أين توجد الوظائف ؟
عنوان هذا المقال هو عنوان غلاف مجلة بلومبيرغ بيزنس وييك العربية وقد لفت نظري هذا العنوان مما جعلني أتابع التقرير الموجود بهذا الخصوص، وبعد قراءتي للتقرير الخاص بوجود الوظائف شعرت أن الإنسان الذي يرغب في الحصول على عمل في هذا العصر فيجب أن يخطط لهذا المشروع مبكراً فهو مشروع الحياة، وقد يبدأ هذا المشروع بمساعدة الأبوين اللذين تقع على عاتقهما مسؤولية مساعدة الابن في معرفة المجال الذي يرغب أن يعمل فيه مستقبلاً وذلك بتحديد ميوله الشخصية ومهاراته ورغباته بل يجب عليهما أن يحرصا على أن يوفرا له المعلومات الخاصة بالأعمال التي من المتوقع أن يكون عليها الطلب مستقبلاً وقد تكون هذه إحدى نقاط الضعف الموجودة اليوم لدى شبابنا على الرغم من وجود مناهج مفروضة عليهم غير أن تنمية المواهب والقدرات الأخرى التي تجعل من الشاب أو الفتاة أن يرتقوا إلى مستوى احتياج سوق العمل.
وحرصا ًعلى توضيح ما قدمه التقرير بهذا الشأن من خلال مقابلة عدد من المسؤولين في شركات التوظيف فقد تم التأكيد على أننا نعيش اليوم في عصر الحفاظ على الكفاءات وهذا هو شعار الشركات خلال عام2010، مؤكدين أن سوق التوظيف يبحث عن الكفاءات التي كان من الصعب استقطابها خلال أيام الطفرة مشيرين إلى أن الشركات اليوم في حاجة ماسة إلى اليد العاملة الماهرة والإدارية، وعلى الرغم من أن أصحاب العمل كانوا في السابق يفرضون شروطهم على العمالة، فإن العمالة الماهرة اليوم هي التي تفرض شروطها على أصحاب العمل، كما أكد المختصون في هذا المجال أن هناك رغبة لدى أصحاب العمل في جذب الكوادر المهنية المنضبطة والتي تمتلك القدرة على التخطيط والإبداع وتقديم الحلول البناءة وعلاج المشكلات ومواجهة المخاطر وتحقيق أكبر عائد على الاستثمار.
يوضح التقرير خريطة التوظيف على مستوى دول الخليج الحالية أنها تركز على التنفيذيين المبتدئين بنسبة 22 في المائة يليهم التنفيذيون بنسبة 21 في المائة فالمديرون التنفيذيون بنسبة 19 في المائة أما المناصب الإدارية العليا فلا تتجاوز الـ 5 في المائة، وتعد المجالات الاستشارية من المجالات الأكثر استقطابا للخريجين الجدد إضافة إلى مجالات إدارة الأعمال وتقنية المعلومات والتدقيق المالي واستشارات المخاطر، كما ينمو الطلب على العاملين في المجال السياحي والخدمات الفندقية وكذلك الخدمات الصحية خصوصاً مجال التمريض إضافة إلى الطلب على مجالات الخدمات البنكية والاتصالات وتقنية المعلومات.
هناك حالة تفاؤل تسري في عديد من القطاعات المختلفة خلال هذا العام مما يؤكد حرص الشركات على تقديم فرص عمل جديدة، ولئن كان العام الماضي هو العام غير المناسب للبحث عن عمل بسبب الأزمة المالية العالمية حيث بلغت نسبة تخفيض العمالة في السعودية 7 في المائة في حين كان كبش الفداء في هذه النسبة هم كبار المديرين التنفيذيين وذلك بنسبة 13 في المائة كان كثير منهم قد تم تعيينهم منذ فترة ليست طويلة وبرواتب عالية وتم النظر إليهم بأنهم من الفرص السريعة لتوفير النفقات.
وفي خطوة مهمة قام (باب رزق جميل) التابع لبرامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع بدراسة حول المهن المطلوبة لدى أكبر 100 شركة، حيث أسفرت الدراسة عن أول ثلاث مهن يحتاج إليها السوق اليوم وهي مهنة (بائع) وتأتي في مقدمة المهن، تليها مهنة (كاتب حسابات) ثم (سكرتارية)، ومثل هذه الدراسات تساعد بشكل كبير على وضوح الرؤية بالنسبة للطرفين، فالباحث عن عمل سيعرف ماذا يحتاج سوق العمل بل حتى المؤسسات التعليمية ستعرف ماذا يحتاج السوق بحيث تستطيع أن تؤهل الشباب تعليمياً ومهنياً في إطار مبني على دراسة عملية تعكس الاحتياج الفعلي لسوق العمل بدلاً من تخريج الآلاف من الشباب والشابات ضمن تخصصات لا يحتاج إليها سوق العمل.
خريطة سوق العمل خريطة مهمة يجب أن تتم توعية الشباب والشابات بخصوصها في فترة مبكرة ليسهل عليهم اتخاذ قرارات مهمة في حياتهم العملية وليعرفوا ملامح مستقبلهم بدلاً من اكتشاف ذلك متأخرا مما يجعل معالجة الوضع يتطلب الكثير من الجهد والمال والوقت.