر سنة تتوافر حولها إحصاءات.
يعد حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى جنوب إفريقيا مميزا بالنسبة للقارة, حيث استقطبت كل دولها مجتمعة استثمارات أجنبية مباشرة قدرها 87.7 مليار دولار في 2008, لكن تعد قيمة الاستمارات الأجنبية الواردة إلى جنوب إفريقيا, وتحديدا 18.7 مليار دولار متواضعة نسبيا مقارنة بـ 108 مليارات دولار للصين, فضلا عن 316 مليار دولار للولايات المتحدة. تعد الاستثمارات الأجنبية المباشرة مثل إقامة المنشآت دليلا ماديا على مدى قناعة المستثمرين الدوليين بأهمية الاستثمار في أي بلد ما.
رعاية دولية
يتميز كأس العالم بمستوى مرتفع من الرعاية ولأسباب مفهومة، حيث يستقطب الحدث الرياضي ملايين المشاهدين حول العالم. فقد استقطبت كأس العالم 2006 في ألمانيا نحو 16 مليار مشاهد في مجموع المباريات. وهناك توقعات بأن يبلغ عدد المشاهدين لجميع مباريات كأس العالم 2010 نحو 18 مليارا لمشاهدة 64 مباراة.
تعد شركات: كوكا كولا وبيبسي كولا وماكدونالدز من الولايات المتحدة وأديداس من ألمانيا من أكبر الرعاة في مناسبة كأس العالم. بل إن الكرات المستخدمة لجميع مباريات كأس العالم 2010 هي من إنتاج شركة أديداس. كما حصلت شركة ماكدونالدز على تصنيف مثير, وتحديدا المطعم الرسمي للمسابقة.
حقيقة القول، تستحوذ الأنشطة الرياضية على نصيب الأسد من الرعاية في السنة التي تستضيف فيها أي بلد مناسبة كأس العالم، حيث بلغت 65 في المائة في الولايات المتحدة في عام 1994, فضلا عن 63 في المائة في ألمانيا في 2006. ومن المنتظر أن تستحوذ مناسبة كأس العالم 2010 على 80 في المائة من مجموع الرعاية في جنوب إفريقيا في العام الجاري.
ختاما, لا يوجد شيء مضمون بالنسبة للعوائد المحتملة لكأس العالم، حيث لم تسهم مسابقة كأس العالم في 2002 في إخراج اقتصاد اليابان من حالة الكساد. كما يعتقد أن استضافة أثينا الألعاب الأولمبية في 2004 فتحت شهية اليونان للاستدانة بدليل معاناتها في الوقت الحاضر أزمة مديونية, باتت تهدد مستقبل عملة اليورو. ومن سوء حظ جنوب إفريقيا حلول الفعالية في فترة استمرار تداعيات الأزمة المالية العالمية، وهي الأزمة التي انطلقت عام 2008 من الولايات المتحدة.