التركيبة السكانية ونوع المساكن

تُعدُّ التركيبة العمرية الشابة أحد أهم الملامح المستقبلية لسكان المملكة العربية السعودية، ومن المتوقع أن تتأثر التركيبة السكانية ولعدة سنوات قادمة بفئة الشباب؛ فنسبة السكان السعوديين دون سنِّ الـ 25 تشكل نحو ثلاثة أخماس العدد الإجمالي للسكان، وسوف تؤدي هذه التركيبة إلى تكوين أُسر بمعدلات مرتفعة، وهو ما سيؤدي إلى ازدياد الطلب على الوحدات السكنية بمعدلات كبيرة تفوق الزيادة السكانية.
ومن هنا يلزم التنبه إلى أن الطلب سوف يزداد في المستقبل على المساكن ذات الحجم الأصغر؛ خصوصاً أن تكوُّن الأسر الجديدة سيزداد بشكل كبير؛ لأن غالبية السكان من الشباب المقبلين على الزواج وتكوين أسر جديدة، ولأن العديد من الأسر الممتدة (التي تحوي ثلاثة أجيال أو أكثر) سوف تتحول أيضاً إلى أسر مفردة إذا تهيّأت لها الإمكانات للحصول على وحدة سكنية خاصة.
وبحسب ما أشارت إليه نتائج بعض الدراسات الميدانية فإن الأسر السعودية تتوجه إلى القبول بالسكن في الشقق والعمائر السكنية؛ خصوصاً في المدن والحواضر، بعدما كانت تميل إلى السكن في الوحدات السكنية المستقلة؛ مثل: الفيلات والدوبلكسات والبيوت الشعبية. ومن المنطقي أن يظهر هذا الإقبال على الشقق السكنية ذات المساحة الأصغر من الفيلات؛ خصوصاً مع ازدياد أعداد الأسر حديثة التكون، والأسر المفردة (المتكونة فقط من الأب والأم وأبنائهما) والتي تكون في الغالب ذات حجم صغير.
إلا أنه يتعين على المعنيين بصياغة التنظيمات البلدية، والمعماريين المشاركين في تصميم المشاريع الإسكانية، والمطورين المستثمرين في قطاع الإسكان؛ العناية بتقديم حلول إبداعية لتوفير بدائل لوحدات سكنية صغيرة ومتميزة بخاصية الاستقلالية في الوقت نفسه، بحيث يتم توفير مدخل خارجي مستقل لكل وحدة سكنية، يلغي الحاجة إلى وجود فراغات ذات ملكية مشاعة بين سكان الوحدات السكنية في المبنى الواحد، وإلغاء الحاجة إلى عمليات النظافة والصيانة المشتركة، مع العناية كذلك بتقديم خدمات توفير المياه والصرف الصحي بشكل مستقل لكل وحدة سكنية. ويقترح أن تراوح مسطحات الوحدات السكنية المستقلة بين وحدات صغيرة بواقع (60 متراً مربعاً) بالنسبة لسكن العزاب أو للأسر المتكونة حديثاً أو للأسر ذات الدخل المنخفض جداً، و نحو (200 متر مربع) للوحدات الكبيرة نسبياً.
وبالتأكيد فإن هذا النوع من الوحدات السكنية الصغيرة والمستقلة سوف يرحَّب به بشكل كبير من قِبَل الأسر السعودية الصغيرة أو المتكونة حديثاً، كما أنه سيتوافق مع المقدرة المالية لكثير من الأسر ذات الدخول المنخفضة، وسيمكنهم من امتلاك المسكن المناسب والمريح بنسب أكبر عوضاً عن استئجاره؛ فنزعة تملك المسكن رغبة إنسانية تتشارك فيها جميع المجتمعات البشرية بالرغم من اختلافاتها العرقية والثقافية والاقتصادية. وقد أظهرت الدراسات الميدانية أن الأسر السعودية تميل كذلك إلى تملك مساكنها، كما أن سياسات الإسكان السعودية في جميع خطط التنمية الخمسية توجه بشكل واضح وصريح إلى زيادة نسبة الأسر المالكة لمساكنها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي