تحول جديد..الشركات السعودية تستهدف المستثمرين الأمريكيين عبر هيكلة الصكوك
أكد متعاملون غربيون في صناعة الصيرفة الإسلامية أن الشركات السعودية -من القطاع الخاص- بدأت في انتهاج أسلوب جديد يتمثل استهدافها المستثمرون الأمريكيون، وذلك عبر جعل هياكل الصكوك متوافقة مع المادة A144 الأمريكية، لتصبح مساوية للسندات التقليدية من حيث التوثيق، والإطار القانوني، ومستويات الإفصاح.
وقال جون ساندويك، مستشار إدارة الأصول والثروات الإسلامية في شركة John A. Sandwick: ''لا يوجد سبب يمنع ألا تقوم أكبر كتلة أموال في العالم (الولايات المتحدة) بشراء الصكوك، طالما أنك تفي بمعاييرهم الفنية ومعايير الجودة، فإنهم سيقومون بالشراء، وفقاً للمخاطرة والعوائد، بل إنهم حتى في الواقع لا يكترثون إذا كانت على شكل صكوك، طالما أن مذاقها هو كالسندات، ورائحتها هي كالسندات، وتتصرف كأنها سندات''.
وتابع: ''إذا أريدَ للصكوك السعودية أن تمول مشاريع البنية التحتية وغيرها في المملكة، فلا بد أن تسوق للمستثمرين الأمريكان''.
لكن إحدى شركات المحاماة البريطانية أبدت قلقها من أثر ضريبة الاقتطاع السعودية على حملة الصكوك الأجانب، حيث كشفت لـ ''الاقتصادية'' شركة كليفورد تشانس أن مصدري الصكوك يعانون صعوبات في ترويج صكوكهم للعملاء المحتملين.
يقول ديباشيس دي، المحامي المتخصص في أسواق المال: ''تعاملات الصكوك في السعودية لا تزال في حاجة إلى وقت طويل لتسويقها أكثر مما هي عليه الحال في الدول الخليجية الأخرى''. وتابع: ''كما أن الأثر المستمر لضريبة الاقتطاع البالغة 5 في المائة على الأرباح المدفوعة إلى المستثمرين غير السعوديين من شأنه أن يرجح كفة الإصدارات المحلية على الإصدارات الدولية.
خليجيا، استخدمت كل من دبي العالمية وشركة JAFZA (من دبي) المادة رقم A144 لطرح صكوكها أمام المستثمرين الأمريكيين عام 2008. في حين كانت دار الأركان أول شركة سعودية تستهدف المستثمرين الأمريكيين، بحسب نيش بوبات – رئيس قسم الدخل الثابت للشرق الأوسط في آي إن جي إنفستمنت مانجمنت (ميدل إيست) ليمتد.
#2#
الغرب الأمريكي.. الاتجاه القادم
ظهرت في الآونة الأخيرة توجهات جديدة في أسواق الصكوك العالمية، ولعل أهم هذه التوجهات ظهور الولايات المتحدة كمصدر للمستثمرين في الصكوك.
من الناحية التاريخية، لم يكن للولايات المتحدة وجود بارز في قوائم المستثمرين الذين تتمنى الجهات المصدرة وجودهم. ذلك أن عملية التوعية المطلوبة لإقناع المستثمرين الأمريكيين بشراء فئة الموجودات هذه كانت مستهلكة للوقت ومكلفة جداً، دون أن يكون هناك ضمان لنجاحها.
وفي أوقات الرخاء، كان هناك طلب كبير على هذه الصكوك من منطقة الشرق الأوسط ومن آسيا، إذن من كان في حاجة إلى المستثمر الأمريكي؟ هكذا مضت الحكمة المتصورة.
يقول محمد داود، مدير أسواق مال الدين في ''إتش إس بي سي'' أمانة ورغم ذلك، عندما كان بنك HSBC يسوّق الصكوك السيادية الإندونيسية العام الماضي، تلقى طلباً قوياً من المؤسسات الأمريكية دون أي توعية مسبقة بالصكوك''.
ويرى روبرت مايكل، مؤسس شركة Robert E. Michael & Associates للمحاماة أن مصدري الصكوك السعوديين قد يستمرون في استهداف المستثمرين الأمريكان، إلا أنه عاد وقال: ''بالنظر إلى الظروف السيئة التي أحاطت بصكوك شركة إيست كاميرون، والدعاية السلبية حول نخيل، والافتقار إلى معرفة الأحكام الشرعية والتمويل الإسلامي، فإن هناك مسائل غير محسومة حول الإجراءات القضائية الأجنبية التي تفرض على الأصول السعودية التي ارتكزت عليها عملية الإصدار''.
يقول ساندويك: ''أي شخص في أي مكان في العالم إذا أراد أن يجمع أموالاً كبيرة لتمويل المشاريع، فإنه في العادة يقوم بإصدار السندات ويبيعها في مختلف أنحاء العالم، لكن بصورة خاصة في أمريكا. وهذا ينطبق بصرف النظر عما إذا كان المشروع سداً لتوليد الكهرباء بالقوة المائية في بيرو، أو معملاً لتوليد الكهرباء يعمل بالفحم الحجري في الصين، أو خط تجميع جديد لمصنع سيارات رينو في روسيا''.
المادة A144
وعن الجهات التي من المرجح لها شراء الصكوك، يقول ساندويك: ''صناديق التقاعد وشركات التأمين الأمريكية تمتلك آلاف مليارات الدولارات من السندات. وهي صناديق خاضعة للتنظيم، ولا بد أن تضع معظم أموالها في استثمارات مأمونة، وهذا هو السبب في أن أكبر هذه الصناديق هي أكبر مشترٍ للسندات في العالم.
المادة A144 هي استثناء في الأوراق المالية يتيح للمستثمرين الأمريكيين شراء الأوراق المالية التي تصدرها أية شركة أجنبية لم تقدم طلباً لطرح أسهمها للاكتتاب العام لدى هيئة الأوراق المالية الأمريكية. هذا الإعفاء قائم منذ 30 عاما على الأقل، وهو أوسع الأساليب انتشارا في الإصدار إلى المستثمرين في الولايات المتحدة.
يقول ديباشيس: أنا لا أقول إنه سيخلق سوقاً للصكوك، على اعتبار أنه مجرد استثناء أو إعفاء خاص بالأوراق المالية.
ويرى مراقبون أن عدداً من الصكوك العالمية سيتم إصدارها وفقاً لأحكام المادة A144 التي يعمل توثيقها ومستويات شفافيتها على تعزيز الطلب من مختلف الدول والمستثمرين، فضلا عن أن الولايات المتحدة ستصبح هدفاً رئيسياً لمصدري الصكوك.
ضرائب الصكوك
وعن القضايا التي تشغل بال المستثمرين الأمريكان قبل أن يستثمروا في الإصدارات السعودية، يقول مايكل: ''المواضيع المهمة تماماً في هذا الخصوص التي لا بد من معالجتها بالنسبة للمستثمرين الأمريكيين هي ما يلي: (1) ضمانات حول إمكانية فرض قرارات المحاكم الأجنبية في السعودية. (2) الأوراق المالية المدعومة بالموجودات في مقابل الأوراق المالية القائمة على الموجودات وقضايا البيع الحقيقي بموجب القانون الأمريكي. هذه القضايا المتعلقة بالقانون الأمريكي تم تجاهلها في صكوك إيست كاميرون، وكانت النتائج هي جوانب عميقة من اللبس وعدد كبير من القضايا القانونية''.وحول ضريبة الاقتطاع، يقول ديباشيس، المحامي الذي يعمل لدى كليفورد تشانس: ''ضريبة الاقتطاع موجودة بالفترة ليست بالبعيدة. شركات الإصدار السعودية التي تطرح إصدارات صكوك للمستثمرين المحليين غير ملزمة بتخصيص مبالغ لهذه الضريبة. ولكن في حالة رغبة مصدر الصكوك السعودي (توسيع قاعدة المستثمرين) في أطروحاته، وذلك بضم الأجانب، سيتعين عليها زيادة توزيعاته الدورية الخاصة بالصكوك، وذلك للتعويض عن الانخفاض الناتج عن دفع الضريبة إلى السلطات الضريبية. هذه التكلفة الإضافية التي ستترتب على الشركة السعودية يمكن في بعض الأحيان أن تجعلها تفضل الإصدارات المحلية فقط.