إنذار عاجل
في كل يوم نسمع عن حوادث عدة يندى لها الجبين وتدمع لها العين، حوادث كثيراً ما تؤدي إلى فقد الأرواح وقد تكون أسبابها مختلفة ومتنوعة ولكن من المعروف أن الحوادث المرورية هي السبب الرئيس ومع ذلك فهناك أسباب أخرى بدأت تنافس الحوادث المرورية في فقد الأرواح وهي تعاطي المخدرات وإدمانها والتي كانت ولا تزال هاجساً مرعباً لكثير من الأهالي الذين غفلوا عن أبنائهم وتركوهم فريسة سهلة للمروجين فوجدوا فيهم صيداً ثميناً واستغلوا ضياعهم وشتاتهم كما استغلوا بطالتهم فسقطوا في شباكهم.
وعلى الرغم مما يبذل من جهود مضنية وأعمال جبارة سواء على الصعيد الأمني أو الاجتماعي لمكافحة هذا الوباء والوقوف أمام هذا الخطر الذي يدمر المجتمعات ويفتك بالشباب والشابات إلا أن دراسة نشرت أخيرا أوضحت أن هناك احتمالات لتزايد جرائم المخدرات بنسبة 9 في المائة سنوياً على الأقل حتى عام 1433هـ، ما لم تتضافر الجهود مجتمعياً واقتصادياً وأمنياً للتصدي لهذه الظاهرة بقوة، كما أوضحت الدراسة أن عدد المروجين في المملكة بلغ 90.3 ألف مروج منهم 59.6 ألف سعوديون، كما بلغ عدد المتورطين في التهريب 20.3 ألف مهرب تسببوا في إدمان 270 ألف متعاط خلال 25 عاما ومن أهم نتائج الدراسة أن 34 في المائة من المروجين والمهربين والمتعاطين هم من العاطلين عن العمل.
وكما ذكرت فهناك جهود تبذل وأعمال مميزة تقدم لمكافحة هذا الوباء ومن ذلك إطلاق الندوة الإقليمية الأولى في مجال مكافحة المخدرات وتبادل المعلومات يوم أمس وتدشين الحملة الإعلامية للوقاية من مخاطر تعاطي المخدرات، حيث تهدف هذه الدورة إلى إبراز الدور الذي تقوم به الجهات المختصة في مجال مكافحة المخدرات والاطلاع على الاستراتيجيات التطبيقية العالمية في مجال مكافحة المخدرات، وقد أكدت الجهات المنظمة للندوة أن تنظيم هذه الندوة يأتي من خلال استشعارها لمخاطر التهريب وتعاطي المخدرات التي تتعرض لها المملكة.
في المقابل فإن الملاحظ أن المملكة تتعرض لهجمة شرسة من مروجي المخدرات فهم يبذلون كل جهد في سبيل تهريب أكبر كميات ممكنة من هذه السموم إلى وطننا ويحرصون كل الحرص على استغلال كل فرصة والاستفادة من كل وسيلة لإيصالها إلى داخل الوطن وفي مقابل ذلك فإن هناك جهودا مميزة تبذل للتصدي لهذه الهجمة تمكنت خلال الـ 14 شهراً الماضية فقط من إحباط تهريب وترويج 60 مليون حبة كبتاجون و11 طن حشيش و500 كيلو هيروين نقي فيما استشهد ضابط وأصيب آخرون من خلال التصدي لهذه المواجهات خلال العام الماضي.
ولذلك فإنني أعتقد أننا يجب أن نعود لتوصية الدراسة السابقة حول أهمية الوقوف كمجتمع كامل أفراداً ورجال أمن واقتصاديين وآباء وأمهات صفاً واحداً أمام هذا الطوفان الذي يهجم على مجتمعنا، ويجب أن نعطيه اهتماما أكبر، إذ إن كثيراً منا يعتقد أنه بعيد كل البعد عن مثل هذه الأمور ولا يلبث فجأة أن يكتشف أن أحد أفراد عائلته ودون أن يدري قد أصبح من المتعاطين وعندها تبدأ المعاناة خصوصاً إذا تم اكتشاف هذا الأمر متأخراً إذ قد يكون هذا المتعاطي في الأسرة قد قام بترويج مثل هذا السم لآخرين في العائلة نفسها.
إنه موضوع مهم وإنذار عاجل خطير يجب أن نواجهه بجدية واهتمام وأن نعمل على تعريف أبنائنا بأضرار هذه المخدرات وأن نتابعهم باستمرار فإن لم نفعل فسيقضي هذا الوباء على فلذات أكبادنا وسيهدم مجتمعنا.