الزيارة التاريخية لرئيس وزراء الهند تفتح أبواباً اقتصادية للمستثمرين السعوديين
تترقب الأوساط الاقتصادية زيارة رئيس وزراء الهند للمملكة خلال الفترة المقبلة لما تحمله من أبعاد اقتصادية وتجارية نظراً للآمال والطموحات المستقبلية التي ستترتب على تلك الزيارة وذلك لعدة أسباب منها أن الهند عملاق اقتصادي ولديها الرغبة في الانفتاح على السوق الخليجي عموماً والمملكة خصوصاً، هذا إضافة إلى ما تتمتع به الهند خلال السنوات الماضية من تطور كبير في القطاعات الصناعية والتعليمية والتقنية والتجارية وغيرها من الأسباب التي جعلت من الهند في ظل المتغيرات العالمية عملاقاً اقتصادياً له سمعته في السوق العالمية.
#2#
إن بناء علاقات اقتصادية وطيدة مع الكيانات الاقتصادية العملاقة مثل الهند تتطلب القضاء على عديد من المعوقات التي تعتبر تحديات أساسية لجذب الاستثمار كمعوقات استقدام العمالة الفنية المدربة وإدخال التقنية والحصول على أراض للمشاريع الصناعية وطول بعض الإجراءات الروتينية التي هي فيروسات التنمية.. وغيرها من المعوقات التي إن تم القضاء عليها فإن هناك عديدا من المجالات التي يمكن أن يتم التعاون فيها مع الهند وزيادة الاستثمارات فيها مثل الاستثمار في البتروكيماويات والمشتقات البترولية والاستفادة من الهند في قطاع تشغيل وخدمة القطارات وإنشاء السكك الحديدية إضافة إلى التعاون في القطاعين المصرفي والمالي.
#3#
إن الاقتصاد الهندي، كما تشير إلى ذلك المؤسسات الاقتصادية الدولية، مستمر في النمو بشكل ثابت يصاحب ذلك إعطاء القطاع الخاص الفرصة للإسهام في التنمية الاقتصادية والقيام بدور متنام في ذلك، هذا إضافة إلى قيام الجهات الرسمية بتشجيع أكثر للاستثمار الأجنبي، والاهتمام بالموارد البشرية وتأهيلها مما وفر لهم أيد عاملة مدربة كالمهندسين والتقنيين والموظفين الفنيين الذين يعتبرون من أفضل الموارد المتوافرة في العالم مما فتح آفاق عديدة للمستثمرين للعمل في القطاعات المختلفة مثل مجال تقنية المعلومات، والتقنية الحيوية والاتصالات والبنوك والتأمين والخدمات المالية والتصنيع والتعدين وتصنيع المركبات والنقل وتطوير المدن وتطوير البنية التحتية والسياحية والضيافة والترفيه والرعاية الصحية والتعليم العالي والمجالات الأخرى في قطاع الخدمات ونتيجة للتسهيلات والمرونة الموجودة في اللوائح والأنظمة القواعد المنظمة لجذب الاستثمار الأجنبي فإن هناك سباقاً من جانب الشركات والمستثمرين الأجانب للقيام بعمليات اقتصادية واستثمارية في الهند سواء في المجال الصناعي أو التجاري أو الزراعي أو الخدمي.
#4#
والملاحظ للصادرات الهندية يجد أنها تشمل الصادرات التقليدية مثل نسيج القطن والمنسوجات والملابس الجاهزة والبضائع الجلدية والأحجار الكريمة والمجوهرات والمنتجات الغذائية الزراعية والمعالجة والمستحضرات الدوائية والبضائع الهندسية ومكونات السيارات ومعدات المواصلات والبرمجيات والبضائع الإلكترونية والمعادن المصنعة وغيرها، وتعتمد الهند على عدة أسواق عالمية تصدر إليها منتجاتها مثل: الولايات المتحدة، كندا، المملكة المتحدة، ألمانيا، اليابان، روسيا، بلجيكا، إيران، الكويت، السعودية، شيلي، الأرجنتين، البرازيل.. وغيرها من الأسواق العالمية.
#5#
أما قطاع الواردات فيتركز على مجموعة من البضائع المستوردة مثل النفط الخام، ومواد التزييت، ومنتجات البترول الأخرى، وزيوت الطعام والسماد، وتعتمد الهند في استيرادها لهذه البضائع على أسواق منها: الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، اليابان، وألمانيا، نيجيريا،هونج كونج، ماليزيا، تايلاند وغيرها من الدول. فعلاقات الهند التجارية معتمدة على التبادل السلعي بينها وبين العديد من الدول العالم.
إن العلاقات الثنائية والإيجابية بين المملكة والهند تتمثل في مجالات عديدة سواء كانت مجالات تصديرية أو استيرادية أو الاستعانة باليد العالمة الهندية المدربة ولكن هذه العلاقة تظهر بصورة أكثر وضوحاً من خلال استعراض الميزان التجاري بين المملكة والهند وما تنتظره في المستقبل القريب إن شاء الله من توسع حيث تشير البيانات الواردة في الرسم البياني المرفق أن الميـزان التجاري بين المملكة والهند قد حقق خلال الفترة من 2004 إلى 2008 فائضاً لصالح المملكة كنتيجة لارتفاع معدل صادرات المملكة إلى هذا البلد عن وارداتها منها، حيث سجل الميزان في عام 2004 قيمة تقارب 22 مليار ريال، في حين ارتفع ذلك الفائض في الميزان التجاري عام 2005 بنسبة 31 في المائة ليصل إلى قيمة تقارب 33.3 مليار ريال، وفي عام 2006 ارتفع الفائض في ميزان تجارة المملكة مع الهند ليسجل قيمة تقارب 38.6 مليار ريال بنسبة 18 في المائة وفي عام 2007 بلغ نحو 52 مليار ريال وارتفع ذلك الفائض في عام 2008 فبلغ نحو 67 مليار ريال.
ولقد شهدت العلاقات الثنائية بين المملكة والهند تطورات كبيرة فلو رصدنا أهم السلع المصدرة من المملكة إلى الهند على أهم خمسة قطاعات مصدرة نجد الحجم الكبير لهذه الصادرات فزيوت النفط الخام ومنتجاتها بلغت قيمتها المصدرة 80.231 مليار ريال في حين بلغ سترين 945 مليون ريال، ونيترات النشادر 534 مليون ريال وسماد اليوريا 475 مليون ريال والبولي إثيلين 266 مليون ريال .
أما رصدنا لواردات المملكة في عامي 2007 و 2008 نجد أن أنها زادت أيضاً بصورة كبيرة ففي عام 2007 بلغت 11.529 مليار ريال وفي عام 2008 بلغت 18.012 مليار ريال في حين توزعت أهم السلع المستوردة من الهند إلى المملكة على أهم خمسة قطاعات مصدرة فالأرز المضروب كليا وجزئيا بلغت قيمته المصدرة 4.032 مليار ريال في حين بلغ أقطاب من نحاس نقي 1.284 مليار ريال، وهيدروكرونات دوري (بنزين) 707 ملايين ريال وأجهزة هاتف جوال 582 مليون ريال، ولحم بقري دون عظام (مفروم) 462 مليون ريال.
ولا شك أن العلاقات الاقتصادية الثنائية أحرزت زخماً جديداً عندما قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بزيارة تاريخية إلى الهند في كانون الثاني (يناير) 2006، حيث وقع العاهل السعودي ورئيس الوزراء الهندي الدكتور مانموهان سينغ «إعلان دلهي» التاريخي، والذي يتوخى استراتيجية شراكة الطاقة في جملة الأمور.
وهذا يعني أن هناك قناعة لدى القيادتين السعودية والهندية بأهمية تحقيق التعاون بين الجانبين وخاصة أن الهند أصبحت وجهة لجميع الاستثمارات التجارية والصناعية والخدمية وبخاصة في مجال تقنية المعلومات.. فأهلاً بهذه الزيارة وبهذا التعاون البناء وأهلاً بإقامة شراكة استراتيجية يستفيد منها كل من الشعبين السعودي والهندي.