الله واحد بالزواج!!
الناس في عالم الذر أقروا بوحدانية الله، فهم موحدون وإن أنكروا، يشهد على ذلك سلوكهم الغريزي نحو الزواج والتكاثر، وكأنهم يعلنون بلسان حالهم نزعتهم نحو التعدد وهم لا يشعرون أنهم يعترفون سلوكياً بتوحيد الله تعالى.
كنت أقرأ قول الله تعالى ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) فتعجبت من كوننا لا ندركأن الزواج آية دالة على اتصاف الله بالوحدانية دون شريك، إذ نتعامل مع الأمر على أنه تكاثر من أجل الحفاظ على النوع، دون أن نغوص في أعماق تلك الآية لنقبض على الحكم الكامنة فيها.
إن الله قد خلق من كل شيء زوجين حتى من الجماد.. قال الله تعالى ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ).. ففي الذرة وهى أصغر وحدة من المادة يوجد الجانب الموجب الممثل ( للذكر ) ويسمى ( بروتون )، والجانب السالب الممثل ( للأنثى ) ويسمى ( إلكترون )، ويحدث التزاوج بين العناصر من خلال التفاعلات الكيميائية المختلفة، التي ينشأ على أثرها مركب يحمل صفات عنصري التفاعل في عملية تزاوجية تقوم على التحام الجانب الموجب مع الجانب السالب، فلو تفاعل ( الماغنسيوم ) مع ( الأكسجين ) - مثلا- ينتج عن التفاعل مركب جديد يحمل صفات العنصرين معا يسمى ( أكسيد الماغنسيوم ).. أليس فى زواج الجماد آية لعاقل؟!.
من هنا يمكن القول بأن الإنسان مخلوق اجتماعي بفطرته وطبعه، والزواج أبرز حركة إنسانية تثبت هذا المفهوم، كما أنها تؤصل لفكرة أن الإنسان لا يستطيع الاستمرار على الأرض إن عاش وحيداً فريداً، ولذا خلق الله الناس مختلفين كي يظل كلاً منهم في حالة احتياج إلى الآخر، ومن ثم يسعون نحو تكوين علاقات اجتماعية بشكل ما، تقوم على تبادل المنافع والمشاعر، وتظل حالة الاحتياج - هذه - مستمرة ومتجددة ومتطورة بتطور حياة البشر، وفى ذلك أكبر برهان على أن حركة البشر في الحياة تدلل على وحدانية الله تعالى بطريقة خاصة، لا يدركها إلا متأمل.
وأخيراً.. فإن من عسر طريق الزواج باختراع صعوبات مادية تحول دون إتمامه فقد عطل وهو لا يدرى طريق الإعلان عن فطرة التوحيد، والتي يفصح عنها النكاح بصورة رائعة.