«السعودي الفرنسي»: الإقراض المصرفي للقطاع الخاص يصعد إلى أعلى مستوى منذ أغسطس
يبدو أنّ معدّل نمو الإقراض المصرفي إلى القطاع الخاصّ بدأ يتجه نحو التعافي، وإنْ بوتيرة متواضعة، طبقاً لآخر البيانات الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي؛ وهو ما يدعم توققعاتنا بأنّ النشاط الائتماني المصرفي سينمو خلال العام الجاري بمعدّل 8 في المائة فالبيانات الشهرية التي نشرتها مؤسسة النقد العربي السعودي يوم الأحد الماضي، تُظهر أنّ إجمالي القروض التي منحتها البنوك السعودية إلى القطاع الخاصّ المحلي ارتفع في نيسان (أبريل) إلى 750.63 مليار ريال سعودي، أي بمعدّل نمو سنوي قدره 3.6 في المائة؛ وهذا هو أعلى معدّل من نوعه منذ آب ( أغسطس).
كما أنّ حجم التمويل الذي ستحتاج إليه مشاريع قطاعات الكهرباء والماء والبنى الأساسية للمطارات والطاقة والبتروكيماويات خلال العام الجاري، قد يربو على أربعة وأربعين مليار دولار؛ الأمر الذي قد يدعم نمو الإقراض المصرفي خلال الجزء المتبقي من العام الجاري، مع أنّ البنوك ستستمر في تلافي المخاطر.
#2#
المؤشرات الشهرية للقطاع المالي السعودي
ارتفع معدّل النمو الشهري للإقراض المصرفي إلى القطاع الخاصّ من 0.49 في المائة في آذار ( مارس) إلى 0.65 في المائة في نيسان ( أبريل)، بينما تراجع هذا المعدّل بالنسبة إلى القطاع العامّ من أكثر من 15 في المائة في شباط ( فبراير) وآذار(مارس) إلى 2.9 في المائة في نيسان (أبريل).
واشتمل النمو الشهري للقروض المصرفية الممنوحة إلى القطاع الخاصّ في نيسان (أبريل) على زيادة شهرية قدرها 0.4 في المائة في إجمالي القروض وتجاوزات الحسابات المصرفية، فضلاً عن نمو الاستثمار في السندات المالية الخاصّة (المحليّة والدولية) بنسبة 3 في المائة.
ومع أنّ معدّلات نمو الإقراض المصرفي قد تتقلّب في فصل الصيف، إلا أننا نتوقّع أنْ يُسجّل متوسّط النمو الشهري لمجمل الإقراض المصرفي في النصف الثاني من العام الجاري مستوى مماثلاً للذي سُجّل في نصفه الأول؛ وهو ما يدعم توقّعاتنا بشأن معدّل النمو السنوي العامّ للإقراض المصرفي في المملكة.
#3#
لكنّ معدّل النمو المتواضع للإقراض المصرفي إلى القطاع الخاصّ دفع الشركات الخاصّة إلى الاعتماد على مواردها النقدية لتلبية الاحتياجات المالية لأعمالها.
ومع أنّ هذه الشركات بدأت بالإحجام عن الاقتراض في عام 2009، إلا أننا نتوقع لها أنْ تبدأ بالتخلي عن هذه السياسة في وقت لاحق من العام الجاري. وطبقاً لبيانات مؤسسة النقد العربي السعودي، تواصل انخفاض إجمالي الودائع في البنوك السعودية للشهر الرابع على التوالي وبلغ في نيسان (أبريل) 911.87 مليار ريال سعودي؛ لينخفض بنسبة 3 في المائة عن مستواه في أواخر عام 2009.
لكنّ انخفاض إجمالي ودائع العملاء لم يكن ملحوظاً. وبالأحرى، دفعت أسعار الفائدة المتدنيّة الشركات والأفراد إلى التحول من الإيداع فترات طويلة بهدف جني فوائد مالية، إلى الادخار على شكل ودائع تحت الطلب تسمح لأصحابها بسحب أموالهم متى يشاؤون.
#4#
وفيما ازداد إجمالي الودائع تحت الطلب بنسبة 5.8 في المائة بين كانون الأول (ديسمبر) ونيسان (أبريل)، انخفض بنسبة 4.9 في المائة إجمالي الودائع المجُمّدة فترات طويلة بهدف جني فوائد مالية. كما أنّ البنوك السعودية الـمُتخمة بالسيولة لا تتبع أي سياسات تشجّع على زيادة الودائع لديها. وبحلول نيسان (أبريل)، بلغت نسبة قروض البنوك السعودية إلى ودائعها 82 في المائة، بعدما بلغت 81 في المائة في آذار ( مارس).
وتمثل السبب الرئيسي لانخفاض إجمالي الودائع بتناقص ودائع الشركات الخاصة والمؤسسات الحكومية بالعملات الأجنبية فقد انخفض حجم هذه الودائع بنسبة 22.6 في المائة خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، بينما انخفض في نيسان( أبريل) وحده بنسبة 5 في المائة، وذلك بسبب تقلّبات أسعار صرف العملات الأجنبية التي دفعت الشركات إلى تقليص أصولها من هذه العملات. وانخفض في نيسان (أبريل) أيضاً معدّل نموّ أرصدة رسائل الاعتماد المصرفي بمعدّل شهري قدره 19 في المائة، فقد انخفض، مثلاً، معدّل نمو أرصدة رسائل الاعتماد المصرفي الجديدة لتمويل واردات السيارات والمكائن والسلع الغذائية.
مع ذلك، واصل حجم التبادل التجاري مع العالم الخارجي تحسّنه بفضل نمو الطلب المحلي في آسيا ونمو الطلب المحلي في المملكة. ففي نيسان(أبريل)، ازدادت القيمة الإجمالية لرسائل الاعتماد المصرفي الجديدة لتمويل واردات القطاع الخاصّ بنسبة 22.9 في المائة، بالمقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
أما خلال الجزء الأكبر من عام 2009، فانخفضت القيمة الإجمالية لهذه الرسائل بمعدلات سنوية حادّة فاقت، في الغالب 30 في المائة، وذلك بسبب تباطؤ مجمل النشاط الاقتصادي المحلي.
لكنّ قيمة هذه الرسائل عادت إلى الارتفاع المستمر منذ تشرين الثاني(نوفمبر) الماضي وقفزت في آذار( مارس) بنسبة قصوى بلغت 54 في المائة، الأمر الذي يبشّر بانتعاش حركة الاستيراد والتصدير في المملكة خلال العام الجاري.
#5#
التعافي المشوب بالحذر
تواصل الحكومة السعودية الاضطلاع بدور المموّل الرئيسي للمشاريع الاستراتيجية في المملكة، بينما تواصل شركات القطاع الخاصّ القيام بدور هامشي على هذا الصعيد. وفي نيسان (أبريل)، انخفض حجم الأصول الخارجية لمؤسسة النقد العربي السعودي للمرة الأولى منذ أيلول (سبتمبر) الماضي، وذلك عندما سحبت 7.5 في المائة من ودائعها في البنوك الأجنبية؛ أو ما يُعادل 23.9 مليار ريال سعودي.
لكنّ أسعار النفط المرتفعة ـ التي زادت في المتوسط عن 80 دولاراً للبرميل خلال شهريْ آذار( مارس) ونيسان (أبريل) ـ مكنت مؤسسة النقد العربي السعودي من تعزيز أصولها الخارجية بسرعة فقد ارتفعت قيمتها الإجمالية أخيراً إلى 1.55 تريليون ريال سعودي؛ وهو أعلى مستوى لها منذ شباط (فبراير) 2009، علماً أنّ هذا المستوى لا يزال دون المستوى القياسي التاريخي المرتفع الذي سجلته قيمة هذه الأصول في تشرين الثاني ( نوفمبر) 2008، وقدره 1.66 تريليون ريال سعودي.
وبفضل عودة أسعار النفط إلى الارتفاع، نجحت مؤسسة النقد العربي السعودي أواخر العام الماضي في زيادة ودائعها النقديّة في البنوك الأجنبية. ويتمثل الهدف الرئيسي للاحتفاظ بهذه الأصول السائلة في دعم الخطة الرسمية السعودية لتحفيز الاقتصاد المحلي. ومع أنّ حجم الإنفاق العام سيظل ضخماً، إلا أنّ توقعاتنا ما زالت تشير إلى أنّ المملكة ستُسجّل فائضاً صغيراً في حسابها الجاري في عام 2010، وذلك نظراً إلى إمكانية بقاء أسعار النفط فترة طويلة نسبياً بين 55 دولاراً و65 دولاراً للبرميل.
ويتجلى التعافي المشوب بالحذر بكل وضوح من خلال بيانات السيولة المتاحة (M3) ففي نيسان (أبريل)، بلغ معدّل النمو السنوي لهذه السيولة 2.6 في المائة ـ وهذا هو أدنى مستوى لهذا المعدل منذ عام 1999ـ بينما بلغ حجمها الإجمالي تريليون ريال سعودي.
وعلى سبيل المقارنة، وصل معدّل نمو السيولة المتاحة إلى ذروته البالغة 21 في المائة في منتصف عام 2008، بينما ظل أعلى من 10 في المائة على مدى عام 2009. نحن نعتبر هذا التراجع المستمر في معدلات نمو السيولة المتاحة أحد إفرازات النمو البطيء للنشاط الائتماني المصرفي.
ونستبعد حدوث أي تحسّن ملحوظ في هذه المعدلات ما لم يتحسّن هذا النشاط خلال الشهور المقبلة.
وبصفة عامة، تتأثر معدلات نمو السيولة المتاحة، إلى حدٍّ كبير، بإحجام شركات القطاع الخاص عن الاقتراض، ما يُنذر بتأخر عودة هذه السيولة إلى النمو بمعدّلات مرتفعة.
في هذه الأثناء، لا تشكل السيولة المتاحة أي ضغط تضخمي، مع أنّ معدّل التضخّم العام ارتفع إلى 4.9 في المائة في نيسان(أبريل) ليسجّل أعلى مستوى له منذ حزيران (يونيو) الماضي.
ويُعزَى ذلك إلى تضخّم أسعار الأغذية بنسبة 5.1 في المائة والمشروبات بنسبة 9.6 في المائة، فضلاً عن تضخّم أسعار الإيجارات والخدمات، علماً أنّ معدلات تضخم الإيجارات انخفضت بصورة مستمرّة خلال الأشهر الأربعة الأخيرة ووصلت حالياً إلى أدنى مستوى لها منذ آب (أغسطس) 2007.
في المقابل، ارتفعت أسعار السلع الغذائية في نيسان (أبريل) بأعلى وتيرة سنوية لها.
هنا، نشير إلى أنّ إجراءات السياسة النقدية لا تُمثّل الحلّ الناجع لتضخّم الأسعار المحلية للأغذية، لأنّ هذا التضّخم ناجم أصلاً عن توافر كميات محدودة من هذه السلع في الأسواق العالمية.