التمويل والشفافية يسيطران على لقاء الجاسر برجال الأعمال
التمويل والشفافية يسيطران على لقاء الجاسر برجال الأعمال
سيطرت قضيتا التمويل والشفافية على اللقاء الساخن الذي جمع الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي مع رجال الأعمال السعوديين من مختلف القطاعات، حيث أكد ممثل قطاع الأعمال أن هناك تقصيرا واضحا من البنوك المحلية في تمويل المشاريع، محذرين من أن استمرار ذلك سينعكس سلبا على أداء القطاع، فيما شدد الجاسر على أن الإقراض مستمر ويسير بوتيرة جيدة لأنه مصدر الربح الأول للبنوك ولكن إدارة المخاطر تتطلب مزيدا من التأني.
وبيّن الجاسر، في اللقاء الذي نظمه مجلس الغرف السعودية، أمس، في الرياض، أن البنوك المحلية ما زالت تسهم بشكل كبير في تمويل أنشطة القطاع الخاص، حيث بلغ الائتمان البنكي المقدم للقطاع الخاص في نهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 نحو 723.4 مليار ريال وهو ما يشكل نسبة 159.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للقطاع الخاص (بالأسعار الجارية) ونحو خمسة أضعاف حجم القروض القائمة الممنوحة من صناديق التنمية الحكومية (البالغة 147.4 مليار ريال في نهاية الربع الأول 2009).
وحول الشفافية في قضيتي «سعد والقصيبي» وعدم كشف البنوك عن مدى تعرضها للمجموعتين أسوة ببعض البنوك الأجنبية المجاورة والبعيدة.. قال الجاسر «أولا أود أن يرجع مَن يريد الإطلاع على معالجتنا للمشكلة إلى الحوار الأخير الذي أجريته مع جريدة «الاقتصادية» ضمن إصدارها السنوي الاقتصاد العالمي في 2010 .. ثم إن البنوك السعودية ومؤسسة النقد ليست مؤسسات تشهير».
في مايلي مزيد من التفاصيل:
سيطرت قضيتا التمويل والشفافية على اللقاء الساخن الذي جمع الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي مع رجال الأعمال السعوديين من مختلف القطاعات، حيث أكد ممثلو قطاع الأعمال أن هناك تقصيرا واضحا من البنوك المحلية في تمويل المشاريع، محذرين من أن استمرار ذلك سينعكس سلبا على أداء القطاع، فيما شدد الجاسر على أن الإقراض مستمر ويسير بوتيرة جيدة، لأنه مصدر الربح الأول للبنوك، ولكن إدارة المخاطر تتطلب مزيدا من التأني.
وبين الجاسر في اللقاء الذي نظمه مجلس الغرف السعودية أمس في الرياض وشهد مكاشفة واسعة من رجال الأعمال للمحافظ أن لدى المؤسسة توجيهات مباشرة من خادم الحرمين الشريفين بشرح السياسة النقدية والمالية، وما تقوم به المؤسسة، إلا أنه استدرك أن ذلك لا يعني أن نتفق على كل شيء.. وقال أنا أقف بينكم ليس دفاعا عن البنوك..إنما أدافع عن السياسة النقدية والمالية للدولة.
وقال ''أتفهم مطالب القطاع الخاص بمزيد من التمويل.. وهو مطلب مشروع.. ولكن البنوك لا تملك إلا ودائع المواطنين والمستثمرين التي تستلزم الرعاية.. فهي ليست جمعيات خيرية''.
وهنا رد جمع من رجال الأعمال على المحافظ بأن القطاع الخاص لا يطلب صدقات خيرية من البنوك.. بل هي علاقة تبادل مصالح على الجميع الالتزام بها.. فشركات قطاع العقار أو المقاولات أو الشركات الصغيرة تقوم بأدوار وطنية كبيرة هي الأخرى.. مشيرين إلا أن البنوك رفعت من مستوى تكلفة الإقراض، وشددت على شروط منح الائتمان لتلك القطاعات دون وجه حق''.
#2#
وفي هذا الإطار أكد المحافظ ''إن مراعاة المخاطر وملاءة المقترضين من أهم مقومات الإقراض الناجح.. والبنوك لدينا تواجه مشكلة في أن الودائع لديها قصيرة الأجل، بينما القروض الممنوحة طويلة الأجل.. من هنا يأتي الإشكال أحيانا.. ليس لدي شك فإنه متى تأكد البنك من ملاءة المقترض والمخاطر، فإنه سيسعى للإقراض، لأنه وسيلته الأولى لتحقيق الأرباح''.
وهنا قال بعض رجال الأعمال إن على البنوك البحث عن مصادر أخرى للتمويل غير ودائع المودعين، لأن الشعب السعودي لا يملك مدخرات كبيرة، مشيرين إلا أن الحل يكمن في رفع الودائع الحكومية طويلة الأجل في تلك البنوك.
وعلى صعيد آخر، أكد الجاسر خلال اللقاء الذي قال إنه سعيد به رغم ما يحمله من ''قنابل''، إنه ليس هناك أي عوامل عاطفية أو سياسية لإصرار المملكة على الاحتفاظ بالدولار كعملة ربط.. وقال'' ما يجمعنا مع الدولار أسباب اقتصادية بحتة يأتي على رأسها أنه لا يزال عملة التدخل الرئيسة في أسواق العالم، كما أن 60 في المائة من احتياطيات العالم لا تزال مقومة بالدولار، إلى جانب أن معظم صادرات المملكة تقوم بالدولار.. كما أن ثلثي وارداتها مقومة أيضا بالدولار''.
وفيما يتعلق بمطالبة قطاع الأعمال لمؤسسة النقد بفتح مجال الاستثمار في القطاع البنكي أمام المستثمرين المحليين والأجانب، قال المحافظ إن أصول البنوك المحلية تفوق أصول العشرات من البنوك المنتشرة في بعض الدول..سواء في أوروبا أو أمريكا أو الأسواق المجاورة.
وحول الشفافية في قضيتي ''سعد'' و''القصيبي'' وعدم كشف البنوك عن مدى تعرضها للمجموعتين أسوة ببعض البنوك الأجنبية المجاورة والبعيدة.. قال الجاسر ''أولا أود أن يرجع من يريد الاطلاع على معالجتنا للمشكلة إلى الحوار الأخير الذي أجريته مع جريدة ''الاقتصادية'' ضمن إصدارها السنوي'' الاقتصاد العالمي في 2010 .. ثم أود التأكيد على أنه ليس صحيحا أن تلك البنوك كشفت عن مدى تعرضها للديون المتعثرة بشكل كامل.. ما تم كان بصورة انتقائية.. ثم إن البنوك السعودية ومؤسسة النقد ليست مؤسسات تشهير.. تم الإفصاح بشكل واضح عن المخصصات التي رصدتها البنوك لمواجهة أي تداعيات للقروض المشكوك في تحصيلها.. ثم إن البنوك ليست منشآت عادية كالمصانع مثلا.. فتأثر البنوك يؤثر في مجمل الاقتصاد''.
وتابع المحافظ ''ليس من المصلحة نشر أسماء المتعثرين أو حجم تعثرهم.. وإلا لرأينا كل الصحف المحلية مليئة بقوائم ''سمة'' .. لأن من طبيعة الإقراض أن يكون هناك من يتخلف عن السداد''.
اللقاء الذي امتد لنحو ساعتين بدأ بكلمة ترحيبية من عبد الرحمن الجريسي نائب رئيس مجلس الغرف السعودية، أكد فيها امتنان قطاع الأعمال لقبول المحافظ إجراء هذا اللقاء الذي يؤكد حرص المؤسسة على التواصل مع رجال الأعمال بمختلف قطاعاتهم.
بعد ذلك استعرض الدكتور فهد السلطان أمين مجلس الغرف السعودية أبرز مرئيات قطاع الأعمال والإشكالات التي تواجهه، حيث أكد أن البنوك المحلية شددت إجراءاتها الإقراضية في الفترة الأخيرة، ما ألحق ضررا ملوحظا بنشاط القطاع الخاص.
وطرح السلطان عددا من المطالب التي دعا المحافظ للإجابة عنها، وهي رغبة قطاع الأعمال في أن تتوسع مؤسسة النقد في فتح القطاع البنكي أمام المستثمرين المحليين والأجانب، وتسهيل عملية منح الاعتمادات المالية، دعم نشاط المنشآت الصغيرة والمتوسطة ببرامج تمويل متخصصة، معالجة مشكلة ارتفاع سعر الفائدة، وسن أنظمة جديدة للشيكات المرتجعة.
كما دعا السلطان باسم قطاع الأعمال مؤسسة النقد إلى شرح التوجهات المستقبلية للمؤسسة، وتبيان معدل التضخم المستهدف، والإفصاح عن خيارات وخطط مؤسسة النقد للتعامل مع الدولار الضعيف، إلى جانب ضرورة توفير معلومات شفافة حيال بعض الأزمات التي تعترض الاقتصاد الوطني.
انتقل الحديث بعد ذلك إلى الدكتور محمد الجاسر حيث أوجز أولا أهم التطورات الاقتصادية المحلية، فقال ''تمكن الاقتصاد السعودي بفضل من الله ثم بفضل السياسات الاقتصادية المتبعة من تجاوز تبعات الأزمة المالية العالمية، فرغم انكماش القطاع النفطي، المحرك الأكبر لاقتصادنا المحلي، في عام 2009م (بنسبة 6.4 في المائة) نتيجة للظروف غير المواتية عالميا، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي سجل معدلا إيجابيا بلغ 0.15 في المائة) وذلك راجع إلى دور القطاع غير النفطي المحلي ولا سيما الحكومي 4.0 في المائة الذي ظل يتتبع سياسة مالية مجابهة للدورات الاقتصادية وتمكن - بفضل من الله - من النجاح فيها''.
وأوضح الجاسر أن الحكومة تمكنت من زيادة الإنفاق الفعلي في عام 2009م بنسبة 5.7 في المائة عن إنفاق عام 2008م رغم انخفاض إجمالي الإيرادات في عام 2009م بنسبة تجاوزت 54 في المائة، مشيرا إلى أنه مما يثلج الصدر أن نسب النمو تحققت في ظل استمرار انخفاض الضغوط التضخمية حيث انخفض معدل التضخم من 9.5 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008م إلى 4.0 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009م.
#3#
وتابع '' أما بالنسبة للكتلة النقدية مقاسة بعرض النقود، فقد استمرت في النمو بمعدلات معقولة حيث بلغ عرض النقود بتعريفه الشامل (ن3) نحو 1.023 مليار ريال في نهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2009م، وسجل نموا سنويا بلغت نسبته 11.3 في المائة''.
وبين محافظ مؤسسة النقد أن البنوك المحلية ما زالت تسهم بشكل كبير في تمويل أنشطة القطاع الخاص، حيث بلغ الائتمان البنكي المقدم للقطاع الخاص في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 نحو 723.4 مليار ريال، وهو ما يشكل نسبة 159.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للقطاع الخاص (بالأسعار الجارية) ونحو خمسة أضعاف حجم القروض القائمة الممنوحة من صناديق التنمية الحكومية البالغة 147.4 مليار ريال في نهاية الربع الأول 2009.
وزاد ''إضافة إلى ذلك فقد نمت القروض الإنتاجية بمعدلات نمو متزايدة، بينما نلاحظ استقرار معدل نمو القروض الاستهلاكية، وهذا يدل على توجه البنوك المحلية نحو القروض الإنتاجية .. وإذا نظرنا إلى إقراض البنوك للقطاع الخاص خلال السنوات الثلاث الماضية نجد أن متوسط نسبة النمو السنوية تجاوز 19 في المائة، بينما لم يتجاوز متوسط نسبة النمو في الناتج المحلي للقطاع الخاص (بالأسعار الثابتة) خلال الفترة نفسها نسبة 4.2 في المائة. وبالطبع فإن معظم الائتمان الممنوح من البنوك موجه لقطاع الشركات بأنشطتها المختلفة''.
قسم الدكتور الجاسر بعد هذا المدخل كلمته إلى عدة محاور منطلقا من محور سياسة سعر الصرف وتثبيت قيمة الريال أمام الدولار، وهنا قال ''أكاد أجزم بأن رجال الأعمال هم خير من يقدر الفوائد المتحققة من استقرار سعر صرف الريال منذ عام 1986م عند 3.75 ريال للدولار، وهم خير من يعلم أن ذلك الثبات يخفف من تبعات ومخاطر تقلبات أسعار الصرف ويهيئ المجال لأصحاب الأعمال، خاصة الذين لهم تعاملات خارجية، للتركيز على المخاطر الأخرى''.
ونوه إلى أن المحافظة على استقرار سياسة سعر الصرف له فوائد إيجابية على البيئة الاستثمارية المحلية، مؤكدا أن اختيار الدولار عملة ربط لم يكن لأسباب عاطفية أو سياسية ولكن لأسباب اقتصادية بحتة ما زالت قائمة.
ومن أهم هذه الأسباب بحسب الجاسر هو أن تقييم ودفع معظم صادرات المملكة يتم بالدولار الأمريكي، كما أن نحو ثلثي واردات المملكة تسعر وتدفع قيمتها بالدولار، إلى جانب أن هناك تأثيرا إيجابيا في وضع المالية العامة للدولة وذلك من خلال المحافظة على قيمة إيرادات النفط (باعتباره مصدرا أساسيا للدخل). وتمويل ميزانية الدولة.
وأضاف'' كما أن الدولار يعد العملة التي تتداول وتسعر بها معظم السلع الرئيسية عالميا بما فيها النفط والغاز، كما أنه يمثل نحو ثلثي الاحتياطيات العالمية، وهو عملة التدخل الرئيس في العديد من الأسواق المالية الإقليمية والدولية، إلى جانب أن 60 في المائة من احتياطيات العالم ما زالت مقوَّمة بالدولار''.
فيما ركز المحور الثاني من كلمة الجاسر على توضيح نهج المؤسسة وأدائها للسياسة النقدية، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه نهج يتسم بالاتزان وفي الوقت نفسه القدرة على التكيف مع ظروف الاقتصاد العالمي ومتطلبات الاقتصاد المحلي.
وقال'' على الرغم من محدودية فعالية السياسة النقدية بسبب الاعتماد الكبير لاقتصادنا على الإنفاق الحكومي، إلا أن المؤسسة تمكنت من تفعيل الأدوات المتاحة واستمرت في نهجها المتبع، وهو مجابهة الدورات الاقتصادية بالتناغم قدر الإمكان مع السياسة المالية.
ويدرك المتابع أن المؤسسة تعاملت خلال السنوات الثلاث الماضية مع أحداث متناقضة، أحدها فترة الانتعاش الاقتصادي (2003 – الربع الثالث 2008) غير المسبوق محليا وعالميا وما اتسمت به تلك الفترة من تدفقات سيولة عالية لقنوات الاقتصاد المحلي وضغوط تضخمية ومضاربات على سعر الصرف. والأخرى فترة الأزمة المالية العالمية وما تبعها من انكماش عالمي ما زالت آثارها ماثلة أمامنا''.
وبين الجاسر أن المؤسسة تمكنت خلال الفترتين من تطبيق إجراءاتها في مجابهة الدورات الاقتصادية واستخدام ما لديها من أدوات السياسة النقدية.. وقال'' فمثلا عند نشوء الأزمة المالية العالمية اتبعت المؤسسة سياسة نقدية تهدف إلى تعزيز الاستقرار في القطاع المالي وتوفير السيولة اللازمة لتلبية احتياجات الطلب المحلي على الائتمان، خاصة بعد انحسار الضغوط التضخمية''.
وتابع'' اتخذت المؤسسة في الربع الرابع من عام 2008م حزمة من الإجراءات الاستباقية لتعزيز وضع السيولة وخفض تكلفة الإقراض بهدف ضمان استمرار المصارف لأداء دورها وسيطا تمويليا للقطاع العائلي وقطاع الأعمال وبما يعزز المسيرة التنموية في المملكة، ومن أهم هذه الإجراءات خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي عدة مرات على الودائع تحت الطلب،خفض معدل عائد اتفاقيات إعادة الشراء على عدة مراحل من أعلى مستوى بلغته خلال الفترة من شباط (فبراير) 2007م إلى تشرين الأول (أكتوبر) 2008م 5.5في المائة إلى 2.0 في المائة في كانون الثاني (يناير) 2009م، وخفض معدل عائد اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس، على عدة مراحل، من 2.0 في المائة إلى 0.25 في المائة حاليا''.
وشدد الجاسر على أن المؤسسة عمدت إلى تعزيز وضع السيولة في النظام المصرفي عن طريق إنشاء ودائع مع المصارف المحلية لمدد طويلة نسبيا نيابة عن الهيئات والمؤسسات الحكومية بالعملة المحلية والدولار الأمريكي لتعزيز مستوى السيولة وترسخ مستوى ثقة المستثمرين والمدخرين في النظام المالي المحلي وضمان عدم تأثر البنوك المحلية بشكل ملموس بأزمة الائتمان العالمي.
كما تم خفض تسعيرات أذونات الخزانة في كانون الأول (ديسمبر) 2008م إلى 50 نقطة أساس دون سعر عمولة الإيداع بين البنوك وتحديد سقف الإصدار إلى 3.0 مليارات ريال أسبوعيا بعد أن كان حجم الإصدار غير محدد (مفتوح) بسبب الضغوط التضخمية في فترة ما قبل الأزمة.
انتقل بعد ذلك الجاسر إلى محور آخر، وهو المحافظة على الاستقرار النقدي والمالي في الاقتصاد الوطني باستخدام كافة الأدوات المتاحة وبتنسيق مستمر مع الجهات الاقتصادية الأخرى في المملكة، مشيرا إلى أن ذلك يشكل جل اهتمامنا في المؤسسة ويتم من خلال مراقبة مؤشرات الاقتصاد الكلي وتوفير السيولة الملائمة لدعم الأنشطة الاقتصادية مع بذل أقصى الجهود للمحافظة على استقرار المستوى العام للأسعار بما في ذلك سعر صرف الريال.
وأضاف'' نحرص على الرقابة الحصيفة لقطاع البنوك الذي يمثل عصب الاقتصاد وقطاع التأمين لأهميته في تعزيز الثقة المالية وتحجيم آثار المخاطر بأنواعها، تلك الجهود جميعها أدت بفضل الله إلى الاستقرار الكبير في القطاع المالي في المملكة الذي تجاوز كل الظروف الإقليمية والأزمات العالمية، وساعدت في إيجاد بيئة متوازنة للاقتصاد الكلي أكدت الثقة به وبثت الطمأنينة في الاقتصاد السعودي وساعدت قطاع الأعمال على المزيد من النمو والازدهار.
ونستطيع القول إن التركيز على الاستقرار المالي كان أحد أهم الأسباب بعد توفيق الله لتجاوز تداعيات الأزمة العالمية بأقل الأضرار''.
أما حول استقرار ومتانة القطاع المالي الذي يمارس دوراً مهماً في جذب المستثمر الأجنبي، فقد أكد الجاسر أن المؤسسة تنظر إلى القطاع المالي بأنه النافذة الأولى لتكوين فكرة أساسية عن الاقتصاد الحاضن لاستثماراته وجدوى الاستثمار فيه، مشيرا إلى أن هذه الأهمية تنبع من الدور الذي يمارسه هذا القطاع في تحقيق الاستقرار الكلي والمستديم للاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته، ناهيك عن الدور الذي يمارسه في توفير التمويل المالي المناسب له عند الحاجة وسهولة نقل الأموال والمحافظة على قيمتها وتقديم أحدث الخدمات المالية والمصرفية، بالإضافة إلى سهولة الخروج من الاقتصاد عندما ينتهي الغرض من الاستثمار.
وقال'' أثبتت التجارب الدولية أن الاقتصادات التي تحظى باستقرار كبير وعمقٍ في قطاعاتها المالية تكون أكثر جذباً للاستثمارات ليس فقط الأجنبية بل حتى للمحافظة على الاستثمارات المحلية وتنميتها.
ومن هنا تولي المؤسسة أهمية بالغة بهذا الجانب نظراً للتوجه الحالي للدولة لفتح مجالات عديدة للاستثمارات بشتى أنواعها، وبما يحقق أهداف وخطط التنمية الطموحة''.
وفيما يختص بدور المؤسسة في الإشراف على القطاع البنكي، بين الجاسر أن المؤسسة تنهج سياسة رقابية متحفظة تعتمد على مبادئ الإشراف البنكي الفعال وتطبيق معايير المحاسبة الدولية، مبينا أن الأزمة الحالية وغيرها من الأزمات السابقة أثبتت سلامة ذلك المنهج، ويتجلى ذلك بشكل واضح في الحد من انكشاف البنوك السعودية للمنتجات المهيكلة، ومحافظتها على ملاءة رأسمالية جيدة مدعومة باحتياطيات كافية.
وزاد'' فعلى سبيل المثال فإن متوسط نسبة كفاية رأس المال لدى البنوك بلغ 16.2 في المائة بنهاية الربع الثالث من عام 2009، ولم تتجاوز نسبة القروض المشكوك في تحصيلها إلى إجمالي الإقراض البنكي مع نهاية أيلول (سبتمبر) 2009 (3 في المائة )، كما أن نسبة نمو إجمالي الأصول البنكية تجاوزت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي وهذا مؤشر على أن نمو دور البنوك في التمويل أكبر من النمو في إجمالي أنشطة الاقتصاد المحلي. حيث بلغت نسبة النمو السنوي لإجمالي الأصول البنكية بنهاية تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2009 نحو 6 في المائة، في حين بلغت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2009 نحو 0.15 في المائة''.
ثم اختتم محافظ مؤسسة النقد كلمته بالتركيز على اهتمامات قطاع الأعمال والمتعلقة بسياسة البنوك الإقراضية، حيث قال في هذا الشأن'' تعد محفظة القروض من أهم مصادر ربحية البنوك، وتسعى البنوك كما تعلمون لتحقيق أرباح لملاكها، وبالتالي لا يمكن تصور إحجام مقدم الخدمة وهي هنا البنوك عن محاولة تعظيم أرباحها من خلال منح مزيد من القروض.
لكن لا بد من النظر للطبيعة الخاصة للقطاع البنكي الذي يتلقى ودائع في أغلبها قصيرة الأجل ويمنح قروضا ذات آجال أطول مما يعني أهمية مراعاة جميع المخاطر ومنها مخاطر عدم توافق آجال الأصول والخصوم، وهذا يحتم على البنوك اتخاذ جانب الحيطة والحذر عند إدارة المخاطر خاصة في أوقات الأزمات''.
وأضاف'' ليس لدي شك أنه في حال لُبيت متطلبات إدارة المخاطر خاصة المعايير ذات العلاقة بملاءة المقترض وبجدوى المشروع, فإن البنوك لن تتردد في منح التسهيلات المطلوبة من قطاع الأعمال، لأن هذا مصدر ربحي أساسي''.
تحدث بعد ذلك عن دور المؤسسة الفعال في تطوير أنظمة المدفوعات في المملكة بالتعاون مع البنوك المحلية، حيث أشار إلى أن مؤسسة النقد تسعى دائماً إلى توفير أفضل وأحدث الخدمات البنكية والمالية للمواطنين والمقيمين على أرض المملكة، وإنها تسعى وبشكل مستمر لتبني أحدث التقنيات في أنظمة الدفع حتى أضحت التقنية البنكية في المملكة مضرب المثل، وأضافت تلك التقنية التميز والحداثة للقطاع المصرفي السعودي.
يأتي ذلك تتويجا لجهود المؤسسة بالتعاون مع القطاع البنكي لتوفير بيئة آمنة تمنح المستخدمين من مواطنين ومقيمين الثقة والأمان عند إجراء العمليات البنكية عبر نظام مدفوعات آمن.
شهد اللقاء بعد ذلك عشرات المداخلات من رجال الأعمال وبعض الإعلاميين ركزت في معظمها على التأكيد أن هناك إحجاماً من قبل البنوك عن تمويل قطاعات مهمة مثل قطاع المقاولات والعقارات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة وقطاع التصدير، حيث أبدى كثير منهم انزعاجه من الشروط التعجيزية للتمويل والانتقائية إلى جانب تذمرهم من ارتفاع تكلفة التمويل.
وهنا قال رئيس لجنة الصادرات السعودية في مجلس الغرف إنه يكفي أن نعلم أنه لا يوجد لدى البنوك المحلية أي برنامج تشجيع للمصدرين السعوديين، وهم طريق المملكة لتنويع اقتصادها.
فيما قال متداخل من قطاع المقاولات إن هناك سوء توزيع واضحاً من قبل البنوك لمحافظها الإقراضية على مستوى المملكة، مشيرا إلى أن كثيراً من المشاريع التنموية في عدد من المناطق لا يحظى باهتمام البنوك، ضاربا مثلا بمنطقة عسير التي أحجمت البنوك عن تمويل أي مشاريع سياحية فيها.
وانتهى أحد المشاركين إلى التأكيد على المحافظ بأن البنوك السعودية ليست مضربا للمثل كما يقول البعض، مبينا أنه لو تم تشكيل لجنة تقصي حقائق حول أداء البنوك السعودية ودورها في دعم القطاع الخاص لانتهى الأمر بحقائق غير مرضية.