أين آليات تطبيق الكود وبرامج التدريب عليه والتعريف به؟

وجَّه مجلس الوزراء الموقر في جلسته المنعقدة في 12 ربيع الأول 1430هـ؛ أي: قبل ما يقارب العام؛ بالموافقة على توزيع كود البناء السعودي على الجهات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص للبدء في تطبيقه بصفة تجريبية لمدة سنتين. وقد سعدتُ بهذا التوجيه وأشدتُ به في مقالة سابقة بعنوان «قرارات وتوجيهات لدعم الإسكان» (نشرت في هذه الزاوية بتاريخ 27 ربيع الأول 1430هـ)، وذلك لأني قد التمست - في مقال سابق - الإسراع بنشر الكود وتطبيقه؛ نظراً لما تشهده المملكة من حركة بناء كبيرة غالبيتها في القطاع الإسكاني، وتجنيب السوق - من ثم - الآثار السلبية للوحدات السكنية ذات المستوى المتدني التي ستهدد حياة السكان وسلامتهم.
وألمحت بعد صدور التوجيه بتطبيق كود البناء إلى أهمية التوعية به والتدريب عليه؛ لأن الفائدة المرجوة منه لن تتحقق إلا بعد توعية المجتمع بأهمية تطبيقه عند تصميم المباني السكنية وتنفيذها، وتعريف المواطنين بما سيحققه لهم من فوائد وإيجابيات عند استصدار رخص البناء، وخلال عمليات الإشراف أثناء التنفيذ، وعند منح شهادات الانتهاء من عمليات التشييد، والعمل على إبراز ما سينتج عند تطبيقه من الارتقاء بمستوى جودة المساكن، مع ضمان توافر وسائل السلامة والراحة للسكان.
وكنت أفترض أن اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي قد أعدت البرامج اللازمة للتوعية بأهمية كود البناء، والآليات التي تضمن تطبيقه بشكل تدريجي متتابع وسليم، وأنها قد وفرت برامج لتدريب المعنيين (من: مهندسين استشاريين، ومقاولين، وفنيين، ومشرفي بناء) على استخدامه وتطبيقه والاستفادة منه وستعمل على إعداد مهندسي إدارات الرخص بالأمانات وإدارات المشاريع بالجهات الحكومية والمهندسين الميدانيين والمراقبين الفنيين؛ لفحص مدى تطبيق الكود والالتزام باشتراطاته؛ لضمان تحقيق مستوى مقبول من الراحة والسلامة والصحة العامة لمستخدمي المباني بشكل عام والمساكن بشكل خاص، وكذلك لضمان توافر الحماية من الأخطار الطبيعية أو الحوادث الأخرى. كما كنت أتوقع وجود برامج تختبر نتائج تطبيق الكود، وقياس مدى نجاحه، وإجراء التعديلات اللازمة عليه، ومراقبة التحسن الناتج عنه وتوثيقه، واختبار تقييم أداء كل ذلك. ولكن - للأسف - لم يظهر على أرض الواقع أي آليات أو برامج لتطبيق كود البناء والتدريب على استخدامه والتوعية بأهميته.
إن هذه المرحلة التجريبية تتطلب العمل على تثقيف المواطنين بأهمية كود البناء في جعل حياتهم اليومية أكثر أماناً وسلامة، ويلزم لذلك إطلاق حملة إعلامية تجعل المواطنين يستوعبون دور تطبيق الكود في الحفاظ على حياتهم، وحماية ممتلكاتهم (وما نحن من هزات العيص وسيول جدة وتبوك ببعيد .. حمى الله مملكتنا من كل مكروه).
كما يجب تقديم الدعم لجميع الجهات والأشخاص المعنيين بتطبيق الكود واستخدامه، وتوفير برامج التدريب اللازمة بأسلوب احترافي عن طريق الجامعات والمعاهد المتخصصة. كما يتعين على اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي فتح قنوات للتواصل مع المجتمع، وإنشاء وحدة دعم وتوجيه دائمة، وإيجاد موقع تفاعلي على الشبكة الإلكترونية يوفر المعلومات التثقيفية، والمواد التعليمية، والبرامج التدريبية المجانية، ويرد على الاستفسارات ويقدم الاستشارات للجميع. كما يتعين على اللجنة دعم الجامعات والمراكز البحثية لإجراء دراسات ميدانية تطبيقية لاختبار مدى ملاءمة اشتراطات الكود في الجوانب الخاصة بالسلامة والصحة، وأيضاً فيما يخص مختلف الجوانب الهندسية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي