ما أحلى التحلية في ميزانية التنمية!

العام الماضي قلنا إن ميزانية الدولة العامة هي الأكبر والأضخم والأعلى في تاريخ الوطن, حيث تضمنت المشاريع والبرامج التنموية لمصلحة الوطن والمواطن, وسمعنا ربما لأول مرة بالتنمية المتوازنة والقطاعات المتوازنة والأقاليم والمناطق المتوازنة, وهي مفردة أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ على ضرورة التوازن في التنمية لتحظى كل المناطق وكل القطاعات بالتساوي في اعتمادات الميزانية, ولاحظنا أنها عاملت كل المناطق والأقاليم ببرامج التنمية ذاتها وأصبحنا نجد الجامعات والمدن الصناعية والاقتصادية والموانئ والطرق والمستشفيات في نجران وجازان وحائل والحدود الشمالية والجوف والباحة, كما أن القطاعات حظيت بالنهج نفسه وأصبحت قطاعات التعليم والمستشفيات والطرق والسكك الحديدية والسدود والمياه والجامعات لها نفس الأهمية والأولوية, كما أصبح الاهتمام بالإنسان في مختلف مراحل عمره ضمن التنمية المتوازنة, فالإنسان (ذكرا كان أو أنثى) رضيعا وطفلا وشابا وكبير السن له الاهتمام والأهمية والأولوية نفسها, ولذلك أصبحت الميزانية العامة للدولة تتعامل مع عناصر التنمية وأهدافها بنفس المستوى والأهمية وتوزع مداخيل الوطن على الجميع ويبقى عنصر التنفيذ والإنجاز هو المقياس والمعيار. وكما قلنا إن ميزانية العام المالي الماضي غير مسبوقة, فإن ميزانية العام المالي الجديد هي كذلك ويأبى خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ إلا أن يؤكد أن عبورنا مستمر للتنمية المتوازنة ويجعل من ثراء الوطن ومداخيله وسيلة للتطور والتقدم, وهاهي ميزانية هذا العام المبارك ـ إن شاء الله ـ إلا أن تكون متميزة وثرية وعالية وشاملة ومتوازنة لتصبح ميزانية تاريخية بكل المقاييس على مستوى الوطن وعلى مستوى القطاعات والمناطق والأهداف فهاهي التحلية تتشرف باهتمام خادم الحرمين الشريفين وتحظى بميزانية غير مسبوقة وبأرقام تجاوزت كل التفكير والترقب بمبلغ كبير جداً اقتربت نسبته إلى 2.5 في المائة من إجمالي الميزانية. كيف نستغرب وقد اعتمد ـ حفظه الله ـ مشروع محطة تحلية رأس الزور ومحطة تحلية ينبع المدينة المنورة بعدما تخاذلت المؤسسات المالية العالمية من تمويل هذين المشروعين واتخذ قراره الحكيم بأن الأهمية للمواطن ولا يمكن أن نرهن أنفسنا لتوفير حاجات البلد وبالذات الماء والكهرباء للظروف الخارجية وأمر بأن يعتمد هذان المشروعان في الميزانية وتكلف المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة بتنفيذها, وهو ما حصل حيث تم طرح مشروع رأس الزور أخيرا وسيتبعه مشروع تحلية ينبع المدينة المنورة قريباً ـ إن شاء الله.
لقد حظيت المياه عموماً والتحلية خصوصاً باهتمام خاص من لدن خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة, حيث اعتمدت المشاريع والبرامج المطلوبة حتى أصبحت تحلية مياه البحر المالحة خياراً استراتيجياً للوطن ويحظى بأولوية وأهمية واهتمام, والدليل هو المشاريع والاعتمادات السنوية المتصاعدة والبرامج التطويرية والإعمارية لمحطات التحلية, كما أن موافقته ـ حفظه الله ـ على برنامج تخصيص المؤسسة وإعادة هيكلتها دليل آخر ومؤكد على اعتماده نهج التغيير والتطوير لما فيه مصلحة المواطن والعمل على تحديث كل القطاعات التنموية لتواكب العصر مع الاحتفاظ بالهوية والثوابت والخصوصية للمجتمع والأرض والتاريخ.
إن التحلية هذه الأيام أحلى بما حظيت به من عناية واهتمام ودعم من حكومة خادم الحرمين الشريفين لبرامجها وأهدافها واستراتيجيتها, وهو اهتمام متواصل للإنسان والقطاعات والمناطق والأقاليم .إنها ميزانية الخير والعطاء والنماء, نسأل الله أن ينفع بها ويبارك في مشاريعها وبرامجها, ونسأل الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي العهد الأمين والحكومة الرشيدة التي لا تألو جهداً من اعتماد الأموال والمشاريع والبرامج لقيادة البلد إلى مصاف الدول المتقدمة, وأن تظهر هذه المشاريع على أرض الواقع حقيقة وتأكيدا على النهج الإصلاحي التنموي المبني على الشفافية والوضوح والإخلاص والولاء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي