تحية لـ «جمعية غيرني» والآخرين!

فراس بقنة وصديقه قررا مواجهة التذمر من التشوهات والممارسات الخاطئة وغير الحضارية المضرة بالوطن من خلال فكرة عملية ولدت من حماس الشباب فيهما باسم ''جمعية غيرني'' التطوعية، وفي غضون شهر بلغ أعداد الشباب ناذري أنفسهم لعمل تطوعي في هذه الجمعية 150 عضواً، أخذوا على عواتقهم البدء بإزالة الكتابات العبثية من على جدران شوارع مدينة الرياض، وفعلا بدأ المشوار بطلاء بعضها وإعادة النضارة إليها. رائع أنت يا فراس، ورائعون زملاؤك وزميلاتك في الجمعية وكل من يحذو حذوكم من شباب وشابات هذا الوطن العظيم ومهما كان ما قمتم به بسيطا فالألف ميل يبدأ بخطوة واحدة. وها أنكم تقلبون بخطوتكم هذه الطاولة في وجه التذمر أو اللامبالاة وتقلبونها أيضا بهمة عالية ضد كل أولئك الذين لم يكفوا عن الإشارة إليكم بأصابع الاتهام بأنكم (شباب قنع لا خير فيكم)، وضد تلك الأفواه والأقلام التي لم تخجل من رميكم بالكسل والميوعة والتسيب وعدم الانضباط وتدني الإنتاجية في محاولة مؤسية لإبقاء جيوش الوافدين وإقصائكم عن مواقع العمل والتدريب طمعاً في كسب ثروة على حساب جوهرية ثروتكم ضمان كل الثروات. يا فراس ويا أمثاله الرائعون في (جمعية غيرني) ويا شباب الشرقية والمدينة المنورة والقصيم والجنوب والشمال ويا شاباتها بمبادراتكم تمنحوننا الشموخ فأنتم اليوم تصدعون بالدليل القاطع على أنكم العقول والسواعد والقلوب التي تضخ فورة حماسها الفتي معراجا للبناء وطاقة للتغيير نحو كل ما يكسب الوطن وسامة وعزة وبهجة في أعمال تطوعية، إن كانت قد بدأت اليوم بخدمات بلدية وما شابهها فلن تنتهي إلا بالشاهق الطاهر الباهر من الأعمال. وإياكم فتياننا وفتياتنا الرائعين في كل المناطق أن تغرر بكم معزوفة: (إنكم أمل الغد!!) ولا أن تخدركم (إنكم عدة المستقبل) أو أن تضللكم (سين) و(سوف) فأنتم بصريح العبارة أبناء اليوم وبناته ومن لم يقرر ويبرهن على أنه ابن اليوم أو ابنته فلا غد ولا مستقبل ولا سين وسوف له على الإطلاق، فالزمن لا يكون إلا لحظة الإمساك باللحظة الراهنة، ووحدها إرادة الإنسان، وإرادة الشباب بالذات، تجعل الزمن يأتي بالمثير المدهش، وهو ما تحاولونه اليوم فمبادراتكم مهما كانت بسيطة أو صغيرة، هي سكة العمل الخارق، لأنه ما من عمل وضيع ''فلا سفاهة في المهن إنما السفاهة في الأشخاص''، كما قال فيكتور هيجو. إنكم يا فتيان وفتيات هذه الجمعية وكل الجمعيات الشبابية تسحقون بعزم أرواحكم الوثابة سوءات الخور والتبطل واللامبالاة وتقمعون الشكوى والتذمر وأنتم تنحازون نحو: (هيا إلى العمل) لذا صرتم وتصيرون: نشيداً عذبا في فم الوطن ونياشين فخار على كتفيه!! الوطن ثمل بكم، يتطلع إلى أن تكون جذوة التطوع فيكم صاعدة في الشكل والمضمون إلى ما هو أعظم: فمن المشاركة في المسؤولية الاجتماعية والخدمات الإنسانية إلى دوركم المنشود في تحفيز المتعثرين من الزملاء أو السادرين في الطيش والمراهقين ومن يرتكبون الحماقات في التسكع والمعاكسة أو التفحيط والتهور في السرعة ومخالفة القوانين للالتزام بمكارم الأخلاق واحترام الأنظمة ومشاعر الآخرين، فضلاً عن أن الوطن يتطلع أيضا إلى منافساتكم على حيازة أفضل التخصصات العلمية وإلى انخراطكم في العمل المنتج والبرهنة على كفاءة أدائكم وجودة إنتاجكم والإبداع فيه والابتكار. أناشد، من أجلكم ولأجلكم، رجال الأعمال، الغرف التجارية، رعاية الشباب، وزارة التربية والتعليم، وزارة الشؤون الاجتماعية، هيئة السياحة، بل كل الجهات العامة والخاصة أن تصعد إلى سدة حماس شبابنا فتيانا وفتيات فلا تترك شعلتهم تخبو، وأن تقف إلى جانبهم ماديا ومعنويا على نحو يؤجج الشعلة أكثر فأكثر ويقصي عنها رياح المحاذير والتعقيدات الإدارية!! بورك فيكم يا شباب وشابات ''جمعية غيرني'' ويا شباب وشابات مناطق وطني الغالي حيثما كنتم، ولتكن كل حواسكم وجوارحكم وقفا على وطنكم فشمس مستقبلكم حبات ضوء تتكاتف مما تقومون به (اليوم اليوم وليس غدا)، وكلما كانت حبات ضوئكم أكثر عددا وأشد ألقا كانت شمس الغد أروع إشراقاً: ألم يقل جدنا المتنبئ:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي