حتى لا نصبح أسرى لليأس

عندما نجتمع مع أسرنا وأصدقائنا في الإجازات، يبحث الكثير منا عن أعمق المعاني الكامنة في هذه المناسبة. وأحيانا نجد هذه المعاني في أماكن لم نكن نتوقعها مثل الأحياء الفقيرة في نيروبي بكينيا حيث يقدم برنامج جامي بورا للتمويل المصغر مدخرات وقروضا للأفراد الذين كانوا يمتهنون الشحاذة أو الدعارة أو كانوا لصوصا أو أفراد عصابات. ومع مرور الوقت، أثبت برنامج جامي بورا أن بعض أفضل الهدايا لا تمنح بل تكتسب بفضل الشروع في بداية جديدة أو فرصة ثانية.
بعد مرور شهور قليلة من اندلاع العنف الذي تلا الانتخابات في كينيا منذ عامين، تلقى جامي بورا أموالاً لإعادة بناء أحد الأسواق التي دمرتها الحرائق في أعمال الشغب المميتة. قرر جامي بورا والذي يعني «الأسر الطيبة» أن يعثر على المشاغبين وأن يدرجهم في قائمة من يقوم بإعادة بناء السوق الذي دمروه.
وبدا هذا الأمر فعلا وكأنه مستحيل حتى في عالم التمويل المصغر – والذي يعرف شيئا أو شيئين عن تحدي ما تعارف عليه الناس من حكمة مألوفة. بالنسبة لمعظم مؤسسات التمويل المصغر، فإن العثور على مرتكبي هذا الدمار مهمة خطرة إن لم تكن مستحيلة. أما إقناعهم بإعادة بناء ما دمروه فلن يبدو أكثر من كونه ضربا من العبث.
الإيمان بتحقيق المستحيل يعد أمرا عاديا بالنسبة لجامي بورا والذي يتكون فريق العمل لديه من جميع الأعضاء السابقين الذين استخدموا المدخرات والقروض المصغرة التي منحها لهم جامي بورا ليتركوا حياتهم السابقة كمتسولين وعاهرات ولصوص وهي حياة كان الفقر المدقع يسيطر عليها. ومع ذلك، فإن ما لم يلقوه وراء ظهورهم هو أصولهم ضاربة الجذور في المجتمع.
استطاع العاملون في جامي بورا العثور على زعيم العصابة 200 التي دمرت السوق وتحدثوا مع «الجنرال» كما يطلق عليه محليا من أجل مساعدتهم في عملية إعادة البناء. وعندما تقابل لأول مرة مع إنجريد مونرو، مؤسسة جامي بورا، أخبرها أنه كان في منتهى الضيق بسبب العاملين لديها عندما تحدثوا معه لأول مرة حيث بدا وكأنهم لم يكونوا يعرفون مدى خطورته. ولكن من خلال مثابرتهم، استطاعوا أخيرا إقناع الجنرال وعصابته أن يساعدوهم في إعادة بناء السوق فكانوا يدفعون لهم مقابل حراسة المواد ليلا والمساعدة في بنائها نهارا.
وبعد استكمال عملية إعادة البناء، انضم الجنرال وثلث أفراد عصابته إلى جامي بورا. وكان الباقون لا يزالون تساورهم الشكوك حول التمويل المصغر ولكنهم اندهشوا عندما رأوا الجنرال ينشئ عملاً شرعيا حيث كان يقوم بعمل صناديق يحمل فيها الأطفال كتبهم وموادهم الأخرى إلى المدرسة.
ولقد أخبر الجنرال مونرو أخيرا أنه لم يذهب إلى قريته الأم منذ 13 عامًا لأن والدته كانت خجلة مما يفعله، ولكنه زارها قريبا وعندما رأته بكت من الفرح لمدة ثلاثة أيام لما أصابها من سعادة شديدة عندما رأت كيف تغير مجرى حياته.
هناك عدة رؤى للتمويل المصغر ومن بينها توفير التمويل المصغر من أجل استرجاع ما قد فقد. ويعرف القاموس كلمة الاسترجاع بأنها استرداد شرف المرء وقيمته وتحرير الفرد. أليس هذا أعلى رؤية للتطوير ككل: مساعدة الناس في استعادة شرفهم وقيمتهم وتحريرهم من قيود الفقر؟
ولا تعد قصة الجنرال حول استرجاع ما قد فقده بمثابة حالة منعزلة. سل مونرو أن تصف أعضاء جامي بورا الآخرين وستخبرك عن ويلسون ماينا. كان ماينا لصا ومن أكثر المجرمين المطلوبين للعدالة في حي ماثار فالي العشوائي. بعد أن ادخر عشرة دولارات (لم يحصل على دولار واحد منها عن طريق السرقة حسبما تشترط جامي بورا)، تلقى 20 دولارا على سبيل القرض. واليوم أصبح يمتلك أربعة مشاريع تجارية وأقنع المئات من الشباب بالتخلي عن الجريمة. وهذا عائد على الاستثمار الذي يحتاج إليه العالم بصورة ملحة. ما الطرق التي تأسر لب كل منا؟ هل نصبح أسرى لليأس في القضاء على الفقر العالمي أو إحداث فارق ملموس؟ تقدم لنا هذه القصص المتعلقة بالتمويل المصغر هدية استرجاع ما قد يكون المر قد فقده بل وتقدم لنا فرصة التحرر من اللامبالاة والشروع في بداية جديدة للعمل من أجل عالم أكثر ازدهارًا وسلامًا.
من 7 إلى 10 نيسان (أبريل) 2010، ستستقبل مونرو بصفتها رئيسة اللجنة الوطنية المنظمة للمؤتمر ألفي مبعوث إلى نيروبي قادمين لحضور مؤتمر القمة الإقليمي للقروض المصغرة في إفريقيا والشرق الأوسط. فليحدونا الأمل في أننا جميعا في إمكاننا أن نتلقى منحة استرجاع ما قد فقد في حياتنا وفي العالم في موسم الإجازة هذا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي