محللون لـ "الاقتصادية": الشركات الكبيرة تزيد من قدرة السوق على صد المتغيرات
تباينت آراء عدد من الاقتصاديين حول مدى تحسن مستوى سوق الأسهم السعودية بعد دخول شركات مساهمة جديدة ومدى تأثير ذلك لخلق قدرة تنافسية للسوق من خلال توافر بدائل اقتصادية جيدة تعمل على توظيف الاستثمارات باستقطاب أكبر عدد من المستثمرين، وهل سيضبط دخول شركات جديدة الاختلالات المتكررة بين الحين والآخر.
«الاقتصادية» رصدت مع عدد من المحللين المتغيرات الجديدة في سوق الأسهم ومكامن الخطورة فيه ومدى المتغيرات التي حدثت بعد دخول شركات جديدة ومدى حاجة السوق إلى تدقيق أكثر للقوائم المالية قبل طرح الشركات في السوق الأسهم السعودية.
#3#
بداية، أرجع محمد النفيعي رئيس لجنة أسواق المال في الغرفة التجارية والصناعية في جدة دخول شركات جديدة بأنه ميزة إضافية ستزيد من القدرة التنافسية للسوق المالية في توفير بدائل اقتصادية جيدة داخل سوق المال ويحقق استفادة جيدة للمستثمرين في توظيف استثماراتهم، مشترط لذلك بالقول "إن هذه الاستفادة لن تتحقق بالشكل المطلوب في الوقت الحالي نظرا للحالة النفسية السائدة عالميا في الاستثمار بشكل عام".
وزاد النفيعي "التفاعل الإيجابي مع الاستثمارات الجديدة سيؤتى أثره المطلوب بعد الإحساس باستقرار الأوضاع الاقتصادية العالمية".
وحول مدى احتياج السوق إلى التوسع، قال رئيس اللجنة المالية في غرفة جدة "إن سوق المال السعودية في الأمس القريب كانت تحتاج إلى توسع أفقي في منظومة السوق من خلال إدراج شركات جديدة ذات طبيعة استثمارية جيدة، ومع تزايد حجم الإدراج في سوق المال حاليا وزيادة عدد الشركات وتزايد فرص الاستثمار في أرجاء العالم بعد هبوط الأسواق في كافة أنحاء العالم، أصبحت السوق تحتاج إلى إصدارات متميزة تستحوذ ليس على اهتمام المستثمرين المحليين وعلى اهتمام المستثمرين في خارج المملكة لدعم قوة السوق المحلية وجذب الاستثمارات الحائرة والمترقبة في العالم حاليا وليس مجرد توسيع السوق فحسب".
ورأى النفيعي أن إدراج شركات كبيرة وقيادية غابت عن سوق الأسهم كشركة الخطوط السعودية وشركة أرامكو السعودية في إطار عدم وجود خطة زمنية ورؤية استثمارية عالمية تلقي الضوء على الفرص المتميزة في السوق السعودية بشكل عام وتساعد على جذب الاستثمارات إليه, مشيرا إلى أن هناك سيولة محلية عالية تفتقر إلى قنوات استثمارية محفزة، موضحا أن التسهيلات التي أقرتها الهيئة المالية أخيرا بالسماح للشركات المساهمة بالتداول تحد من سيطرة الأفراد وتصبح هناك رؤية واقعية للاستثمارات طويلة الأجل والتي تحد من تراجعات سوق الأسهم وتجعله أكثر استقرارا.
#4#
من جهته، أشار عبد الرحمن الصنيع كاتب اقتصادي وأستاذ التسويق في كلية إدارة الأعمال في جدة إلى أن هناك مؤشرات تدل على أن السوق تمر بمراحل إيجابية بالنسبة للمملكة, موضحا أن المؤشر العام للاقتصاد السعودي مرتفع لارتفاع الدولار الذي يعزز من العملة المحلية فهو من المؤشرات التي لابد أن تأخذ بعين الاعتبار، وأن تأثير الأسهم السعودية كان طفيفا مقارنة بالتأثيرات التي تأثرت بها الدول الأوروبية ودول شرق آسيا في الأزمة الاقتصادية العالمية, مؤكدا أن ما حصل في سوق الأسهم أخيرا كان ناتجا عن مخاوف نفسية بين المستثمرين.
واعتبر الصنيع سوق الأسهم السعودية سوقا مغلقة نوعا ما أمام الأسواق الأخرى نظرا لمحدودية الاستثمارات الأجنبية في السوق, لذلك كانت التأثيرات التي لامست السوق أخيرا تأثيرات عالية فوق المتوقع.
وأكد أن وضع السوق يعتبر صحيا لاستقطاب شركات مساهمة تعطي عمقا كبيرا للسوق حيث مازالت تعد من أكثر الأسواق المحفزة لدخول شركات مساهمة أخرى, فهيئة سوق المال وضعت أنظمة عملت على حد تأثر السوق بالأسواق العالمية, إضافة إلى ما أقرته أخيرا بالسماح للشركات المساهمة بالتداول، الأمر الذي يعزز من استقرار السوق ويرفع السيولة فيها، كما أنه يقلل من سيطرة الأفراد التي عادة تكون العوامل النفسية وراء تراجع السوق عند حدوث أزمات خارجية عالمية, فما نراه في الفترة الأخيرة من دخول شركات مساهمة قوية إضافة إلى قوة الاكتتاب على هذه الشركات التي تجاوزات النسب المتوقعة, فهناك سيولة محلية تبحث عن قنوات استثمارية قوية وتابعة لشركات ذات مكانة وقدرة اقتصادية عالية.
وبين الصنيع أن هناك شركات تضيف عمقا ومتانة لسوق الأسهم السعودية مثل شركات تقنية المعلومات التي تكون لها قوة ومتانة عالية.
فما زال الطلب متزايدا ومتوقع أن تكون هناك لفتة قوية على تقنية المعلومات ودخولها للمساهمة في السوق.
#2#
من جانبه، استبعد الدكتور أسعد جوهر أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز في جدة والخبير الاقتصادي أن دخول شركات مساهمة جديدة في السوق سيحسن من أدائها، معتبرا أن هناك أخطاء جوهرية تقع في السوق سواء ما يتعلق بالجانب المضاربي أو ما يتعلق بجانب الشفافية والإفصاح، إضافة إلى علاوات الإصدار لبعض الشركات التي لا تستحقها.
وزاد جوهر قائلا "ما زالت الاختلالات الهيكلية قوية جدا تفوق تماما أي إيجابيات يحدثها طرح شركات مساهمة جديدة في السوق", كما استبعد تأثير سوق الأسهم بالعوامل الخارجية، موضحا أن 70 في المائة من تأثرات السوق بسبب الطريقة التي يدار بها, لافتا إلى أن هناك غموضا تاما حول الظروف الاقتصادية المحلية الراهنة الآن مع الافتقار إلى نوعيات حقيقية من قبل هيئة سوق المال حول ما يجري محليا وعالميا في السوق، إضافة إلى غموض حول كيفية إدارة وأداء سوق الأسهم السعودية, مؤكد أننا على اطلاع تام بوضعية الاقتصاد العالمي أكثر من المحلية نظرا لكثرة المعلومات المتدفقة التي تشرح وتوضح وضع الاقتصاديات العالمية.
وحذر جوهر من تسرب المعلومات إلى كثير من الأشخاص والمحافظ قبل الآخرين، مشيرا إلى أن ذلك يضر بالسوق ويضعف الثقة به، إضافة إلى انعدام الشفافية وأخطاء أخرى تتعلق بنوعية هذه الشركات التي تطرح وتتعلق بعلاوات الإصدار، الأمر الذي يعكس أن أصحاب هذه الشركات لديهم نفوذ وقدرة على تمرير المعلومات.
وقال جوهر "الشركات الداخلية ليست شركات ذات قوة، هناك شكوك تحوم حولها ", موضحا أن السوق يفتقر إلى جهة محايدة تستطيع أن تدرس الأداء المالية لهذه الشركات قبل طرحها, فالشركات تطرح تحت مسميات وإصدارات وقوائم مالية لا تكون مدققة عند طرف محايد.
وحول نوعية الشركات التي تحتاج إليها السوق، أشار جوهر إلى أن السوق في حاجة أولا إلى إصلاح آلياتها وهيكلتها، مع تحديد جهات محايدة للنظر في القوائم المالية للشركات المساهمة الداخلة إلى السوق، ومن ثم يكون استقطاب نوعية من الشركات التي تتميز بقيادية ومتانة السوق, مبينا أن هناك شركات مساهمة لم تزد السوق إلا بؤسا على بؤس كشركات التأمين التي توالى دخولها إلى سوق الأسهم برغم أنها ذات قوائم مالية ضعيفة ومتدنية فأغلب شركات التأمين الداخلة إلى السوق تعتبر شركات ضعيفة وبرؤوس أموال متدنية فهناك غموض حول مستقبل هذه الشركات.
كما وجه جوهر عددا من الأسئلة حول مستقبل شركات التأمين التي وصفها بالغموض, ما الفائدة المرجوة من دخول شركات التأمين؟ وما هو مستقبل شركات التأمين؟ ولماذا هذا الإصرار على طرح شركات تأمين جديدة برؤوس أموال ضعيفة إلى السوق؟