لماذا الملك؟

(1) تُعرف الكاريزما بأنها الشخصية الملهمة، والمؤثرة، والجاذبة، وهي مزيج بين مواهب شخصية وعناية ربانية، ويورد حقائقها السيد جاسم الحريري بقوله:
1- إن مفهوم القيادة الكاريزمية يوحي بوجود قدرات وإمكانيات نوعية لدى الشخصية الكاريزمية تسمح له بجدية الانتشار والتفوق على القدرات القيادية للآخرين، بفعل الإلهام والجاذبية التي يتمتع بها.
2- تبرز القدرات الشخصية للقيادة الكاريزمية عندما تنجح بالتأثير في أغلب شرائح المجتمع، لأنها تنظر إليها بوصفها المنقذة لها من أوضاعها المتخلفة لتنطلق بها لتحقيق آمالها وطموحاتها، نحو التحرر والرفاهية والاستقرار.
3- تتمتع الشخصية الكاريزمية بالقدرات على اتخاذ القرارات الاستثنائية لحسم وحل المشكلات المستعصية التي لا تستطيع القوانين الدستورية معالجتها.
4- يبرز الوجه المشرق للقيادة الكاريزمية عبر نسف كل الحواجز المؤسساتية والسياسية للاتصال المباشر بالجماهير التي تعشقها وتبدي الولاء المطلق لها.
5- هناك علاقة بين الكاريزما والأخلاق والقائد، لأن القائد الكاريزمي يحاول أن يتصرف بموجب الأعراف والنواميس الخلقية، والقوانين، ويسهر على حقوق الآخرين ويلتزم بما أقره الدستور، لكن ذلك لا يمنعه من أن يصدر قرارات مباشرة باعتباره وحدة قرارية مستقلة، لكنها في صالح الجماهير وليس عكس ذلك.
(2) حاز خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز المرتبة الأولى بين القادة الأكثر شعبية وتأييداً في العالم الإسلامي، وذلك خلال استطلاع أجراه مركز أبحاث «بيو» الأمريكي، حيث اختارت الغالبية العظمى ممن شملهم الاستطلاع الملك عبد الله بن عبد العزيز، كأكثر قائد إسلامي يحظى بثقة في قدرته على اتخاذ القرارات والخطوات الصحيحة بشأن القضايا العالمية.
(3) تساءلت ... لماذا الملك؟ بالرغم من أن الظرف يعتبر غير مناسب للاستفتاء بسبب الدعاية السياسية والدعاية المضادة في منطقة تغلي وتعاني من انقسام حاد تجعل من الصعب تكوين رأي معتدل ومنصف، ففي التوترات تطغى الحدية والحقد والكراهية وفي أحسن الأحوال التردد والتشوش، ولكن لكل قاعدة شواذ، والكاريزما شخصية متفردة تكسر القاعدة وتلهم، وللإلهام أسباب نفسية «سيكولوجية» وتربوية وتاريخية واجتماعية وسياسية، منها:
1- الملك ذو عاطفة جياشة، تلمسها عند اتصاله بالناس، وفَرحِه بهم ظاهر على وجهه، كأنه يلتقي صديقاً مقرباً فقده منذ مدة، ينفعل ويتفاعل .. إنها تلك الحرارة التي يقول لك فيها إني مهتم بأمرك .. إن مستوى الترحيب يظهر قدر المودة .. والعرب تعرف هذا.
2- الملك شخصية عالية المرونة، لا يعرف التمييز ضد أحد، فيستوعب الجميع، فإن كنت سعودياً أو عربياً مسلماً أو غير مسلم من الغرب أو الشرق فستلمس تقاطعاً بين شخصيتك وشخصيته كأنما يعرفك وتعرفه منذ 20 سنة، وقد يطرأ على بالك أنها السياسة وقد زودته الأجهزة المختصة بتقرير مسبق عنك .. لا .. إنها ذلك القدر الإنساني الواسع مع ثوابت سيحدثك عنها بعد برهة .. أمران لا ثالث لهما: الدين والوطن.
3- الملك صادق اللهجة، فإن غضب من فاسد فسيظهر لك ذلك، وإن سُعد من مصلح فسيظهر أيضاً لك ذلك، ولذا فيه من الوضوح ما يجعلك تتخذ قراراتك بسرعة دون تأويل ... يا سيدي .. إنه وضوح الصحراء، فكلما قربت منها كنت أقرب لأخلاق العرب الأوائل إما صديق يستحق النخوة فيبذل المال والدم للدفاع عنك، أو المواجهة وعليك تحمل النتائج .. ألم ترَ كيف يتعاطى مع الحقائق، ألم ترَ كيف يثق ساسة العالم بمصداقيته دون ضمانات خطية.
4- الملك ووجدان التاريخ .. إنك إذا كنت في مجد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن والإمام فيصل بن تركي والإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد .. فلا يمكنك ألبتة أن يغادروا مخيلتك .. إن التاريخ يعمل في العقل اللاوعي فيأمرك فتنفذ لأنك تثق به .. هكذا الملك يرى البيرق وفيه ثلاثمائة عام من وطن للتوحيد وتوحيد للوطن ... إنه وطن العقيدة والقضايا الكبرى.
5- الملك مبادر .. إن الواثق من نفسه والشاعر بالقوة لن يتردد فيقدم خطوة ويتراجع ثلاثاً إلى الوراء، بل سيقتحم الزمن .. لأن الزمن عنده ميزان العمل، فهو يؤمن بالرسالة الخالدة وصاحبها – صلى الله عليه وسلم – القائل «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، منها: عمره فيما أفناه» .. يقول أهل العلم إنما العلم الخشية .. انظر إلى محياه بالصورة أعلاه دون تعقيدات سياسية ولن يخذلك قلبك إذا كنت صحيح الفراسة.
(4) يقول الإمام أحمد بن حنبل صاحب السنة لا البدعة، لو كانت لي دعوة واحدة مستجابة لدعوت بها للسلطان .. فصلاح السلطان مطر ينفع الله به الناس، فخيره متعد لكافة الناس .. إن فوز السلطان فوز للناس وفوز الناس فوز للوطن .. فما بعد الفوز إلا التقدم والتحديث والتنمية والمبادرة والعمران. أعرفت لماذا الملك؟.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي