هيئة الأوقاف .. وعوامل النجاح !

ها هي خطوة رائدة تشق طريقها في مسيرة تنمية وتطوير العمل الخيري في بلد الخير والإحسان، تطلق العنان للأذهان بتخيل مستقبل مشرق ينتظر العمل الخيري بشكل عام والوقف بشكل خاص. الوقف الذي غاب أثره عن الحياة العامة وحراكها لفترة من الزمن وهو الذي كان أحد المحركات الرئيسة في تطور المجتمع المسلم وسد حاجاته، فقد كان في أوج فترات ازدهاره مسانداً للدول، ومصدراً مرناً لسد حاجات المحتاجين ومنطلقاً لمشاريع عظيمة في مختلف مناحي حياة الإنسان.
إعلان وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح آل الشيخ عن الموافقة السامية لإنشاء جسم تنظيمي خاص بالأوقاف يعد من أهم القرارات التي تشهدها مسيرة التطوير في السعودية والتي إن حالفها النجاح وهو المؤمل - بإذن الله - فسوف يعود أثرها ليس على حياتنا نحن أبناء هذا الجيل بل على حياة أجيال متعاقبة بعدنا، وسوف يتجاوز أثره المعنوي والمادي - إن شاء الله - حدود مملكة الإنسانية.
وفي هذه المرحلة التي تتشكل فيها ملامح هيئة الأوقاف في السعودية فإنه ينبغي أن نشكر كل من أسهم في صناعة هذا القرار والعمل على إخراجه للنور، وندعو لهم بأن يكون جهدهم هذا وقفاً لهم يدر عليهم من الأجر والثواب ما استمرت هذه الهيئة معطاءة ومؤثرة. إن نجاح مثل هذه الهيئة يعتمد على عوامل محورية عديدة ومن أهمها اثنان. الأول استقلالية الهيئة تنظيمياً عن الجهاز الحكومي وليست هذه الدعوة تقليلاً من شآن الجهاز الحكومي وإن كان في أغلب دول العالم يوصف بالبيروقراطية والترهل اللذين من شأنهما أن تقف حجر عثرة في طريق نجاح هذه الهيئة الوليدة، إلا أن الدعوة بالاستقلالية سوف ترفع من مستوى ثقة الناس بالهيئة، والناس في عمل هيئة الأوقاف هم شركاء النجاح في مسيرتها ودون مساهماتهم الوقفية فإن دور الهيئة سوف يكون محدوداً. استقلالية هيئة الأوقاف من شأنها أن تجعلها أكثر شفافية في أعين المجتمع لأنها عندئذ سوف تكون متاحة للمساءلة والمحاسبة المجتمعية وهو العامل الحاسم في رقي ممارستها في تنظيم وإدارة الأوقاف.
ثاني هذه العوامل، احترافية الممارسة، فهيئة الأوقاف السعودية قد رأت النور في عام 1431 هـ ومن المتوقع أن تقوم وتؤسس على أحدث ما وصل إليه البشر حتى هذا العام. فالتطبيقات الإدارية الحديثة كالتخطيط الاستراتيجي وإدارة الجودة ورضا أصحاب المصالح والاعتناء بالعامل البشري في المنظمات الإدارية أصبحت واقعاً يعيشه كثير من المنظمات الإدارية حتى في الدول الأقل تقدماً وأضعف اقتصاداً. والاستخدام الكامل للتقنية أو ما يعبر عنه بالحكومة الإلكترونية أصبح من أبجديات المشاريع الكبيرة الحديثة كما هو حال هيئة الأوقاف. ومبادئ حكومة المنظمات والمساءلة غدت من القواعد التي تحرص كثير من المنظمات الإدارية على تبنيها في جميع ممارساتها.
إن فرحتنا ببزوغ فجر هذه الهيئة لا يقل في حجمه عن ثقتنا بأنه سيكون وراء ها من الأكفاء والأفاضل ما يؤهلها لتلبية التطلعات الكبيرة والآمال العريضة التي تخالج نفوس الكثير من المجتمع السعودي بأن تضرب المملكة من خلال هذه الهيئة أفضل الأمثلة غير المسبوقة للعالم أجمع في تنمية الوقف ورعايته واستثماره بالأسلوب الذي يعكس مكانة السعودية ومكانة الوقف كذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي