هموم الوهم
ربما تكون الهموم طريقاً إلى الإلهام ، وقد يكون الوهم مهيمناً على الواقع ، وقد يستدرج الوهم المهمومين إلى خلافاتٍ لها عواقب وخيمة، والسبب في ذلك هو التمسك بالعنصرية الفكرية، فلقد شدني كما الكثيرين السجال الثقافي والإعلامي الكبير بين عدة أطراف متطرفةً لأفكارها، فأصبح المجتمع المتلقي مليئاً بالشك حول الثوابت والمتغيرات ومحصوراً بين فتوى حادة ومقالةً مضادة، وما هذا الاضطراب المجتمعي المتجدد إلا نتيجة جدال ما بين الأقلام والأفواه بعيداً عن العقل والمنطق، فالمشكلة تكمن في أن ما يختلف عليه ليس هماً مهماً بل هو وهم هموم المتوهمين، فلسنا على جهلٍ بواقع ولسنا على علمٍ بخيال، ولا نحن بحاجةٍ إلى إثارة مواضيع مثيرة، ونسعى إلى تجنب مكامن الفتن، ونرغب أن نعلو بهمومنا وهمتنا نحو ما ترغب به حكومتنا الحكيمة، ويتطلع إليه ولاة الأمر .
فإذا علمنا أننا نملك نسبةً عالية من فئة الشباب وأن مثل هذه النسبة يتمناها عديد من الدول المتقدمة ، فإنه يجب علينا دعمهم والتوصل إلى رغباتهم ووضعهم في أولويات الهموم، أو تطوير ذواتهم وتنمية قدراتهم، فلقد رأيت من الشباب من يدعمون هذا الوطن دون دعمٍ ملحوظ، فهم يغيرون النواحي السلبية لديهم إلى إيجابية مما يؤثر في محيطهم ومجتمعهم ومدنهم وبالتالي هم بذلك يخدمون وطنهم، يتطوعون بأنفسهم وأوقاتهم وأعمالهم، فلم يمسكوا قلماً يثيرون به المبادئ ولم يظهروا في شاشةً يشككون فيها بالأخلاق، لأن لسان حالهم يقول ( وطنٌ لا نحميه بأنفسنا وبأفكارنا وبأقوالنا وبسلوكنا وأخلاقنا وطنٌ لا نستحق العيش فيه )، فما يحتاج إليه هؤلاء الشباب هي المبادرات وليس التوصيات والدعم ولو بالرأي فنحن لهذا الوطن سيوف في أغمادها، وثمار في شجرتها، وماء في سحابته ، ومن يريد الجدال فعليه بالحوار فلدينا للحوار الهادف حاضنة ممثلةً (في مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني) ، ومن كانت له أهداف متعددة فعليه أن يوحد أهدافه نحو تنمية الوطن بالعلم والمعرفة، ( فمن تعددت أهدافه عاش وحيداً).