السعودية تعود تدريجيا للنمو الاقتصادي القوي.. ومتوسط نفطها عند 71 دولارا

السعودية تعود تدريجيا للنمو الاقتصادي القوي.. ومتوسط نفطها عند 71 دولارا

أكد تقرير معهد التمويل الدولي، أن السياسات التي اتبعتها الحكومة السعودية في استجابتها لتداعيات الأزمة العالمية كانت سريعة وواسعة النطاق، ما ساعد الاقتصاد على مواجهة الأزمة العالمية دون مخاوف حقيقية. وقال التقرير إن المعهد يتوقع أن يحقق الاقتصاد السعودي نموا قويا خلال عام 2010، مدفوعا بالإنفاق الحكومي القوي وتحسن شروط التمويل المصرفي والعودة التدريجية للثقة بالأسواق. كما أن بقاء سعر الدولار فوق مستوى 80 دولارا سيؤدي إلى وجود فائض كبير في الحساب الجاري خلال العامين 2010 و2011. ويتوقع المعهد متوسط سعر البترول 74 دولارا للبرميل (يعادل 71 دولارا لبرميل النفط السعودي) خلال عام 2010، في حين يعتقد أن الميزانية بنيت على سعر يراوح بين 45 دولارا و50 دولارا.
ويتوقع التقرير الذي أصدره المعهد مطلع هذا الشهر أن ينمو الاقتصادد السعودي عام 2010 بنسبة 3.2 في المائة ثم بنسبة 4 في المائة عام 2011، ويعود التراجع في معدل النمو عام 2009 إلى انخفاض القطاع النفطي بنسبة 8.7 في المائة، بينما ينمو القطاع غير النفطي بنسبة 3.1 في المائة. وفيما يخص معدلات التضخم يؤكد التقرير تراجعها من 9.9 في المائة في 2008 إلى 4.5 في المائة عام 2009. ووفق التقدريرات، سيبلغ حجم الناتج المحلي السعودي 405 مليارات دولار عام 2010 ثم 443 مليار دولار عام 2011.
أما الصادرات السلعية فسوف ترتفع إلى 217 مليارا عام 2010 وذلك مقارنة بـ 313 مليار دولار عام 2008 . أما الصادرات النفطية التي انخفضت من 281 مليارا 2008 إلى 152 مليار دولار عام 2009 فسترتفع إلى 217 مليارا عام 2010 . ويتوقع أن يبلغ صافي الاحتياطيات الأجنبية لمؤسسة النقد العربي 437 مليار دولار عام 2010. أما بالنسبة إلى رصيد الميزانية كنسبة من الناتج المحلي فسترتفع إلى 6.5 في المائة عام 2010. وبالنسبة للإيرادات، فإن المعهد يتوقع أن ترتفع إلى 704 مليارات دولار عام 2010. وتبلغ الإيرادات النفطية 493 مليار دولار عام 2009 بينما بلغت الإيرادات غير النفطية 69 مليار دولار، منها 13 مليار دولار دخل الاستثمارات.
وقال التقرير إن السياسات السليمة في إدارة الثروة النفطية خلال الأعوام الماضية أدت إلى انخفاض الدين الحكومي إلى مستويات متدنية، كما أدى إلى زيادة صافي الموجودات الأجنبية البالغة 406 مليارات دولار عام 2009 وهي تمثل 90 في المائة من الناتج المحلي. كما أن الإشراف القوي لمؤسسة النقد على القطاع المصرفي أدى إلى تطوير سياسات مراقبة المخاطر والتحفظ في سياسات الإقراض. ويعد القطاع المصرفي بشكل عام في وضع جيد إلا أن هناك بعض القلق بشأن ميزانيات بعض البنوك التي قد تظهر خلال الأشهر المقبلة ناجمة عن تعثر بعض الشركات الكبرى. إلا أن تلك المخاطر قابلة للسيطرة. وفيما يخص معدلات التضخم قال التقرير إنها ستستمر في التراجع وذلك ناجم عن تراجع الطلب وانخفاض أسعار الواردات.
ويتوقع التقرير أن يتحسن الوضع الاقتصادي العام بشكل تدريجي على المدى المتوسط، لكنه سينتقل إلى النمو القوي خلال العامين المقبلين خاصة مع الاستقرار المتوقع في الأسواق العالمية والتعافي التدريجي للاقتصاد العالمي. وأضاف أن الإنفاق الحكومي القوي لعب دور المحفز للاقتصاد، كما أن تعافي القطاع الخاص بعد تحسن شروط الائتمان سوف يسهم في ذلك النمو.
وأكد التقرير أن عام 2010 سيشهد تواصل الإنفاق على برنامج استثماري ضخم يشمل تشييد مدن وموانئ جديدة وتوسيع طاقة إنتاج النفط. وتبلغ قيمة هذه المشاريع نحو 400 مليار دولار للسنوات الخمس المقبلة. ومن المتوقع أن يلعب القطاع الخاص دورا مهما في هذه المشاريع وتكون له حصة كبيرة فيها. وحول السياسة النقدية للمملكة، قال التقرير إن الهدف الرئيسي لهذه السياسة هو المحافظة على ارتباط الريال بالدولار الأمريكي، علاوة على المحافظة على سلامة الأوضاع المالية وتعزيز الاستقرار المالي. ونوه التقرير بأنه لا توجد مؤشرات على تغيير سياسة ربط الدولار بالريال، خاصة مع تحسن سعر الدولار الأمريكي، كذلك كون معظم دخل الحكومة يتأتى من النفط المسعر بالدولار الأمريكي.
وفيما يخص توقعات عام 2010 للاقتصادات الخليجية، بين التقرير أن اقتصادات دول المجلس سوف تحقق معدل نمو قدره 3.3 في المائة، حيث يحقق الاقتصاد السعودي نموا بـ 3.2 في المائة، والإماراتي 2.6 في المائة والكويتي 2 في المائة، والقطري 8 في المائة، والعماني 4 في المائة، والبحريني 4.1 في المائة، بينما يبلغ الناتج المحلي 919.6 مليار دولار.
ويظل التمييز بين النشاط في القطاع النفطي وفي القطاع غير النفطي واضحا بشكل جلي، حيث يتوقع التقرير انخفاض نمو قطاع الهيدروكربون بنسبة 4.3 في المائة، في حين ينمو القطاع غير الكربوني بنسبة 2 في المائة عام 2009، حيث تبلغ حصة الناتج المحلي النفطي 342 مليار دولار وغير النفطي 848 مليار دولار. وقال تقرير معهد التمويل الدولي إن القطاع غير النفطي سوف ينمو بمعدلات معتدلة، مقدرا لها أن تبلغ 3 في المائة في السعودية، 1.2 في المائة في الإمارات، 9 في المائة في قطر، 3.5 في المائة في عمان، 4 في المائة في الكويت، إلا أن القطــــــــــــــاع النفطي، وبسبب التراجع في أسعار النفـــــــــط، سيكون نموه بالسالب 8 في المائة في السعودية، 7.5 في المائة في الإمارات، 4.5 في المـــــــــــائة في الكويت، بينما سينمو بنسبة 1.4 فــــــــــي الــــــمائة في عمان، و26 في المائة في قطر بسبب مشاريع الغاز.
كما تلعب دول مجلس التعاون الخليجي دورا حيويا في استقرار أسواق النفط العالمية. وتمثل دول المجلس 40 في المائة من الاحتياطيات النفطية المكتشفة و 2 في المائة من احتياطيات الغاز العالمية. وتسهم دول المجلس في استقرار أسواق النفط كونها تعتبر أكبر مصدر للنفط وبنسبة 25 في المائة من إجمالي الصادرات العالمية. وعلى المدى المتوسط، يتوقع أن أغلب الزيادة في الإنتاج العالمي من خام النفط ستأتي من دول المجلس، حيث تخطط السعودية لرفع طاقتها الإنتاجية من 12.5 مليون برميل يوميا إلى 15 مليون برميل يوميا عام 2012. كما ستزيد طاقة إنتاج الغاز (القسم الأكبر من قطر) من 4.3 مليون برميل معادل لبرميل النفط يوميا عام 2008 إلى 6.3 مليون برميل يوميا عام 2010، ليلبي بذلك خمس الزيادة في الطلب العالمي على الغاز.
ويتوقع معهد التمويل الدولي أن ترتفع إيرادات دول مجلس التعاون من الصادرات إلى 421 مليار دولار عام 2010. بينما ينخفض إجمالي الصادرات من السلع والخدمات - وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي - من 822 مليار دولار عام 2008 إلى 532.4 مليار دولار عام 2009. بينما تنخفض واردات السلع والخدمات بشكل بسيط من 510.7 مليار دولار عام 2008 إلى 492.4 مليار دولار عام 2009.
وحرصت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي طوال السنوات الماضية على اتباع سياسات تهدف إلى تشجيع النمو الاقتصادي، وقد ساعدها في ذلك أسعار النفط المرتفعة جدا، التي سمحت بتسجيل فائض مالي كبير حتى في ظل زيادة الإنفاق. ومع ذلك، أسهمت استراتيجية النمو السريع في بعض البلدان في خلق ضغوط تضخمية كبيرة، ومما ضاعف من هذه الضغوط ربط عملات المنطقة بسعر تحويل ثابت إلى الدولار. ومع أنها تبذل جهودا متواصلة لمعالجة المشاكل الهيكلية، مثل أسواق العمل غير المرنة والدعم الكبير لأسعار السلع وعدم كفاءة معايير الحوكمة الإدارية في الشركات، إلا أن تلك المشاكل ما زالت قائمة. ويؤكد التقرير أن حكومات دول المجلس وفي ظل الأزمة الراهنة باتت أكثر حاجة لسياسيات محفزة للنمو الاقتصادي، وإعادة التوازن للاقتصاد من خلال توفير السيولة لمشاريع القطاع الخاص، وتوجيه الإنفاق بصورة أكبر نحو المشاريع المولدة للوظائف وتنويع مصادر الدخل، مع مواصلة إصلاحات سوق العمل والجهاز الحكومي والتخصيص والحوكمة.

الأكثر قراءة