في سوق العقار .. تلاعب احتساب الفائدة والعمولة من يوقفه؟

كنت أبحث عن فيلا صغيرة بنظام التقسيط، فتعرضت لقصة كشفت لي أوضاع سوقنا العقارية، فقد وجدت المنزل المناسب بمساحة 350 متراً مربعاً وبسعر نقدي يبلغ 1.380.000 ريال. مع وجود لوحة كتب عليها بالبنط العريض عن إمكانية البيع بالتقسيط ورقم المكتب. استعنت بالله وأخذت الرقم وقمت بالاتصال وحددت الوقت لزيارتهم في اليوم التالي. وبعد الرسميات و»بيالة الشاهي» بدأنا النقاش في حيثيات تقسيط الفيلا وقام مدير الشركة بإبلاغي بالطريقة المستخدمة لحساب التقسيط لمدة 15 عاما تحت ما يعرف في المنتجات الإسلامية بالإجارة, وبعد الكتابة على مسودة واستخدام الآلة الحاسبة صار المبلغ الكلي لتقسيط الفيلا 2.687.550 ريال إضافة إلى ألفي ريال مصاريف إدارية. تصوروا أن سعر المنزل بالتقسيط تضاعف ما يقارب 100 في المائة عن السعر النقدي.
لم يعلم مدير الشركة أني أحد رجال البنوك ولي خلفية في هذه الأمور, وبمتابعتي الصامتة لما يكتبه على المسودة وطريقة الحساب على الآلة الحاسبة, وجدت هناك كثيراً من التجاوزات التي كنت أظنها حدثت عن غير قصد, ولكني ذهلت بعد مناقشتي معه الطريقة التي يجب اتباعها Calculation Methodology أن الرجل مُصر على أن هذه هي الطريقة التي تتعامل بها الشركة.
لنرى أولا كيف وصل المبلغ إلى 2.687.550 ريال. تناسى المدير إنقاص قيمة الدفعة المقدمة التي تعادل 15 في المائة أو 207 آلاف ريال من قيمة الفيلا النقدية, زاد قيمة السعي الذي يعادل 2.5 في المائة أو 34.500 ريال على القيمة النقدية في عملية الحساب. وبالطبع استخدام عمولة تمويل 6 في المائة فيما يعرف بالإقراض المنبسط أو المستمر Flat وليس بالتناقصي Declining. المهم اعترضت بشدة على هذه الطريقة وهذه السرقة المخفية في طريقة الحساب, فجاء رد المدير حرفيا (يا أخي إذا ما عجبتك طريقتنا رح شف أي جهة تعجبك واشتكي).
في الواقع أسقط في يدي, لمن ألجأ للشكوى؟ هل لوزارة التجارة, مؤسسة النقد, هيئة سوق المال أو الشرطة. لو كان التعامل مع بنك ربما نستطيع اللجوء إلى مؤسسة النقد ولكن هذه شركة تقسيط عقارية, بالتالي الأقرب هو مرجعها إلى من أصدر السجل التجاري لمزاولة النشاط . هل فعلا وزارة التجارة لديها الخبرات الكافية لمراقبه تلك الشركات ووضع القوانين التشريعية للتعامل التي هي أقرب إلى التعاملات الحسابية البنكية من الحسابات المالية للشركات.
هناك خلل أو فجوة في النظام يستغلها ضعاف النفوس لإرهاق كاهل المواطن بالسرقات الخفية, ولعلمهم بجهل المواطن بخفايا تلك التعاملات. بالتالي من الأرجح أن تقوم مؤسسة النقد بتشريع قوانين التعامل ومراقبة تلك الشركات أسوة بشركات التأمين. وهناك ملاحظة عن اتجاه الشركات والبنوك لإعادة صياغة عقود تقسيط المنازل, ما يمكنها أو يخولها برفع الفوائد على تقسيط المنازل بحسب ارتفاع الفوائد في الأسواق. وهذا كان السبب الحقيقي للكارثة الاقتصادية التي حدثت في الولايات المتحدة بما يعرف بالإنجليزية Sub-Prime التي سببت الكارثة الاقتصادية الكبرى التي لا زال العالم يعيش مرارتها إلى يومنا هذا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي