خبير مالي يطالب بإنشاء هيئة حكومية تعمل كصانع لسوق الأسهم السعودية واستقرارها

خبير مالي يطالب بإنشاء هيئة حكومية تعمل كصانع لسوق الأسهم السعودية واستقرارها

أكد خبير مالي أهمية إنشاء هيئة حكومية تعمل كصانع لسوق الأسهم السعودية يعمل على استقرارها ويرفع من كفاءتها، ويضبط ويحد من الارتفاعات غير المبررة في مؤشر السوق. كما من شأن هذه الخطوة تعزيز دور الاستثمار المؤسسي في السوق، إضافة إلى نشر الوعي لدى المتداولين، وكذلك أن يعمل كل ما من شأنه تسهيل سرعة الحصول على المعلومة الصحيحة لكل الأطراف المتعاملة في السوق.
جاء ذلك في سياق محاضرة بعنوان ''تقلبات مؤشر سوق الأسهم السعودي وسبل استقراره'' ألقاها الدكتور سعود المطير عضو هيئة التدريس في قسم الاقتصاد في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في غرفة الرياض البارحة الأولى، ونظمتها لجنة الأوراق المالية بالتعاون مع كرسي الشيخ محمد الفوزان لتوقعات الاقتصاد الكلي السعودي في الجامعة، بحضور وإدارة طلعت حافظ الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية وعضو لجنة الأوراق المالية في الغرفة، وشهدها حضور لافت من كبار المتداولين في سوق الأسهم، وعدد من المواطنين المهتمين بالاستثمار في السوق.
وشدد المطير على أن السعي لاستقرار سوق الأسهم يتطلب كذلك ضرورة وضع ضوابط للإقراض البنكي الموجه للاستثمار بالأسهم، والاهتمام بالعمل على زيادة عمق السوق من خلال طرح مزيد من أسهم الشركات المساهمة في السوق، تحرير أسهم السوق وتجنيبها حمى المضاربات المبالغ فيها، محاربة الفساد في الشركات وحملها على الإفصاح الشفاف عن بيئتها وأدائها المالي، وإعادة النظر في تقدير قيمة علاوة الإصدار. وقال المحاضر: إنه يفترض أن يكون المواطنون قد استوعبوا الدرس من تجربة الانهيارات التي شهدتها سوق الأسهم في عام 2006، وهو ما يعرف بانهيار فبراير حيث أدى إلى انخفاض المؤشر بنسبة 52.5 في المائة خلال السنة نفسها، وخلف وراءه كوارث مالية واجتماعية ما زال المجتمع يتحمل تبعاتها وتأثيراتها حتى الآن، ثم أزمة انهيار عام 2008 التي أفقدت السوق نحو 56.5 في المائة، أي بخسارة تعادل 6235 نقطة، وهو ما يتخطى تراجعات عام 2006 كنقطة كان الجميع يقف عندها لقياس السوق عليها.
وأعرب المطير عن أمله في أن يكون السعوديون قد استفادوا من مرارة التجربة وأن يتوقفوا عن التهافت خلف طفرات السوق واللهث وراء كسب المال السريع السهل، مؤكداً أن انهيارات سوق الأسهم أحدثت هزة اجتماعية واقتصادية. ورأى أن هذه الانهيارات أثبتت أن السوق لا تعكس ولا تتجاوب مع المؤشرات الأساسية للاقتصاد الكلي، كما أثبتت هشاشة السوق وسهولة التلاعب فيها. وقال إن التذبذب والتأرجح هو ظاهرة تصيب كل بورصات العالم، لكنها تكون محكومة بعوامل الاقتصاد الكلي وحالة الشركات ومستويات أدائها والتوقعات المالية لها، وهو ما يعرف بالاقتصاد الجزئي، لكن ما حدث في سوق الأسهم السعودية من صعود أو انهيارات لم يكن مُبَرَراً بالتطورات الاقتصادية الكلية أو الجزئية.
وأوضح عضو هيئة التدريس في قسم الاقتصاد، أن أسباب الانهيار التي شهدتها سوق الأسهم السعودية في 2006 تكمن بشكل رئيسي في العوامل التي لعبت الدور الكبير في الصعود الحاد للمؤشر، لأن هذه العوامل تحمل في طياتها عوامل السقوط والانهيار للسوق المالية، فجذور المشكلة هي ليست في انهيار السوق، وإنما الانهيار هو تحصيل حاصل لارتفاع مؤشر السوق لمستويات تفوق القدرة الربحية للشركات بصورة غير منطقية وغير حقيقية ولا تعكس الواقع الاقتصادي. وأضاف أن من الأسباب أيضاً التي أدت إلى تزايد وتسارع هذا الهبوط العامودي، هو تسارع البنوك في تسييل المحافظ لاسترداد ديونها المرهونة بالأسهم بسبب تراجع القيمة السوقية لهذه الأسهم إلى ما دون مستوى التسهيلات المقدمة أو مستوى التغطية المطلوبة لدى البنك، إضافة إلى ضعف الشفافية، وصعوبة الحصول على المعلومة الصادقة في ظل سرعة انتشار الشائعات، ما يترتب عليه نزع الثقة من المتعاملين في السوق، فضلاً عن غياب هيئة حكومية تحد من الارتفاعات والانهيارات غير المبررة.
وقال المطير إنه تبعاً لتأثيرات الهبوط الحاد في السوق فقد اتجهت بعض الشركات المساهمة من المضاربة في السوق إلى تصفية محافظها لتجنب الخسارة، كما ألقى ببعض مسؤولية الهبوط في السوق على قرارات هيئة سوق المال آنذاك التي وصفها بأنها كانت تأتي كرد فعل سريع وغير محسوب، كما اعتبر أن الارتفاعات الكبيرة المتوالية في السوق خلال الأعوام 2003 و2004 و2005 وبمعدلات متصاعدة، كانت من ضمن أسباب الانهيارات التي حدثت في عام 2006. وأشار في هذا الخصوص إلى أن مؤشر السوق ارتفع في عام 2003 بمعدل 76 في المائة من 2518 نقطة في 2002 إلى 4437 نقطة في 2003، ثم ارتفع إلى 8206 نقطة في 2004 أي بمعدل زيادة 85 في المائة، وكان آخر هذه الارتفاعات قد حدث عندما أغلق عند 16712 نقطة في نهاية عام 2005 أي بمعدل زيادة بلغت 103 في المائة عن العام الذي سبقه.
أما بالنسبة لانهيار 2008، فقال المحاضر إنه تخطى انهيار 2006، لكنه اعتبر أنه لم يكن مُبَرَراً خصوصا النزول الحاد الذي حصل قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية، مشيراً إلى أن اندلاع الأزمة العالمية قد تسببت في إحداث تأثيرات سلبية على أسعار النفط وحجم تصديره، وكذلك على السوق البتروكيماوية، ولتلقي الأزمة بدورها بآثارها السلبية والعاصفة على الأسواق العالمية ومنها سوق الأسهم السعودية. وأرجع بعض أسباب انهيار 2008 إلى إصدار الهيئة بعض التنظيمات التي ساهمت في تراجع السوق، وإن كانت بمجملها تؤدي إلى تحسين مستوى الكفاءة والشفافية في السوق إلا أن توقيتها لم يكن مناسباً، إضافة إلى توظيف بعض الإجراءات والتنظيمات التي صدرت من هيئة سوق المال في عام 2008 من قبل بعض كبار المتداولين للتأثير سلبا على السوق من خلال القراءة السلبية المتعمدة لبعض هذه القرارات. ولم ينكر المطير أهمية وإيجابية التنظيمات والتشريعات التي أصدرتها هيئة سوق المال لتنظيم السوق وتحسين أوضاعها، إلا أنه يرى أن السوق لا تزال تحتاج إلى الكثير من أجل تنظيمها، وإعادة الثقة لدى المتعاملين فيها.

الأكثر قراءة