الخير في خدمة الإرهاب!

لست أدري حتى الآن كيف استطاع الإرهاب أن يوظف الخير في خدمته .. كيف انحرفت أموال الخير الذاهبة أصلاً إلى مساعدة المحتاجين .. كيف دخلت جيوب الإرهابيين .. الموضوع غريب والأغرب منه أن تقوم مؤسسات خيرية رسمية بهذا النشاط المدمر .. وبدلاً من شراء الأغذية والملابس للمحتاجين تشتري الرصاص والقنابل للفتك بخلق الله.
لقد أوضح بيان وزارة الداخلية الذي صدر منذ شهور إلى أن أعضاء شبكة منظري القاعدة استغلوا العمل الخيري في تمويل أنشطة إرهابية .. وقد سارعت الحكومة إلى تضييق الخناق على هؤلاء المنحرفين فقامت بتقنين التبرعات للجمعيات الخيرية .. بل منعت جميع التبرعات النقدية لجمعيات تحفيظ القرآن .. وأعلن وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد تعيين محاسب قانوني لمراجعة القوائم المادية لهذه الجمعيات.
ومن جهته قال اللواء ''منصور التركي'' المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية إن هذا الانحراف بالغرض الخيري يجب ألا يمنع المتبرعين لعمل الخير الذي هو طابع الشعب السعودي، ولكن يجب أن يتوخى المتبرعون الحذر في مسألة التبرعات والصدقات المالية حتى لا تستخدم هذه التبرعات والصدقات في تمويل الجماعات الإرهابية.
إن التمويل هو المحرك الأساسي للجماعات الإرهابية خاصة ''القاعدة''، وقد كشفت السلطات السعودية في السنوات الست الماضية عن عشرات الملايين من الريالات في مخابئ ومخازن وخزائن الإرهابيين التي جمعوها باسم الخير ووجهوها لعمل الشر، وقد دعا الشيخ المحترم ''عبد المحسن العبيكان'' المستشار بالديوان الملكي ألا يغتر المتبرع أو المتصدق بسمعة شخص أو وظيفته أو ملابسه للتبرع له .. بل عليه الاستيثاق من الأهداف التي يعمل من أجلها.
إن تجفيف منابع التمويل أحد الحلول المهمة لضرب ''القاعدة'' في مقتل، فبدون الأموال سيصبحون من المتسولين .. ولن يكون في إمكانهم شراء الأسلحة، ولعلك قرأت كمية السلاح التي ضبطت بعد الإيقاع بخلية الـ (44) التي أنشأت مخزناً ضخماً للسلاح في منطقة ''الرياض''. إنها كمية مهولة تكفي لتسليح جيش .. ومع تجفيف منابع التمويل بكل هذه الإجراءات، فإنه يبقى سؤال هو: كيف دخلت كل هذه الأسلحة الثقيلة وهي كلها من الصناعة الأجنبية .. من المهم معرفة أماكن تسرب هذه الأسلحة إلى داخل البلاد لإغلاق دائرة التسليح بعد دائرة التمويل .. إن القضاء على عملاء القاعدة داخل المملكة مكمنه الفكر وتجفيف منابع التمويل والتسليح، وبهذا يمكن القضاء على هذه الفئة الضالة التي كانت سبباً في كل البلاء الذي نزل بالدول الإسلامية في العالم من ''أفغانستان'' إلى ''باكستان'' وكل ''ستان'' في العالم و''استان تعنى المكان'' .. وقى الله بلادنا من شرور هذه الفئة الضالة ورد كيدهم إنه سميع مجيب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي