النتائج الاقتصادية لقمة مجلس التعاون في الكويت
لم تنجح القمة رقم 30 لقادة مجلس التعاون الخليجي في الكويت في تحقيق الآمال الاقتصادية المرجوة كافة, ففيما يخص مشروع الاتحاد الجمركي على سبيل المثال، لم يتطرق البيان الختامي لآلية التحصيل المشترك وتوزيع الإيرادات الجمركية بين الدول الأعضاء. كما يعاني المشروع الذي دخل حيز التنفيذ عام 2003 عوائق بيروقراطية بالنسبة إلى انتقال وسائط النقل واختلاف إجراءات إنهاء المعاملات الرسمية على الحدود بين الدول الست.
كما لم تتخذ القمة قرارات نهائية بالنسبة إلى مقترح إنشاء سكة حديد دول مجلس التعاون. والأمر نفسه ينطبق على مقترح قطر الداعي إلى تأسيس بنك تنموي مشترك بين الدول الأعضاء, لكن وجه القادة نحو إجراء دراسات تفصيلية للوقوف على الجدوى الاقتصادية للمقترحين. بدورنا نرى صواب إجراء دراسات جدوى اقتصادية فيما يخص مقترحي سكة الحديد وبنك تنموي, لكننا نستشكل تأخير حل إشكال تقاسم الإيرادات الجمركية بالنسبة إلى مشروع الاتحاد الجمركي.
المشاريع التكاملية
من جهة أخرى، حققت قمة الكويت, وهي الخامسة من نوعها منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي, خطوات ملموسة بالنسبة إلى المشاريع التكاملية الاقتصادية بين الدول الأعضاء. فقد تم تدشين المرحلة الأولى من مشروع الربط الكهربائي بين كل من السعودية والكويت وقطر والبحرين. بلغت القيمة المالية للمرحلة الأولى نحو 1.6 مليار دولار, ما يعد مبلغا غير كبير بالنسبة إلى أهداف المشروع التي تشمل توفير الفائض من الكهرباء للدول التي تعاني عجزا. وربما تظهر إيجابيات هذا الربط الحيوي خلال صيف 2010 حيث يزداد الطلب على الكهرباء.
كما أكدت القمة مواصلة مشروع السوق الخليجية المشتركة الذي يهدف إلى تعزيز روح المواطنة الخليجية في مسائل العمل والإقامة والتجارة والتعليم. الجديد في الأمر هو إقرار القادة مبدأ المساواة بين مواطني دول المجلس في مجال التعليم الفني.
يرتكز مفهوم السوق المشتركة إلى منح وسائل الإنتاج مطلق الحركة في التنقل بين الدول الأعضاء, ما يعني تحقيق مبدأ المواطنة الخليجية. يتشكل مشروع السوق المشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي الذي دخل حيز التنفيذ عام 2008 من عشرة مسارات, هي:
1 ـ حرية التنقل والإقامة.
2 ـ العمل في القطاعات الحكومية والأهلية.
3 ـ التأمين الاجتماعي والتقاعد.
4 ممارسة المهن والحرف.
5 ـ مزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية.
6 ـ تملك العقار.
7 ـ انتقال الرساميل.
8 ـ المساواة في المعاملة الضريبية.
9 ـ تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات.
10 ـ الاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية.
الاتحاد النقدي
وكما كان متوقعا، قرر القادرة الشروع في تنفيذ متطلبات الاتحاد النقدي بين الدول التي صادقت على هذا المشروع الطموح وهي السعودية, الكويت, قطر, والبحرين. وكانت الإمارات قد قررت الانسحاب من المشروع في وقت لاحق من عام 2009 احتجاجا على اختيار السعودية مقرا للمجلس النقدي. بدورها قررت عمان عدم الانضمام إلى المشروع من الأساس لأسباب اقتصادية من قبيل تأخر اكتشاف النفط في عام 1968, وهذا يعني عمليا عدم الحصول السلطنة على فرص كافية للتنمية كما هو الحال مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي.
حقيقة القول، تم اختيار الرياض مقرا للمجلس النقدي الخليجي نظرا لما يمثله الاقتصاد السعودي من مركز ثقل عالمي, فضلا عن الخليجي. حسب مجموعة الإيكونومست البريطانية، بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي 591 مليار دولار في 2008 استنادا إلى مبدأ القوة الشرائية أي الأكبر بلا منازع بين الدول العربية قاطبة. ومن الشواهد الأخرى استقطاب السعودية استثمارات أجنبية فاقت 38 مليار دولار عام 2008, ما يعني 42 في المائة من حجم الاستثمارات الأجنبية الواردة لمنطقة غرب آسيا التي تشمل الإمارات وتركيا. وفي السياق نفسه، اختارت دول مجموعة اليورو مدينة فرانكفورت مقرا للبنك المركزي الأوروبي نظرا لقوة الاقتصاد الألماني في أوروبا.
تنسيق السياسات الاقتصادية
وعلى هذا الأساس، تم تدشين المجلس النقدي بشكل رسمي برئاسة الكويت كونها الدولة الرئيسة لمجلس التعاون الخليجي حتى نهاية 2010. من جملة الأمور، سيتولى المجلس النقدي استكمال المتطلبات الفنية والتنظيمية فضلا عن تأسيس بنك مركزي وإصدار عملة موحدة. الأمر المؤكد أن دول مجلس التعاون قررت البدء في تنفيذ مشروع الاتحاد النقدي, ما يتطلب تنسيق السياسيات الاقتصادية النقدية منها والمالية.
يتضمن مشروع الاتحاد النقدي الخليجي مجموعة من المعايير تتمثل في:
1 ـ تقييد الدين العام للحكومة المركزية عند حد 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي.
2 ـ ضمان عدم ارتفاع العجز في الموازنة العامة بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي.
3 ـ التأكد من عدم ارتفاع مستوى التضخم عن متوسط الدول الأعضاء زائد 2 في المائة.
4 ـ الحيلولة دون ارتفاع معدلات الفائدة عن متوسط أدنى ثلاث دول زائد 2 في المئة.
5 ـ الاحتفاظ بقدر من الاحتياطي يغطي قيمة الواردات لمدة أربعة أشهر. الأمل كبير في تحقيق مزيد على صعيد التكامل الاقتصادي الخليجي في القمة رقم 31 في الإمارات نهاية 2010.