أداء الاقتصاد الإماراتي في 2009

حقق اقتصاد الإمارات نتائج متباينة في عام 2009, فالنمو الاقتصادي كان محدودا وربما سلبيا حسب تقرير حديث لصندوق النقد الدولي لأسباب لها علاقة بتذبذب أسعار النفط في الأسواق وتداعيات أزمة مديونية دبي, فضلا عن تصدع الثقة بالاقتصاد العالمي بسبب الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصادات الدولية انطلاقا من الولايات المتحدة, إضافة إلى ذلك، حدث تراجع لمعدل التضخم بالنظر إلى السياسات المالية المحافظة وتداعيات هبوط أسعار النفط في الربع الأول من السنة.

النمو الاقتصادي

استنادا إلى الأرقام الرسمية، حقق الاقتصاد الإماراتي نموا قدره 1.3 في المائة في عام 2009. لا شك تعتبر هذه النسبة ضعيفة مقارنة بما تم تسجيله في عام 2008, أي 7.4 في المائة. وفي كل الأحوال، يتناقض مستوى النمو الرسمي مع ما كشفه تقرير حديث لصندوق النقد الدولي بانكماش الاقتصاد الإماراتي بنسبة 0.7 في المائة 2009. التبرير الذي قدمه صندوق النقد الدولي قابل للتصديق وتحديدا تداعيات ثنائية أسعار النفط و مديونية دبي. في المقابل، المطلوب من الإمارات أن تنشر الإحصاءات المتعلقة بالأداء الاقتصادي بالتفصيل وبشكل مستمر حتى تستطيع أن تجاري تلك التي تنشرها المنظمات الدولية.
وفيما يخص متغير النفط فقد هوت الأسعار لنحو 35 دولارا للبرميل في بداية 2009 مقارنة بـ 147 دولارا للبرميل في تموز (يوليو) من 2008. عملية تذبذب أسعار النفط تحققت على خلفية معضلة الثقة التي أوجدتها الأزمة المالية العالمية في صيف 2008. كما هو الحال مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي، يلعب القطاع النفطي دورا محوريا في الاقتصاد الإماراتي بدليل مساهمته بنحو ثلاثة أرباع دخل الخزانة العامة, وبالتالي يعد الممول الأول لنفقات الدولة.
من جهة أخرى، تسببت أزمة مديونية دبي, التي جاءت على خلفية الإعلان عن تأخر مؤسسات مملوكة لحكومة دبي عن الوفاء ببعض الالتزامات المستحقة في إيجاد مشكلة توافر التمويل ولو لفترة قصيرة, الأمر الذي ينعكس سلبا على الأداء الاقتصادي. والإشارة هنا إلى قرار مجموعة دبي العالمية بتاريخ 25 تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2009 بتأجيل تسديد سندات بقيمة 3.5 مليار دولار مستحقة على شركة نخيل بتاريخ 14 كانون الأول (ديسمبر) ولمدة ستة أشهر. تعد شركة نخيل الذراع العقارية لمجموعة دبي العالمية, التي بدورها تعد واحدة من أهم المؤسسات الاستثمارية التابعة لحكومة دبي.

الناتج المحلي

بخصوص جانب آخر من المؤشرات الاقتصادية، فاستنادا إلى الإحصاءات الرسمية بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للإمارات في عام 2009 ما بين 249 مليار دولار بالأسعار الجارية و140 مليار دولار بالأسعار الثابتة. يعد هذا التباين كبيرا ويعكس التغييرات التي حصلت في مستويات الأسعار في السنوات القليلة الماضية نتيجة ارتفاع أسعار النفط.
حقيقة القول، يحتل الاقتصاد الإماراتي المرتبة الثانية بين اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي والاقتصادات العربية بشكل عام. حسب الأرقام الحكومية، بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للسعودية 375 مليار دولار في 2009 بالأرقام الجارية. وكانت السعودية قد كشفت عن تدني حجم الناتج المحلى الإجمالي بالأسعار الجارية في عام 2009 بنحو 21 في المائة, وذلك على خلفية تراجع أسعار النفط.
تدني التضخم

على صعيد آخر، أفادت الإحصاءات الرسمية بتراجع مستوى التضخم إلى 1.56 في المائة في 2009 مقارنة بـ 12.3 في المائة منذ بداية الأزمة المالية العالمية في 2008. وتميزت الفترة التي سبقت الأزمة المالية بارتفاع أسعار النفط, التي بدورها وفرت الأرضية لارتفاع أسعار بعض الواردات, خصوصا المنتجات الزراعية. وكانت بعض الدول مثل الهند والبرازيل قد وجدت في ظاهرة ارتفاع أسعار النفط سببا كافيا لرفع قيمة صادراتها. وفي الوقت نفسه, وكما هو الحال مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء الكويت, عانى الاقتصاد الإماراتي مشكلة التضخم المستورد بسبب الارتباط بالدولار الأمريكي. ومرد ذلك تدني قيمة الدولار الأمريكي نتيجة رغبة الولايات المتحدة في معالجة الخلل في ميزانها التجاري عن طريق جعل الصادرات الأمريكية أكثر تنافسية في الأسواق العالمية.
ومن المتوقع أن يتراجع مستوى النمو بشكل أكثر وصولا إلى 1.1 في المائة في 2010 بسبب عدم عودة شبح ارتفاع أسعار السلع المستوردة. يعد التضخم عدوا رئيسيا لأي اقتصاد, ويظهر دليل عجز على إدارة دفة الاقتصاد.
ختاما تتوقع الجهات الرسمية تسجيل الاقتصاد الإماراتي نسبة نمو قدرها 3.2 في المائة في عام 2010 لأسباب جوهرية منها تعزيز النفقات الحكومية. وكانت الحكومة الاتحادية قد كشفت عن ميزانية قدرها 11.9 مليار دولار بزيادة قدرها 3.4 في المائة عن المصروفات المخصصة لعام 2009. تتضمن الإيرادات تلك التي تحصل عليها الوزارات والمؤسسات التابعة للدولة بما في ذلك الاتصالات والبريد لكنها لا تشمل الإيرادات النفطية كونها تدخل ضمن الميزانية المحلية لكل إمارة. لكن تسهم أبو ظبي النفطية بشكل رئيسي ودبي التجارية بدرجة أقل في الميزانية الاتحادية لغرض إيجاد التوازن بين النفقات والإيرادات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي