هل تصل أونصة الذهب إلى مستويات 2500 دولار؟
من العرف الاقتصادي أن ترتفع أسعار الذهب تناسبا مع ارتفاع مستويات التضخم وبالتالي يقوم المستثمرون بشراء الذهب بداعي التحوط وحماية استثماراتهم، منذ بداية الأزمة الاقتصادية الراهنة ومحاولات القائمين على الاقتصاد الأمريكي بتحفيز الاقتصاد والعمل على إنقاذ الشركات المتهافتة على السقوط والإفلاس, بدأت أسعار الذهب في الارتفاع وكسرت جميع الحواجز لترقى لمستويات زادت بعض الأحيان عن 1150 دولاراً للأونصة. هذا بالطبع يعكس مستويات التضحم الحالية و مستويات التضخم المستقبلية المتوقعةInflationary Expectations. ولكن هذه الارتفاعات القوية لأسعار الذهب لا تبدو أنها نتيجة ارتفاع مستوى التضخم فقط, هناك عوامل أخرى جوهرية تلعب دوراً مهماً في تغذية هذه الارتفاعات ومن المرجح استمرارية الدور وربما نرى أسعار الذهب أعلى بكثير مما هي عليه الآن. في بداية هذا القرن تحديدا في الفترة ما بين العام 2000 والعام 2001 كان سعر الذهب يتداول بين 288 إلى 340 دولاراً للأونصة وهو يتداول حاليا بسعر 1093 دولاراً للأونصة بارتفاع حوالي 800 دولار بنسبة متوسط ارتفاع 300 في المائة تقريبا. بعد أن نأخذ في الحسبان ارتفاع مستويات التضخم Digested Factor, لنرى ما العوامل الأخرى التي يمكن أن تعزز ثبات أسعار الذهب وربما تلعب دوراً في رفع مستويات أسعاره لتصبح أعلى من أسعار تداوله الحالية.
أولا: بدء إنتاج مناجم الذهب في النزول التدريجي حيث أنتج ما يعادل 86 مليون طن عام 2001 مقارنة بإنتاج 76 مليون طن عام 2008 إلى حوالي 73 مليون طن بنهاية 2009. ويتوقع بقاء الإنتاج على نفس المستوى أو يقل ليصبح 70 مليون طن بنهاية 2011. هناك بعض التلميحات عن مشكلة أخرى وهي تمس رداءة الإنتاج ونوعية الذهب المنتج أخيراً. إذا بقيت كميات الإنتاج كما هي عليه فسيحدث ذلك خللاً في ميزان العرض والطلب على هذا المعدن الثمين.
ثانيا: ازدياد الطلب على الذهب من قبل المؤسسات المالية الكبرى مثل محافظ التحوط Hedge Funds ومحافظ التأمينات الاجتماعية Pension Funds لزيادة حصصها. كذلك زيادة الإقبال غير المسبوق من الأفراد والشركات المالية الصغيرة على شراء الذهب إما لغرض الاستثمار أو التحوط. بعض المصادر أشارت إلى ازدياد الطلب على الذهب بداية من 2008 إلى منتصف 2009 ما يعادل 200 في المائة .
ثالثا: الازدياد على طلبات شراء الذهب من قبل البنوك المركزية لحاجتها الاحتياطية وكذلك تحجيم بيع الذهب على البنوك المركزية الموقعة على اتفاقية الذهب العالمية, بحيث لا يمكنهم من بيع أكثر من 400 طن سنويا مما يزيد الضغوطات على ميزان العرض والطلب الحالي. معظم الدول التي تعاني عملاتها من مشاكل التضخم العالية وبالتالي ضعف القيمة الشرائية للعملات وضعفها مقابل الدولار, سيحتم عليها اللجوء إلى دعم عملاتها بإيجاد احتياطي من الذهب وبالتالي يزيد الطلب على الذهب بطريقة غير مسبوقة.
رابعا: اتجاه المستثمرين الصينيين إلى الاستثمار في الحسابات المرتبطة بالذهب حيث يمنع امتلاك الذهب وذلك من القوانين التي أملتها عليهم حكومتهم. أضف إلى ذلك ازدياد الطلب على الذهب في الهند التي تعتبر أكبر مستهلك للذهب على مستوى العالم.
خامسا: صغر حجم أسواق تجارة الذهب مقارنة بأسواق ضخمة مثل أسواق السندات, أسواق الأسهم وأسواق تبادل العملات, بالتالي أي تغير بسيط في مستويات الطلب سيحدث ارتفاعاً سريعاً بمبالغ تعتبر كبيرة في حدود الحركة اليومية لسعر الذهب, قد يتخلل تلك الحركة بالارتفاع بعض الانخفاضات المؤقتة الناتجة عن جني الأرباح ولكن قد يبقى الاتجاه الرئيسي لسعر أونصة الذهب إلى الأعلى.
هذه نظرة تنبؤية مستقبلية مبسطة قد نستفيد منها على أقل تقدير لمن لا تزال لديهم التطلعات إلى أن قيمة أونصة الذهب ربما ستصل إلى مستويات أقل من 800 دولار كما هو شائع هذه الأيام.