مختصون: بإمكان دول الخليج تمويل أحداث رياضية عالمية من الصكوك
تبني الرياضة جسور الصداقة عبر الثقافات والدول والأديان، وذلك من خلال الجمع بين الناس، سواء كان ذلك في الألعاب الأولمبية أو كأس العالم. لكن هل تجد المالية الإسلامية نفسها داخل المضامير الرياضية؟
شجع متعاملون في صناعة المال الإسلامية دول الخليج التي كشفت عن طموحاتها الرياضية باستضافة أحداث كبرى ككأس العالم، والأولمبياد، شجعوها على أن تنظر بجدية إلى مسألة تمويل هذه الأحداث الرياضية, وذلك عبر إصدارات صكوك مدعومة بمنشآت رياضية.
وقال لـ «الاقتصادية» رشدي صديقي، المدير الدولي للمالية الإسلامية لدى وكالة رويترز: «إن هذه الفكرة تعد مقترحا عظيما لصناعة المال الإسلامية، فهذا الإصدار ليس مجرد أصل مدعوم ببرج أو مدينة اقتصادية كما تجري عليه العادة في مثل هذه الإصدارات، إن هذا الإصدار أصل مدعوم بملاعب رياضية أو قرى أولمبية.
إلا أن بادليسياه عبد الغني، الرئيس التنفيذي لبنك CIMB الإسلامي عبد الغني، لم يتوان في التحذير من جوانب فكرة ربط إصدارات الصكوك بالمناسبات الرياضية، حيث يقول إننا يجب أن ننظر إلى عملية الدفعات المالية (الخاصة بحملة الصكوك), خصوصا أن تاريخ بعض هذه الأحداث يخبرنا بأن إيراداتها قد لا تكون كافية لتغطية تكلفتها، وذلك لأن هذه الاستثمارات طويلة الأمد وعليه قد تستغرق فترة معينة لتحصيل ما استثمرته.
وتابع: وعليه ينظر المستثمرون إلى الجهة السيادية التي أصدرت الصكوك ومقدرتها على الدفع».
وتخطط قطر لاستضافة كأس العالم، في حين تجري دبي دراسة مبدئية حول إمكانية استضافتها الأولمبياد، وعليه قد يكون خيار الاستعانة بالصكوك كأداة تمويلية خيار يمكن طرحه، نظرا لأن هذا الحدث يتطلب ميزانية ضخمة.
وعما يقوله بعض المسؤولين الخليجيين إن دولهم لديها فوائض مالية، وعليه فهم لا يحتاجون إلى الدخول في عمليات أولية لإصدار الصكوك,
يقول صدقي: «إن أفضل وقت لجمع الأموال من الأسواق العالمية هو عندما تكون لست في حاجة إلى هذه الأموال !»
#2#
#3#
الطموح الخليجي
يذكر أن دول الخليج العربي، التي تعتبر مراكز نشطة للمصرفية الإسلامية، تحتضن مناسبات رياضية دولية، مثل كرة المضرب أو الجولف، أو سباق فورميولا وَن والألعاب الآسيوية التي يحضرها جماهير مقتدرة ماليا, إلا أن الملاحظ أن البنوك الإسلامية لا تعد من الجهات الراعية الكبيرة (أو حتى الصغيرة) لهذه المناسبات.
ولا يختلف عبد الغني عن رشدي حيث يقول: «من دون شك عندما تريد المنافسة على استضافة كأس العالم أو الأولمبياد فإنك في حاجة إلى جمع الأموال المتعلقة بتمويل هذا الحدث, فسوق الصكوك دائما متوافرة لتسهيل تمويل مثل هذه الأمور».
وقال يوسف حسين كمال وزير الاقتصاد القطري إن حكومة بلاده تخطط لإنفاق نحو 100 مليار دولار خلال الأعوام الأربعة المقبلة على مشاريع تتعلق أساساً بقطاعات البنية التحتية, ومن المرتقب الإعلان عن اسم الفائز باستضافة مونديال 2022 مطلع العام المقبل، فيما يتنافس مع قطر على استضافة المونديال كوريا الجنوبية إضافة إلى تسع دول أبدت رغبة في استضافة أي من مونديال 2018 أو 2022 وتشمل: اليابان، المكسيك، الولايات المتحدة الأمريكية، وأربع دول أوروبية هي: إنجلترا، روسيا، إسبانيا، والبرتغال بطلب مشترك، وكذلك بلجيكا، وهولندا.
في حين نفى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات ورئيس وزرائها، أن تكون إمارة دبي التي يحكمها قد تقدمت بطلب رسمي لاستضافة الألعاب الأولمبية بدورة عام 2020، مؤكداً أن ما جرى حتى الساعة لا يتجاوز تقييم جدوى الخطوة لتحديد قدرة الإمارة ومستوى تكلفة الاستضافة والعوائد المالية المنتظرة.
العزوف الإسلامي
عن الرياضة
حول ما يقال عن عزوف المؤسسات المالية الإسلامية عن رعاية المناسبات الرياضة الكبرى، يقول صديقي لـ«الاقتصادية»: «إن هذه المؤسسات في حاجة إلى أن ترعى مثل هذه المناسبات الرياضية في الخليج، وذلك من أجل التعريف باسمها لدى العامة، خصوصا أن الناس الذين سيأتون من الخارج لمشاهدة هذه الأحداث سينفقون أموالهم في البلد المستضيف، ما يعني أن هذه المؤسسات ستحصل على فرصة النفاذ إلى هذه المجموعة من الناس».
يقول صديقي في مقال له: «هل تساند البنوك الإسلامية أياً من نجوم أو فرق الرياضة المحلية أو الإقليمية؟ وهل تضع اسمها على الملاعب أو ملابس اللاعبين كما نجد بصورة عامة في الولايات المتحدة أو بريطانيا على سبيل المثال؟».
ويتابع: «كل الناس يشاركون في الرياضة بحماسة، سواء كانوا من الصغار أو الكبار، أو من الأغنياء أو الفقراء, وبالتالي فإن هناك فرصة أمام مؤسسات المصرفية الإسلامية ليس فقط لأن يرتبط اسمها بأحداث دولية غير محرمة، وإنما كذلك لتوظيف الكفاءات وتوسيع قاعدة الزبائن».
ملاعب مدعومة بأصول
يذكر أن هذه المناسبات الرياضية الكبرى تتطلب إنشاء بنية تحتية ضخمة، وهنا يقول صدقي لـ «الاقتصادية» وبسبب ضرورة إنشاء البنية التحتية الخاصة بالأولمبياد وكأس العالم، فإن إصدار صكوك «الإجارة» على سبيل المثال سيكون مدعوما بهذه الأصول. والفائدة التي ستجنيها المالية الإسلامية هي أنك ستجلب إلى السوق صكوكا جديدة، الأمر الذي يسهم في دعم العرض.
وعن الأصول الرياضية التي ستدعم الإصدار، يقول صديقي: «إن هذه الأصول قد تكون الملاعب أو امتياز الإعلانات التي توضع في الملاعب. وبسبب أن هذا الحدث قد يكون في دولة مسلمة، فليس هناك داع للقلق من المعلنين الذين يعلنون عن أشياء غير متوافقة مع الشريعة».
مناسبات موسيقية؟
عما إذا كان يرى وجود جدوى اقتصادية من جعل إصدارات هذه الصكوك ترتكز على الملاعب والإعلانات، يقول عبد الغني, الذي يعد بنكه من كبار المنظمين العالميين لعمليات إصدار الصكوك: «هناك دوما عامل تشوه السمعة والذي ينجم عن استخدام هذه الأصول لاستضافة المناسبات الموسيقية. وفي هذه الحالة هل من المناسب استخدام أصول (تم تمويلها بطريقة إسلامية) في أمور غير متوافقة مع الشريعة؟ فالمستثمرون قد يتساءلون عن مثل هذه القضايا قبل عملية الاستثمار.
الصكوك البرازيلية
نظرا لوجود أكثر من عشرة أنواع من الصكوك، يرى عبد الغني في مقابلته مع «الاقتصادية» في سنغافورة, أن صكوك المرابحة قد تكون الخيار الأمثل (لتلافي بعض المسائل الشرعية الخاصة باستخدامات هذه الملاعب). حيث يقول «إن المستثمرين في صكوك المرابحة لا يقومون بامتلاك الأصول في هذه الحالة, فجهة الإصدار لديها التزام مادي بالدفع للمستثمرين لقاء إقامة هذه المنشآت».
ويواصل: «أما إذا تم هذا الإصدار عبر صكوك «الإجارة»، فإن هذا يعني أن المستثمرين سيستمرون في امتلاك هذه الأصول خلال فترة عمر هذا الإصدار, إلا إنه من غير المفضل مع هذا النوع من الصكوك استضافة مناسبات غير متوافقة مع الشريعة.
وعن استخدام الصكوك مع كرة القدم، يقول صدقي: تخيل قيام كونستوريوم (مجموعة) من البنوك الإسلامية، من الخليج وماليزيا وإندونيسيا وباكستان وتركيا، بإصدار وإدراج في البورصة صكوكاً من المرتبة الممتازة Triple A، بعملات متعددة، وآجال طويلة وبأحجام قياسية. وتطلق على هذا الإصدار الصكوك البرازيلية لكأس العالم. إن ذلك سيكون البداية الحقيقية لتوحيد المعايير القياسية الخاصة بإصدار الصكوك. إن من شأن مثل هذا الإصدار أن يُظهِر مدى صلابة ومتانة سوق الصكوك ويدها الطولى في نشر السيولة الناتجة عن أموال النفط، وأن يجعل المصرفية الإسلامية جزءاً مهماً من الوساطة المالية العالمية».
كوكبة الرياضيين
عن حقوق التسمية، يقول صدقي لـ «جلف نيوز»،هناك محطة قطارات في دبي لها حقوق التسمية من أحد البنوك الإسلامية. وفي حين أن هذا من الأمور المثيرة للاهتمام، إلا أنه لن يكون لها الوقع نفسه مثل تسمية بيت التمويل الكويتي أو بنك دبي الإسلامي أو ستاد الهلال لكرة القدم.»
وأضاف: «استحوذت البنوك الإقليمية على بعض الشركات، من خلال تخصيص رأس المال لحقوق الملكية، بما في ذلك شركة للسيارات الفاخرة (أستون مارتن)، في دول مجموعة العشرين، إما من خلال التمويل الإسلامي وإما من خلال شريحة إسلامية ضمن تمويل أكبر، حيث تكون الشركات المستهدَفة عاملة ضمن الحدود والأحكام الشرعية».
وتابع: «في الغرب، لا تعتبر شركات الرياضة الترفيهية، مثل كالاوي Callaway أو ويلسون Wilson التي هي شركة تابعة لمجموعة Amer Sports، لا تعتبر من قضايا الأمن القومي. ربما تعتبر من الرموز المحلية لتلك الدول. لكن ملكية هذه الشركات تغيرت عدة مرات، بحسب الخبراء. ولذلك تعتبر فكرة استحواذ المصارف الإسلامية على حصص معينة من هذه الشركات الرياضية فرصة مثيرة للاهتمام ، فالشركات الرياضية أيسر على الفهم بالنسبة لأصحابها، وهي في ذلك تختلف عن شركات التكنولوجيا أو شركات التمويل، التي تشكل تحديات من حيث الفهم».
وزاد: «مع الشركات الرياضية يأتي الرياضيون، مثل كوكبة الرياضيين التي تتعامل مع شركة نايك Nike تايجر وودز وديفد بيكهام، اللذين يعتبران من السفراء العاملين في بناء العلامات التجارية للشركة.»
أفضل الأمثلة
أحد أفضل الأمثلة على الرياضيين العالميين (الذي يتمتع بمكانة طيبة) هو النجم الصيني الشهير في كرة السلة ياو مينج، من نادي هيوستون روكيتس، الذي رفع من وضع وصورة كرة السلة ومن المنتجات التي تبناها في الصين.
وفي مجال كرة السلة وكرة القدم، فإن اللاعبين المسلمين المتقاعدين، من قبيل كريم عبد الجبار وحكيم أولاجوون، وزين الدين زيدان، لا يزالون من العلامات التجارية العالمية المعروفة، ويجدر بالبنوك الإسلامية أن تحاول بذل جهودها لإنشاء أكاديمية رياضية في المنطقة لمصلحة الشباب الخليجي ومجتمع المغتربين.