تخوف من فشل التأمين الصحي التجاري.. والبديل «الضمان الاجتماعي»
نبه مسؤول صحي سعودي إلى احتمالية فشل التأمين الصحي التجاري المطبق حاليا في السعودية على المواطنين والذي تكون فيه شركة التأمين هي المتحكم في المريض ومقدم الخدمة الصحية، مطالبا بالتحول إلى التأمين الصحي الاجتماعي الذي تكون فيه الدولة هي الطرف الرئيسي كما هو معمول به في كندا، أستراليا، ودول الاتحاد الأوروبي.
ودعا الدكتور عدنان البار أستاذ الصحة العامة وطب الأسرة في جامعة الملك عبد العزيز ورئيس المجلس العلمي لطب الأسرة والمجتمع في الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، أن التأمين الصحي التجاري المعمول به حاليا في المملكة أثبت فشله في كثير من دول العالم، على اعتبار أن شركات التأمين دائما من تضيق الخناق على المرضى وكذلك حرية الأطباء في اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه المريض المستفيد من الخدمة الطبية.
وقال الدكتور البار خلال مشاركته في جلسة نقاش حول الخدمات الصحية أقيمت على هامش فعاليات الحوار الوطني الذي اختتم أعماله في نجران أخيرا وكان التأمين أحد محاوره: «إن الدول التي طبق التأمين الصحي التجاري أقرت بفشله وهو خصم للنظام الصحي الفاعل، وأن النظام البديل هو التأمين الصحي الاجتماعي، المعمول به في كندا، أستراليا، وبعض دول الاتحاد الأوروبي»،كما اكدت على ذلك الدراسة المستفيضة التى اجراها الاتحاد الاوروبي للنظم الصحية الفاعلة وابحاث الدكتورة بابرا ستارفيلد الخبيرة الامريكية في النظم الصحية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن هناك توصيات دولية تعنى بالقطاع الصحي تنصح جميع الدول بتجنب التأمين الصحي التجاري.
والتأمين الصحي التجاري ، وفقا للبار, يتمثل في أن يدفع الفرد أو المؤسسة المؤمنة مبلغا ماليا لشركة التأمين كي تقوم بدورها في تغطية الخدمة الصحية له لدى مقدم الخدمة من المستشفيات والمراكز الصحية، وهنا تكون شركة التأمين هي الرابط بين المستفيد من الخدمة ومقدم الخدمة وبالتالي تتحكم في الطرفين من خلال تضييق الخناق على المؤمن عليه (المريض) والأطباء في تقديم العلاج المناسب.
أما التأمين الصحي الاجتماعي ـ البديل ـ فهو يخرج شركة التأمين من التحكم في المريض أو مقدم الخدمة (مستشفيات)، وهو نوع من أنواع الضمان الصحي الذي تقوم عليه الدولة، حيث تدفع الدولة لشركات التأمين قيمة التغطية التأمينية للمواطن، شريطة أن تحدد الدولة مواصفات بوليصة التأمين والمستشفيات التي سيتم التعامل معها، بحيث يكون المواطن هو من يحدد احتياجه والمرفق الصحي الذي يراجعه دون تدخل من شركة التأمين.
#2#
ويمكن أن تتحمل الدولة تكاليف التغطية التأمينية بشكل كامل، أو بشكل جزئي من خلال تحصيله كليا أو جزئيا من المواطن على طريقها، كأن تقتطع نسبة من راتب كل موظف لصالح الضمان الصحي الاجتماعي وقد تتكفل به بالكامل, وهذا يختلف من دولة إلى أخرى بحسب قدرتها المالية وسياستها الاجتماعية.
وعما إذا كانت الجهات المسؤولة تتجه نحو إبدال التأمين التجاري بالتأمين الاجتماعي، قال البار: «أعتقد أن التوجهات التي لمسناها في وزارة الصحة تسير في اتجاه الضمان الصحي الاجتماعي».
في المقابل طالبت سميحة آل صمع ـ وهي إعلامية تربوية شاركت في جلسات الحوار الوطني ـ بضوابط صارمة للتأمين الصحي المعمول به حاليا في المملكة، بهدف الحصول على أفضل خدمة صحية.
كما طالبت الدكتورة نادية فنتيانة وهي مستشارة التمريض لبرامج خدمة المجتمع في دائرة الخدمات الطبية في مستشفى أرامكو السعودية ـ بضرورة تطوير التأمين الصحي الذي قد يخلق علاقات غير عادلة، مشيرة إلى أن كثيرا من المرضى لا يستطيع الحصول على الأدوية. وقالت: «هذا النظام الصحي التجاري أظهر كثيرا من المشكلات، حيث أصبحت الخدمات الصحية تجارية بحتة».
هذا ولم تبرز النتائج النهائية لجلسات الحوار الوطني الذي تناول الخدمات الصحية بعدما مرت بعدة محطات شملت خمس مناطق سعودية، من أية توصيات تتناول التأمين الصحي في المملكة، وذلك على الرغم من أن اللجنة الراصدة لنتائج الجلسات كانت قد دونت 13 توصية ومطالبة في موضوع التأمين الصحي تمهيدا لتضمينها في النتائج النهائية.
وتضمنت أهم التوصيات التي تم رصدها من قبل لجنة المتابعة: أهمية وجود ضوابط للشركات والمؤسسات الخاصة التي تعنى بالتأمين الصحي، الحاجة إلى التأمين الصحي كشريك استراتيجي لوزارة الصحة، إيجاد تنظيم لتصنيف المرافق الصحية تصنيفاً دقيقاًُ يتم من خلاله تخصيص العلاج الطبي (التأمين)، معالجة مشكلة وجود خدمات غير عادلة تواجهها شركات التأمين الصحي بين المستفيدين وعدم قدرة القطاع الخاص على استيعابهم.
ورأى بعض المشاركين في جلسة النظام الصحي أن التأمين الشامل هو الحل الأمثل لحل مشكلات التأمين القائمة، كذلك أهمية وجود ضوابط لدى شركات التأمين الصحي حتى لا يكون المستفيد ضحية لها، العمل على تعديل مفهوم التأمين الصحي بين أفراد المجتمع ومؤسساته، كذلك أهمية تحديد المرجعية في متابعة التأمين الصحي، إضافة إلى سن قوانين وتشريعات منضبطة لشركات التأمين بطريقة إلزامية.
ودعا المشاركون أيضا إلى أهمية نشر مفهوم بوليصة التأمين لدى عامة الناس، تفعيل دور بوليصات التأمين لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، إلى جانب العمل على إلغاء النظام التأميني التجاري الحالي لأنه نظام خصم للنظام الصحي واستبداله بالنظام التأميني الاجتماعي.