مفاجأة عام 2010: انخفاض احتياطيات الغاز في «أوبك» وارتفاعها بشكل كبير خارج «أوبك»

انتهى عام 2009 بانخفاض إنتاج النفط العالمي بسبب تخفيض بعض دول أوبك إنتاجها، لكن احتياطيات النفط ارتفعت. وقد يرى بعضهم أن زيادة الاحتياطيات تعود إلى تخفيض الإنتاج، لكن يرد على ذلك بأن الإنفاق على عمليات الاستكشاف والتنقيب انخفض عالميا بنحو 20 في المائة، وبحدود 40 في المائة في أمريكا الشمالية. وحتى لا يستغرب بعضهم من ذكر أمريكا الشمالية هنا، لا بد من التذكير أن دول أمريكا الشمالية الثلاث، وهي كندا والولايات المتحدة والمكسيك من كبار منتجي النفط في العالم، وتجري فيها أغلب أنشطة الحفر.
وقد جرت العادة أن تقوم مجلة النفط والغاز، التي تصدر في هيوستن، بنشر تقرير مفصل عن احتياطيات النفط والغاز قبل نهاية العام بأسبوع. وقد بينت إحصاءات المجلة التي نشرت أخيراً أن احتياطيات العالم من النفط والغاز استمرت في اتجاها التاريخي بالزيادة، حيث ارتفعت احتياطيات النفط من 1.03 تريليون برميل في بداية عام 2001 إلى 1.35 تريليون برميل في بداية عام 2010. وجاء نحو 42 في المائة من الزيادة في الاحتياطيات من دول «أوبك»، حيث ارتفعت احتياطيات «أوبك» من 814 مليار برميل في بداية عام 2001 إلى 951 مليار برميل في بداية عام 2010، بينما جاء الباقي من دول خارج «أوبك».
وجاءت الزيادة في احتياطيات أوبك من دول معينة وهي إيران، والجزائر، ونيجيريا، وقطر، بينما لم تتغير احتياطيات الدول الأخرى بشكل ملحوظ. ويذكر أن نسبة الزيادة في احتياطيات قطر في العام الماضي كانت من أكبر النسب في العالم، حيث ارتفع احتياطها النفطي من 15.21 مليار برميل إلى 25.41 مليار برميل.
أما في دول خارج «أوبك»، فقد انخفضت احتياطيات بريطانيا وكندا والولايات المتحدة والأرجنتين، بينما لم تتغير احتياطيات روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق. ويلاحظ أن دول خارج أوبك التي زادت احتياطياتها كانت الزيادة فيها كبيرة وهي أستراليا والصين والبرازيل والإكوادور والبيرو. فقد تمكنت أستراليا من مضاعفة احتياطياتها، حيث وصلت إلى 3.3 مليار برميل، بينما رفعت الصين احتياطياتها من 16 مليار برميل إلى 20.3 مليار برميل.
وفي هذا السياق، لا بد من توضيح نقطتين مهمتين:
1- إن كون نسبة الزيادة في الاحتياطيات في دول «أوبك» أقل من نسبة الزيادة في احتياطيات دول خارج «أوبك» لا تعني شيئا لأن هناك سياسة تتبعها كبرى دول «أوبك» تتمثل في قيام شركاتها بالتعويض عن الإنتاج فقط والمحافظة على حد معين من الاحتياطيات. بعبارة أخرى، ثبات احتياطيات بعض الدول لا يعني أن لديها مشكلة في حقولها أو لديها صعوبات في اكتشاف المزيد، وإنما يعود إلى سياسة شبه رسمية تدعو إلى قيام شركات النفط الوطنية بالاكتشاف والتنقيب حتى تقوم بالتعويض عن الكمية المنتجة خلال العام. ومتى ما تحقق هذا الهدف، تتوقف هذه الأنشطة.
2- في الوقت الذي يرى فيه بعضهم أن زيادة الاحتياطيات تنقض ما يقوله بعضهم من بلوغ الإنتاج لذروته، يشكك أنصار بلوغ الإنتاج لذورته في صحة أرقام الاحتياطيات. وفي هذا السياق أود أن أؤكد أنه رغم وجود لدى الفريقين أدلة كثيرة تؤيد موقفهما، إلا أنني لم أرى حتى اليوم شخصاً يغير موقفه من طرف إلى آخر من كلا الفريقين. وقد أخطأتْ بعض وسائل الإعلام في الفترات الأخيرة عندما نقلت عن وكالة الطاقة الدولية أن إنتاج النفط العالمي أشرف على بلوغ الذروة، حيث إن الصحيح أن وكالة الطاقة الدولية تتكلم عن «النفط التقليدي» فقط، وليس كل النفط في العالم، الذي يشمل النفط «غير التقليدي» مثل النفط من رمال القار ومن حجر السجيل ومن حقول النفط الواقعة تحت قيعان البحار.
احتياطيات الغاز
شهد عام 2009 زيادة كبيرة في احتياطيات الغاز العالمية، حيث ارتفع الاحتياطي العالمي بمقدار 5.7 في المائة من 6254 تريليون قدم مكعبة إلى 6609 تريليون قدم مكعبة. هذه الزيادة مهمة لعدة أسباب أهمها أنها جاءت من دول خارج «أوبك»، في الوقت الذي انخفضت فيه احتياطيات الغاز في دول «أوبك» بمقدار 1 في المائة.
وجاءت أغلب الزيادة من أستراليا، التي يعتقد بعضهم أنها ستنافس قطر على المركز الأول في إنتاج الغاز المسال خلال العقد المقبل، خاصة بعد الاستثمارات الهائلة التي أعلن عنها أخيرا. وتشير البيانات إلى أن احتياطياتها ازدادت في حدود أربع مرات تقريبا خلال عام واحد. كما ارتفعت احتياطيات تركمانستان بشكل كبير، حيث زادت بنحو ثلاث مرات تقريبا خلال عام 2009. وازدادت احتياطيات الصين في حدود 30 في المائة، كما ارتفعت احتياطيات أذربيجان بشكل كبير. وفي الوقت الذي لم تتغير فيه احتياطيات الغاز في روسيا، انخفضت في بريطانيا بمقدار 16 في المائة.
أما في أمريكا الشمالية، فقد انخفضت احتياطيات الغاز في المكسيك، لكنها ارتفعت بشكل ملحوظ في كل من كندا والولايات المتحدة. فقد ارتفعت احتياطيات الغاز في كندا بنسبة 7 في المائة، بينما ارتفعت في الولايات المتحدة بنسبة 3 في المائة.
ومن المتوقع أن تستمر احتياطيات الغاز في كل من الولايات المتحدة وكندا في الارتفاع في السنوات المقبلة. وإذا ما تمكنت شركات النفط العالمية من نقل تكنولوجيا استخراج الغاز من صخور السجيل من الولايات المتحدة إلى أوروبا، خاصة أوروبا الشرقية، فإن الأعوام المقبلة ستشهد زيادة هائلة في احتياطيات الغاز.. وإنتاجه أيضا.
صخور السجيل.. بدأت في قلب الموازين، وستعيد ترتيب بيت الطاقة العالمي خلال العقد المقبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي