تحديات اقتصادية مختلفة تواجه مجلس التعاون في 2010
يواجه دول مجلس التعاون الخليجي عديد من التحديات الاقتصادية في عام 2010 وفي مقدمتها استمرار التكيف مع تداعيات الأزمة المالية العالمية. وتشمل الأمور الأخرى تعزيز عملية التكامل الاقتصادي بين دول المجلس وتوسيع التبادل التجاري مع الكيانات الاقتصادية الأخرى، فضلا المضي قدما في تنفيذ برامج الإصلاحات الاقتصادية المحلية.
التكيف مع الأزمة المالية
من جملة الأمور، كشفت أزمة المديونية التي ظهرت للعلن في نهاية 2009 عن مدى تأثر بعض الاقتصادات الخليجية بالأزمة المالية العالمية. الأمر الجميل هو تدخل أبو ظبي في الوقت المناسب لإنقاذ الموقف عن طريق توفير عشرة مليارات دولار لتغطية المستحقات وتوفير السيولة لبدء عملية الإصلاح الإداري والاقتصادي في دبي. بيد أن المطلوب من سلطات دبي مواجهة تحدي دفع مستحقات قدرها 12 مليار دولار في عام 2010.
إضافة إلى ذلك، تعاني المالية العامة لبعض الدول الأعضاء معضلة العجز، بدليل تسجيل عجز قدره 12 مليار دولار في السنة المالية 2009 في السعودية. يعد العجز الأول من نوعه منذ عام 2002 ومرده التراجع النسبي لأسعار النفط في الربع الأول من 2009، وذلك على خلفية تداعيات الأزمة المالية العالمية.
تحقيق التكامل الاقتصادي
تسير مسيرة التكامل الاقتصادي بين دول المجلس بخطى بطيئة لكن ثابتة. وكانت القمة الثلاثين التي عقدت في الكويت في نهاية 2009 قد قررت تدشين مشروع الاتحاد النقدي في الموعد المحدد في 2010. وتشمل الخطوات الأولية للمشروع الطموح بدء العمل في المجلس النقدي لغرض تحقيق عدة أمور، منها استكمال المتطلبات الفنية والتنظيمية فضلا عن تأسيس بنك مركزي وإصدار عملة موحدة.
يتطلب تنفيذ مشروع الاتحاد النقدي تنسيق السياسات الاقتصادية النقدية منها والمالية للدول الأعضاء فيما يخص ضمان عجز الموازنة والمديونية العامة والتضخم ومعدلات الفائدة والحد الأدنى للاحتياطي العام. ويكمن التحدي في تحقيق إنجاز في ضوء غياب كل من: الإمارات وعمان من المشروع أي ثلث الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. تبقى هناك آمال بتراجع الإمارات عن قرار الانسحاب الذي تم اتخاذه في 2009، وذلك عندما تستضيف القمة رقم 31 في نهاية السنة. من جهة أخرى، المطلوب من المسؤولين في الأمانة العامة للمجلس حل الإشكالات التي تخص مشروع الاتحاد الجمركي وتحديدا معضلة توزيع الإيرادات الجمركية بين الدول الأعضاء. لا شك أنه لأمر غير مقبول استمرار هذا الوضع رغم دخول المشروع المعني بتوحيد السياسات الخارجية حيز التنفيذ في عام 2003. أيضا هناك تحدي تعزيز المواطنة الخليجية عبر مشروع السوق الخليجية المشتركة الذي بدأ تنفيذه في مطلع عام 2008. يرتكز المشروع إلى منح الحرية لعوامل الإنتاج بالتحرك داخل اقتصادات دول مجلس التعاون الست. بيد أنه هناك شكاوى من التجار من إجراءات رسمية مطولة في بعض الدول الأعضاء الأمر الذي ينال من صدقية مشروع السوق الخليجية المشتركة برمته.
إنهاء المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي
لم تنجح دول مجلس التعاون الخليجي مع نهاية 2009 في إنهاء المفاوضات المتعلقة بإنشاء منطقة للتجارة الحرة مع دول الاتحاد الأوروبي. وقد تعثرت المفاوضات التي انطلقت قبل أكثر من عقدين من الزمان بسبب الشروط الأوروبية مثل احترام حرية الإنسان وحديثا عدم الإساءة للبيئة.
حقيقة القول، يصب الوضع الحالي في مصلحة الجانب الأوروبي، حيث يتمتع بفائض تجاري قدره مليارات الدولارات. أيضا تتمتع الشركات الأوروبية بشبه حرية كاملة للعمل في اقتصادات دول مجلس التعاون والعكس ليس صحيحا بالضرورة. باختصار تعد دول الاتحاد الأوروبي وعددها 27 دولة الشريك التجاري الأول لمجلس التعاون، الأمر الذي يؤكد أهمية التوصل لاتفاقية لإنشاء منطقة للتجارة الحرة بين الطرفين. المطلوب من الأمانة العامة القيام بحملة علاقات عامة في الاتحاد الأوروبي لحشد الرأي العام لتوقيع اتفاقية بين الكيانين الاقتصاديين.
الإصلاح الاقتصادي والإداري
يتمثل القاسم المشترك بين دول مجلس التعاون في هذه الفترة في منح القطاع الخاص الدور الريادي في إدارة دفة الاقتصاد. ويبدو أن هناك توجها جديا لتحرير الاقتصاد من سيطرة القطاع العام مثل قيام السلطات بتحويل بعض الأمور العادية مثل أعمال البلدية إلى عهدة شركات خاصة. ويكمن التحدي في استمرار العمل ببرنامج الإصلاح الاقتصادي على الرغم من ظهور بعض العوائق مثل خسارة بعض المواطنين وظائفهم بسب الخصخصة.
كما بينت أزمة مديونية دبي الحاجة الماسة لتنفيذ إصلاحات إدارية شاملة في المؤسسات التابعة للإمارة. فقد تسببت تصرفات غير مسؤولة من قبل بعض التنفيذيين في إلحاق الضرر بسمعة دبي عبر تركيزهم على مشاريع لم تنفذ جدواها الاقتصادية وخصوصا العقارية منها.
ختاما: بدأت البحرين عام 2010 بخطوات اقتصادية تشمل تهيئة الظروف لتقليص حجم الدعم الرسمي للسلع والمنتجات التي توفرها الحكومة، وفي مقدمتها المشتقات النفطية لتحقيق أمور منها الاستخدام الأمثل للثروة المحدودة. باختصار، سيكون عام 2010 مليئا بالتحديات الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي الست، ما يتطلب بذل جهود حثيثة لحلها.