السنة التحضيرية.. الحضور في المستقبل
يحق للأمير سلمان اليوم أن يفخر بما سيراه هذا المساء في مبنى السنة التحضيرية لجامعة الملك سعود، يفخر كمواطن يرى أن بلاده تسير في الاتجاه الصحيح نحو تعزيز مؤسسات الفكر وصناعة الرجال، ويفخر كمسؤول في حكومة أشغلت نفسها وأشغلت الناس بما ينفعهم، بما يوحدهم، بما يعدهم للمستقبل، هذا المساء نحن نحتفل بتدشين حقبة متطورة ومتقدمة للتعليم العالي في المملكة.
السنة التحضيرية ليست جديدة على التعليم العالي، فقد بدأت الفكرة في عدد من المؤسسات، بالذات في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وكان لها أثرها الإيجابي الكبير في إعداد الطلاب ذهنيا ومهاريا وثقافيا للتعليم العالي، وبقدر احتفائنا بالخطوة التي بدأتها جامعة البترول قبل سنوات بعيدة، يحق لنا الآن الاحتفاء بالنقلة النوعية التي أحدثتها جامعة الملك سعود لمفهوم السنة التحضيرية.
أول مرة دخلت فيها مبنى السنة التحضيرية الذي سيفتتحه الأمير سلمان مساء اليوم، شعرت بأنني أنتقل إلى بيئة تكاد تكون جديدة في جامعاتنا. منذ الساعة السابعة صباحا يستعد المبنى لاستقبال آلاف الطلاب الذين يتم تحضيرهم للدراسة الجامعية في التخصصات العلمية، وعند الثامنة تكون الدراسة قد انطلقت في مختلف المهارات الضرورية للتعليم العالي.
في جوانب المبنى تلتقي الطلاب بروح معنوية عالية لم تعهدها في بيئة التعليم العالي، وهذا يعود إلى الآلية الجديدة المطبقة في التعليم. المبنى تم تصميمه بطريقة جديدة، ففي الممر الرئيسي وضع على الجانب الأيمن أبرز التطورات العلمية التي شهدها الغرب، حيث وضع المخترعون والمخترعات حسب تسلسلها التاريخي، وفي الجانب الأيسر وضعت الإسهامات العربية والإسلامية في الحضارة الإنسانية أيضا حسب الحقب الزمنية التي مرت بها، والهدف من ذلك كما يقول الدكتور عبد الله العثمان، هو إشعار الطالب بموروثه التاريخي، وأن ما حققه أجداده من العلماء لم يأت إلا بالتطلعات العالية والروح المتحفزة للعلم والتعلم المستمر.
كما زود المبنى بقاعات متخصصة في المهارات الموجهة لتطوير الذات، مثل مهارة الخطابة والحوار، كذلك زود المبنى بكل ما هو ضروري للتربية البدنية والصحية، ووسائل الترفيه من الحصص مثل الأماكن المخصصة للألعاب الرياضية، كما زود المبنى بالمقاهي والمطاعم، ومعزز بتقنية اتصالات إلكترونية متطورة تخدم أغراض التعليم والترفيه.
وهذه الإمكانات الكبيرة والحديثة كان لها أثرها الكبير في إقبال الطلاب على التعلم، وعندما تستطلع آراء الطلاب حول هذه التجربة، الأغلبية تعبر عن سعادتها ومتعتها بالمنهج الجديد المطبق، والتجربة حديثة نسبيا وجديدة للطلاب وللجامعة، لذا كما يقول الدكتور عبد الله العثمان تواجهها تحديات رئيسية لتضمن نجاحها، وما يهم الدكتور عبد الله هو أن تخضع التجربة للتقويم المستمر الذي يجعل منها مرحلة انتقالية حضارية وعلمية ثرية بالمهارات الضرورية لطالب الجامعة وتعزيز الاتجاهات الإيجابية نحو (حب) العلم والتعلم المستمر، خصوصا في الحقبة التي نعيشها حيث تتيح الثورة المعرفية والمعلوماتية فرصة الترقي الذهني من مصادر متعددة.
أيضا الدكتور عبد الله العثمان يهتم بهذه المرحلة وجودة مخرجاتها لأنه يرى أنها تتيح للطلاب الذين ربما لا يرغبون مواصلة تعليمهم العالي، تتيح لهم الحصول على المهارات الضرورية باللغة الإنجليزية، والحاسب الآلي، وغيرها مما يتيح لهم دخول سوق العمل.
مرة أخرى، يحق للأمير سلمان أن يفخر أنه المسؤول الذي يدشن نقلة جديدة للتعليم العالي، وعندما نرى ثمار استثمار الدولة في بناء الإنسان نتفاءل بمستقبل بلادنا، والحمد لله أن تكون مشاريع التعليم العام والعالي هي التي تعلو فيها (رافعات البناء) في مدننا.. هذه الرافعات فتَّشوا عنها في مدننا، أكثرها في المنشآت الجامعية، في جامعة الأميرة نورة، في جامعة الملك سعود، جامعة الإمام.. وفي 12 منطقة أخرى المدن الجامعية هي المشاريع العملاقة التي يجري تشييدها، هذا ما يريده خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، يريدنا أن ننتقل إلى حقبة مهمة في الوحدة الوطنية، حقبة تكريس العلم والتفكير العلمي الحضاري.