متى تنتهي الفوضى المرورية عند المدارس يا وزارة التعليم؟

نقلت بعض الصحف يوم الأحد 15/10/1430 الموافق 4/10/2009، عن الأمير فيصل بن عبد الله وزير التربية والتعليم قوله ''لدينا أموال كثيرة وسوء إدارة في التصرف''. كما نقلت بعض الصحف عن نائبة الوزير نورة الفايز يوم الأربعاء الفائت 20/1/1431هـ نقدها لبعض ما يجري في وزارتها. في إطار هذا الانفتاح، أجد فرصة لأذكر مسؤولي الوزارة بقضية مهملة: الفوضى والأخطار المرورية المتفشية عند المدارس. هذه الفوضى والأخطار ذات أثر تربوي بالغ السوء في أولادنا.
من منا لم ير ولم ينزعج من فوضى حركة السيارات أمام المدارس؟ من منا لم ير ولم ينزعج من الأخطار على سلامة الطلاب والطالبات عند الحضور إلى أو الانصراف من المدارس؟ ما الأثر التربوي لهذه الفوضى؟ كم من المسؤولين في وزارة التربية والتعليم الذين درسوا في الغرب ورأوا حسن تنظيم الحركة المروية وحركة مشي الطلاب والطالبات أمام وعند المدارس؟
أمام إحدى مدارس البنات ساحة لحركة السيارات. لكن حركة مرور السيارات في الساحة حين حضور الطالبات صباحا وحين انصرافهن ظهرا تتسم بفوضوية مزعجة وخطرة. سيارات تأتي عن يمين بوابة المدرسة (كما هو مفروض)، وسيارات تأتي عن يسار البوابة وسيارات تتجه إلى البوابة بصورة عمودية. تتجه السيارات وتتجمع عند وقرب البوابة بمنظر مشوه ينم عن فوضوية وتساهل في سلامة الطالبات، وقلة احتراس من تصادم السيارات.
مثال آخر في ثانوية الفاروق في الربوة. المدرسة محاطة بشارعين فرعيين صغيرين، وطريق عمر بن عبد العزيز. وكل بوابات المدرسة على الشارعين الفرعيين. كانت المدرسة تطل في السابق أيضا على شارع الأربعين (الأمير متعب)، حيث كانت هناك أرض كبيرة نسبيا بين المدرسة وشارع الأربعين. ويبدو لي أن الأرض تابعة أصلا لأرض المدرسة فقد كان السور الخارجي واحدا. بقيت الأرض سنين مهملة، فلم تستغل لوقوف سيارات وتنظيم حركة مرور السيارات حين دخول وخروج الطلبة والمدرسين. بدلا من ذلك، استغلت الأرض لبناء محال تجارية زادت من فوضى وأخطار الحركة المرورية عند المدرسة.
لو كان الأمر بيدي لما وافقت على بناء هذه المحال أصلا، فليس من الصواب استثمار جزء من أرض المدرسة بما يجلب أضرارا ومشكلات كبيرة تفوق أضرار عدم الاستثمار. وبعبارة عكسية: منافع الاستثمار أقل من منافع الاستفادة من الأرض لتنظيم الوقوف وحركة المرور حول المدرسة. ولذا كان ينبغي على من بيدهم الأمر في وزارة التعليم أن يجعلوا الأرض مواقف وساحة لتنظيم الحركة المرورية المدرسية، كما نراه في دول متقدمة مروريا.
وبصورة أعم وأشمل، من المفترض أن تصمم المدارس، حيث تؤخذ ثلاثة أمور في الحسبان: الأول توفير مساحة كافية لوقوف السيارات وحركة السيارات، وثانيا تخطيط هذه المساحة بما ينظم وقوف وحركة السيارات أحسن تنظيم، وثالثا ضبط حركة الطلاب والطالبات حضورا وانصرافا بما يحقق أعلى سلامة لهم.
إن بقاء الأوضاع كما هي له أثر تربوي سيئ خاصة عند الأطفال: ينشأون على قلة الاحتراس والحذر، ويتربون على الفوضى. وهذه الفوضى التي يتربى عليها الصغار تجعلهم قليلي المبالاة لقواعد السلامة المرورية حينما يكبرون ويتولون قيادة السيارات. يشتكي المرور وغيره من قلة الوعي. إن الوعي لا يولد بين ليلة وضحاها بل يكتسب عبر التعود عبر السنين، ولذا لا نستغرب أن تأثير حملات التوعية المرورية ضعيف لأن من شب على شيء شاب عليه. يجب أن نهتم بمعالجة العيوب التي تعود الناس على أنماط سلوكية مرورية سيئة.
إن من العجب أن تهمل تلك الأمور في تصميم المدارس، رغم وضوح العيوب، ورغم سهولة تلافيها من المصممين والمنفذين. وحقيقة الكلام نفسه يقال على مرافق أخرى كالمساجد وخاصة الجوامع منها.
من البعيد جدا القول بأن المشرفين على تصميم المدارس في الوزارة يجهلون أهمية تنظيم الحركة المرورية ووقوف السيارات وحركة الطلاب من وإلى المدرسة. وهم عاشوا في أو على الأقل سافروا إلى دول متحضرة مروريا، ورأوا الاهتمام بتنظيم حركة المرور من وإلى المدرسة وغير المدرسة. فعلام خالف القول الفعل؟
ورحم الله المتنبي حيث قال:
ولم أر في عيوب الناس شيئا
كنقص القادرين على التمام

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي