ما كان حنونا
إسباغ الكرم وحسن الخلق مع الآخرين من أوجب الواجبات على أي إنسان متحضر. لكن الأكثر وجوبا من ذلك أن يكون الإنسان رحبا ولطيفا وحنونا وحفيا بمن هو قريب منه، وأقصد هنا أسرته التي تلتصق به في كل حين، سواء كانوا أبناء أو أقارب آخرين.
ما الذي يدعوني إلى الحديث عن هذا الأمر؟ رسالة بريدية حملت في ثناياها بوحا مؤلما، يتحدث من خلالها صاحبها عن قريبهم صاحب الصيت الرفيع والأفعال النبيلة وصنائع المعروف التي تسير بها الركبان. هناك عيب واحد في هذا الشخص كما هو واضح من الرسالة، هذا الإنسان يهتم بصورته الخارجية لكنه يتناسى واجباته التي تفرضها عليه مسائل القرابة، ولهذا جعل معروفه في البعيدين ونسي أن (الأقربون أولى).
ليس المطلوب من صاحب الصفات الحسنة أن يتخلى عن هذه الصفات، لكن الواجب إثراؤها فحسن صفات الإنسان إن لم ينعكس على القريبين اللصيقين به يتحول إلى مجرد فعل سلوك مصطنع هدفه تسويقي. تقول الرسالة: أنا لا أكن لهذا الشخص أي حب، لأنه في الوقت الذي يطردني فيه من مكتبه، يتلقى الأغراب بالأحضان ويغدق عليهم من خيراته. في المقابل هناك سلسلة من صور التواصل والتعاضد واللقاءات والاجتماعات التي يشهدها مجتمعنا، ومثل هذه الصور مطلوب أن تصبح أكثر، حتى لا تضيع مثل هذه القيم الإيجابية في زحمة العصر المعدني.