تقرير مالي يتساءل: هل تستفيد هيئة سوق المال الكويتية من تجربة نظيرتها السعودية؟
أشار التقرير الاستراتيجي الصادر حديثاً عن شركة المركز المالي الكويتي ''المركز'' إلى أن تمرير مجلس الأمة الكويتي أخيراً قانون هيئة سوق المال يعد قراراً بالغ الأهمية وقد يشكل نقطة تحول أساسية في مستقبل سوق المال في الكويت. ونظراً إلى اضطراب أسواق المنطقة والخسائر الفادحة التي تكبدها المستثمرون المحليون، يرى القائمان على إعداد هذا التقرير أن مثل هذا التطور المهم غائب عن اهتمام المستثمرين أو تشجيعهم لهذه الخطوة. وباستثناء السعودية، لا يوجد دليل ملموس في سياق المنطقة على القفزة النوعية التي قد تثمرها هذه الخطوة. وبعيداً عن المزايا العادية للأنظمة المحسنة، فإن حماية المستثمرين والشفافية التي من المتوقع أن يوفرها هذا القانون من المرجح أن تستقطب اهتماماً قوياً للاستثمار الأجنبي خاصة في وقت تهيئ فيه الكويت نفسها لأن تصبح مركزاُ مالياً إلى جانب انفتاح سوق الأسهم الكويتية بسخاء على الاستثمارات الأجنبية.
من ناحية أخرى، يقول تقرير ''المركز'' أن الدروس المستفادة والخبرة التي شهدتها السعودية ستكون أساساً في تقييم هذه الخطوة نظراً إلى أن أحكام سوق المال في الكويت تعكس كثيراً تلك في السعودية. وكانت الأخيرة نفذت هذا المشروع في نهاية 2003، وتشير الإحصائيات المسجلة في تلك الفترة إلى بعض الأدلة الحيوية. فعلى المستوى الشامل زاد إجمالي عدد الشركات المدرجة من 73 في 2004 إلى 136 في 2009، أي أن هناك قفزة تقارب 90 في المائة. أما السيولة التي تقاس وفق متوسط قيمة التداول اليومي فقفزت من 0.16 مليون دولار في 2004 إلى 1.3 مليون دولار في 2009.
والأهم من ذلك أن الشركات السعودية اليوم أكثر اندفاعاً في الإفصاح عن أدائها الفصلي من قبل، وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير، أعلنت 96 في المائة من الشركات السعودية نتائجها المالية في العام الماضي مقابل 20 في المائة بالنسبة للكويت. وشهد سوق الأسهم قفزة نوعية من حيث الأسهم التي تهيمن على التداول. وقبل تطبيق قانون سوق المال لم يكن من الشائع إيجاد أسهم صغيرة خاصةً مثل قطاع الزراعة تتحكم بالتداول، إضافة إلى أن سوق الاكتتابات العامة التي غالباً ما تقابل بحماس بين أوساط المواطنين، حصلت على حافز من حيث عدد وحجم الإصدارات. أما الاكتتابات العامة بما فيها القطاع الخاص فزادت من 5.5 مليار دولار في 2006 إلى 19 مليار دولار في 2009.
ويرى التقرير أن دراسة وضع السعودية مؤشر مهم جداً في تحديد شكل الأمور التي ستكون عليها في الكويت، وليس بالضرورة أن تتكرر مثل تلك النتائج في السوق الكويتية خاصة في نواحي مثل عدد الأسهم المدرجة حيث تواجه الكويت مشكلة فائض إذ يزيد عدد الشركات المدرجة على 200 شركة. وأكثر من 85 في المائة منها ذو قيمة سوقية صغيرة وتداول لا يذكر وتنتمي إلى شريحة متعثرة من الشركات المالية والعقارية. و مع ذلك، قد يوفر قانون هيئة سوق المال الجديد حلاً جيداً من حيث تغيير هيكلة السوق بصورة شاملة عبر فرص الخصخصة وتسهيل عملية الاندماج. ويأمل التقرير أيضاً أن يسهم القانون في تحسين تركيبة الأسهم التي تهيمن على حجم التداول. فخلال العام الماضي، شهدت أكبر خمسة أسهم متداولة من حيث الحجم في سوق الكويت للأوراق المالية قيمة سوقية متراكمة بلغت 1 في المائة فقط من إجمالي القيمة السوقية مقابل 25 في المائة في السعودية. ويرى التقرير أن تطبيق هيئة سوق المال في الكويت يمكن أن يسهم بنقلة مماثلة في النوعية كما شوهد في السعودية.
من ناحية أخرى، أشار التقرير إلى الجدل الذي قد يدور حول تشكيل مجلس إدارة الهيئة وسرعة تطبيق الهيئة عملياً. وسيكون المشروع منصّباً على الموارد من حيث القوة العاملة، إذ توظف السعودية على سبيل المثال 500 كادر تقريباً، وبالتالي قد تستلزم الهيئة تخطيطاً مكثفاً ودقة في التنفيذ. وفي حال لم يسّوق كما يلزم، فإن مجتمع التداول المحلي قد ينظر إلى المشروع على أنه إشراف رقابي أكثر من كونه عملية تقدم فعلية نحو الإصلاحات التنظيمية. وفي حين تتجاوز القيمة السوقية 100 مليار دولار في البورصة ونظراً إلى أنها تأسست عام 1962، فإن الترويج لهيئة سوق المال الكويتية بحاجة فعلياً إلى توصيل رسالة عن أهميتها.