95 % من المصانع تقل فاتورتها الكهربائية عن 3 % من تكاليفها التشغيلية
قدرت هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج، نسبة المصانع السعودية التي تقل قيمة فواتيرها الكهربائية عن 3 في المائة من تكاليفها التشغيلية بنحو 95 في المائة، وهي مصانع تعتمد على الصناعات التحويلية، وذلك فيما يبدو أنه رد على الانتقادات التي طالتها من بعض الصناعيين جراء تعديلات في التعريفة المتغيرة في القطاع الصناعي.
وقالت الهيئة: إن تقارير رسمية حديثة أعدها استشاريون دوليون أثبتت أن المملكة تعد ضمن الدول الأقل تعريفة على مستوى العالم بـ (12 هللة للكيلو واط/ ساعة)، ويدخل في التصنيف الدول الصناعية الكبرى، وذلك نتيجة دعم الدولة لصناعة الكهرباء سواءً الدعم المباشر من حيث توفير القروض طويلة الأجل أو توفير الوقود بأسعار منخفضة جدا، وبمقارنة تكاليف الوقود بالسعر المعتمد لصناعة الكهرباء والسعر البديل الذي يباع به الوقود في السوق العالمية يتبين أن الدولة تدعم صناعة الكهرباء بقرابة 18 مليار ريال سنوياً.
وأوضحت الهيئة، أن تعريفة استهلاك الكهرباء تعد أحد الروافد الرئيسية لتطوير صناعة الكهرباء، حيث تقلل التعريفة العادلة للاستهلاك من الخسائر التي تتكبدها صناعة الكهرباء من جرّاء تدني الإيرادات اللازمة لمواجهة متطلباتها المالية والتشغيلية، وفي مقابل ذلك تؤدي التعريفة العادلة إلى تحصيل الدخل المطلوب لتأمين خدمة كهربائية ذات موثوقية واعتمادية عالية، إضافة إلى ضمان توفير الإيراد الكافي لتطوير كل عنصر من المكونات الرئيسية للصناعة وهي التوليد والنقل والتوزيع.
وأبانت الهيئة الأسس المنهجية لوضع التعريفة، حيث عملت بالتعاون مع مكاتب استشارية متخصصة بوضع مجموعة من الأسس المنهجية الفعالة لتحديد التعريفة الكهربائية ومراجعتها بشكل دوري، والأخذ في الاعتبار عند اقتراح أي تعريفة أن تكون متوافقة مع الأنظمة واللوائح والسياسات الحكومية العامة، ويعكس الظروف الراهنة للسوق السعودية، ويشجع على الكفاءة الاقتصادية في الإنتاج، وأن يكون مصمماً بما يحقق بشكل متوازن مصالح الملاك والمستثمرين والمستهلكين، كما ينبغي توفير الآليات اللازمة لضمان استمرار الاستثمار في مجال توليد الكهرباء ونقلها وتوزيعها، والعمل على أن يشتمل هيكل التعريفة على حوافز لتحقيق العرض الكافي وترشيد الاستخدام لكل فئات الاستهلاك، مع مراعاة أن أي تغيير في التعريفة يجب ألا يسبب أي صدمة في معدل سعر الكهرباء، وأن تقدم التعريفة المحددة مؤشرات صحيحة للمستهلكين عن التكاليف التي تفرضها أنماط استهلاكهم للكهرباء، وأن تحرص كذلك عند وضع التعريفة على عدم التمييز بين مستهلكين في فئة واحدة، وبين فئات المستهلكين وتقليص الدعم البيني.
منهجية إعداد التعريفة
خلصت الدراسات إلى تطوير منهجية إعداد التعريفة، ومراجعتها دورياً حسب أكثر المنهجيات الدولية توافقاً مع الأنظمة والقوانين السعودية، ويتضح بعد الدراسة أن الهيئات التنظيمية في عديد من الدول تعتمد على أساليب مختلفة لتنظيم الكهرباء وتحديد التعريفة، وأكثر هذه الأساليب شيوعاً هي التنظيم على أساس تكلفة الخدمة الهادف إلى إيجاد تعريفة تعكس التكلفة، إضافة إلى تحقيق عائد عادل على الاستثمار، والتنظيم على أساس تحسين الأداء الذي يركز على تحفيز مقدمي الخدمة على تحقيق النتائج المطلوبة بهدف تحسين الأداء (السعر وجودة الخدمة) بدلاً من التركيز على التكاليف.
وقالت الهيئة: اتضح بعد الدراسة والتقصي أن هناك كثيرا من الهيئات التنظيمية قد تحولت أو تسعى إلى التحول إلى هذا الأسلوب حيث اكتسب قبولاً واسعاً من خلال التجارب الناجحة حول العالم، وتعمل الهيئة على تنفيذ هذين الأسلوبين بشكل متتالٍ حيث تعتزم تنفيذ أسلوب التنظيم على أساس تكلفة الخدمة حتى العام 2012، وتبدأ بتطبيق أسلوب التنظيم على أساس تحسين الأداء خلال الفترة التنظيمية من 2013 حتى العام 2017. وأضافت: ومن أجل وضع تعريفه عادلة تم تطوير نظام تحديد التعريفة (TDS) لحساب الدخل المطلوب والمبيعات والتوسعات المستقبلية، ومقارنة الدخل المتوقع من مكونات التعريفة المقترحة مع الدخل المطلوب للمرخص لهم، مع إمكانية إجراء بعض التعديلات المناسبة لضمان الوفاء بالدخل المطلوب لصناعة الكهرباء، وهذا بدوره سيسهم في تطوير صناعة الكهرباء.
وأكدت الهيئة أن إقرار تعريفه لا تفي بمتطلبات صناعة الكهرباء الاستثمارية والتشغيلية يؤدي إلى عدم تمكن الشركة من بناء محطات وخطوط نقل وتوزيع جديدة وعدم تمكنها من استبدال المعدات القديمة في الوقت المناسب، وهذا يؤدي بدوره إلى عدم توافر الخدمة للمنشآت الصناعية والتجارية والسكنية الجديدة، ويؤدي كذلك إلى كثرة الانقطاعات التي تكبد الاقتصاد عموماً والمواطن على وجه الخصوص كثيراً، حسب الدراسات التي نشرتها وكالة الطاقة الدولية.
الكهرباء في المملكة
وعن واقع صناعة الكهرباء في المملكة، أوضح التقرير الذي أعده المكتب الاستشاري الكندي ''لندن إيكونوميكس''، ارتباط النمو الاقتصادي والعمراني بشكل مباشر بضرورة تطوير صناعة الكهرباء ومدى توافر الإمدادات للمشاريع الاقتصادية الجديدة ودعمها.
ووفق لأحدث الإحصاءات الاقتصادية فإن نسبة النمو المتوقع للاقتصاد في المملكة خلال العام 2010 بلغت 4 في المائة مقابل 2.4 في المائة في عام 2009، الأمر الذي يجعل الطلب على الكهرباء متزايداً بشكل كبير، حيث سيتضاعف الطلب على الكهرباء من 41 ألف ميجا وات خلال عام 2009 إلى 120 ألف ميجا وات خلال عام 2032، وهي نسبة عالية مقارنة بالنسبة العالمية التي أشارت وكالة الطاقة الدولية إليها، ما يدعو إلى تطوير موازٍ لخدمات الكهرباء من حيث انتشار محطات جديدة وشبكات نقل وتوزيع تربط أرجاء المملكة واستبدال المعدات القديمة لتتواكب مع هذا النمو خاصة أن الزيادة في الحمل الذروي بلغت 8 في المائة مقارنة بمعدلات الاستهلاك خلال العام الماضي، وهي مستويات مرتفعة جداً مقارنة بكثير من دول العالم. وتشير الإحصائيات إلى أن معدلات الزيادة في الحمل الذروي لدى الدول الصناعية ترواح ما بين 1 إلى 3 في المائة، ولتحقيق ذلك يتطلب استثمارات ضخمة وتخطيط طويل الأجل وتعاون المستفيدين من الخدمة ومقدميها في ترشيد الاستهلاك.
الكهرباء ستتضاعف
أثبتت دراسات أعدتها وكالة الطاقة الدولية أن انقطاع خدمات الكهرباء الذي يكلف الشركات المزودة للكهرباء خسارة 1 دولار يؤدي إلى تكبد الحركة الاقتصادية خسائر 8 دولارات، أي أن خسائر الاقتصاد جراء الانقطاعات تفوق ثمانية أضعاف خسائر الشركة المقدمة للخدمة. كما بينت تلك التقارير أن الطلب العالمي على الكهرباء سيتضاعف بحلول عام 2030 ما يتطلب طاقة قدرها 48000 ميجا وات واستثمار 4.6 تريليون دولار لتوليد هذه الطاقة عالميا للحفاظ على هامش احتياطي ملائم، كما أن توفير طاقة كهربائية منتظمة وغير متقطعة لا يقل أهمية عن توفير إمدادات الكهرباء إلى جميع نواحي المدن والقرى، وهذا ما يدعو الدول إلى تسخير جميع الوسائل والإمكانات للتقليل من انقطاع الكهرباء وضمان موثوقيته، وقد أثبتت الدراسة التي نشرت في موقع الطاقة الدولية أنه لا يمكن تلافي انقطاع الكهرباء بشكل تام وإنما يمكن تقليل انقطاعها بتطوير معدات الكهرباء وأنظمتها والمحافظة على احتياطي كاف في قدرات التوليد وسعة شبكات النقل والتوزيع، وهذا ما تسعى هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج ومقدمو خدمة الكهرباء إلى مواجهته في ظل النهضة والنمو المتزايد في الحركة الاقتصادية والعمرانية من خلال تطوير وتهيئة بنية تحتية للكهرباء تكون كافية وذات موثوقية عالية وقادرة على مواجهة النمو السريع للأحمال في الفترة الراهنة والمستقبلية، وذلك امتثالاً لتوجيهات المقام السامي بأن ندعم الخطط التنموية الرامية إلى تحويل المملكة إلى بيئة استثمارية جاذبة، الذي يعد تطوير صناعة الكهرباء أحد الركائز الأساسية لهذا الدعم ليكون الاستثمار الصناعي بالفعل خياراً استراتيجياً لتنويع مصادر الدخل.
تطوير الكهرباء
حول خطط تطوير صناعة الكهرباء في المملكة، أبرزت هيئة تنظيم الكهرباء، خططا استراتيجية أعدتها بالتعاون مع معاهد ومكاتب استشارية محلية وعالمية لتطوير صناعة الكهرباء في المملكة من خلال إعداد خطة طويلة المدى لإنتاج الكهرباء ونقلها في المملكة لتغطي فترة 25 سنة من برامج تطوير هيكلة صناعة الكهرباء التي يجري تنفيذها حالياً ومشاريع الربط المستقبلية مع دول الجوار إضافة إلى أنواع الوقود المتوافرة لتوليد الكهرباء.
كما قام المكتب الاستشاري الكندي ''لندن إيكونوميكس'' بإعداد خطة مقترحة لتنمية استخدام الطاقة المتجددة في المملكة مع التركيز على نشاط التوليد وتعزيز سياسة التكامل مع بقية أنشطة صناعة الكهرباء في النقل والمتاجرة محليا وإقليميا ودولياً، ومراعاتها لتنويع مصادر الطاقة في المملكة باستخدام مصادر جديدة أكثر ديمومة وأقل ضرراً على البيئة، مع تحديد الوسائل المحفزة للقطاع الخاص للاستثمار في مجال تطوير مصادر الطاقة المتجددة بمختلف صورها في المملكة على مستوى من الكفاءة يوازن بين تكلفة الخدمة من جهة وبين التكاليف الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على تقديم تلك الخدمة للمواطن.
وقالت الهيئة: ''ينتظر من هذه الخطة أن تسعى إلى تحقيق عدد من الأهداف كتشجيع تنوع مصادر الإمدادات الكهربائية، وإيجاد بيئة مستقرة وجاذبة للاستثمار في مجالات صناعة الطاقة المتجددة، وتسهيل تزويد المناطق النائية بالكهرباء، والإفادة من وفورات الحجم الكبيرة لتخفيض تكلفة إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة''.
وأضافت: يعود التركيز على الطاقة المتجددة إلى فوائدها العائدة إلى صناعة الكهرباء في المملكة التي لا تتمحور فقط حول تجنب الانبعاثات الضارة للغاز المسببة للاحتباس الحراري وخفض كميات النفايات، بل تتعدى ذلك إلى تنويع مصادر الوقود والتنوع التقني والتقليل من استخدام كميات الوقود الأحفوري المقدم بسعر التكلفة المحلية، وتوطين منظومة الصناعات المرتبطة باستخدام الطاقة المتجددة وتطويرها ونقل تقنياتها الأمر الذي يتيح للملكة أيضاً الريادة في مجال استخدام الطاقة المتجددة.