الله لا يبين غلا عزيز

منذ أن أعلن نبأ قرب عودة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز حتى امتلأت الصحف بما تختزنه العاطفة الاجتماعية تجاه سموه، وتزينت الميادين والشوارع بالأعلام وعبارات الترحيب والشكر لله على سلامته وعافيته وتفاعل الشعب السعودي كل حسب قدرته، فمن تبرع بوقف خيري احتفاء وشكرا لنعمة العافية التي أسبغها الله عليه، ومن تصدق بمنحة أو سلعة، ومن لم يجد انكب خاشعاً بسجود الشكر لله رب العالمين، وكلهم اجتمعوا على إظهار ذلك المخزون من المحبة الصادقة والولاء غير المشروط الذي تجذر بين الشعب وقادته.
جبل الناس على اختزان المحبة والمودة وكذلك نقيضها، فهي ضامرة في قرارة النفس لا تبين لغير صاحبها، وعندما يعتري الإنسان ما يدفعه للتعبير عن تلك المخزونات العاطفية تجيش مشاعره بصورة قسرية تدفعه للتعبير بتصرفات وسلوكيات وأقوال قد لا تكون مألوفة له وتمثل خروجا عن مألوفة من العقل والضبط، لذا يجد كثير من الناس حرجا في التعبير عن عواطفهم ويتمنون لو أنهم يتحكمون بتلك بصورة انتقائية، وحيث يمثل مخزون المحبة طاقة كامنة في النفس متى استثيرت أطلقت تلك الشحنات العاطفية والاستثارة لا تكون دائماً مما يحمد وقوعه لذا درج بين الناس قول قديم يردد في المناسبات فيقال (الله لا يبين غلا عزيز) وذلك لأن تبيين الغلا - ويقصد بذلك المحبة – لا يكون إلا لطارئ غير مرغوب، فتبين المحبة في صورة لا إرادية لحماية ذلك العزيز وهي أيضا تمثل عبئاً عاطفياَ على صاحبها حيث تمتلك عليه تفكيره وجوارحه وتغشى عقله فلا يتصرف بملء إرادته الحرة. سئل أعرابي أي أبنائك أعز إليك ؟ فقال “الصغير حتى يكبر والمريض حتى يشفى والغائب حتى يحضر”، هذا الأعرابي مثل المحبة حين تتملكه مشاعره ولكنه لم يكن يدرك أن المحبة لا تفاضل بينها ولكنها تدفع بالعواطف تجاه الأحوج للاهتمام، فالحماية للصغير تظهر محبته عطفاً وحماية لصغره وقلة حيلته في معاشه، وكذلك تظهر للمريض لحاجته للرعاية والتشجيع العاطفي الذي يحثه على التشبث بالحياة فتقوى مناعته ويشتد عوده، وهي أيضا تظهر للغائب الذي هو بظن الغيب كحارس يرجو له السلامة، لذا فالمحبة كامنة وهي بمثابة عين لا تنضب تدفق بين الحين والاخر سيلا من المشاعر والعواطف الجياشة.
الأمير سلطان بن عبد العزيز هو صنف من الناس الذي لا تملك إلا أن تحبه وحيث لا يحتاج المحب تبرير محبته إلا أن لسموه الكريم سمات وخصالا ومواقف عندما تجتمع في الذهن تجبر كيميائية المخ أن تفرز هرموناتها وأنزيماتها التي تشكل ذلك المخزون من المحبة لسموه فهو رجل قلما يشاهد وهو غير مبتسم، متفائل، مقبل على الحياة مما يثير في النفس شعورا بالاطمئنان، فكما يقال “المشاعر معدية” وعندما تكون صادرة من عظيم فهي شديدة العدوى، للذي نحبه لأنه يسعدنا بتلك الطاقة الإيجابية التي ينثرها بين الناس، وهو صاحب خصال حميدة كثر الحديث عنها حتى باتت تمتدح بأن سلطاناً تسجّى بها، لذا نحبه بما نقتديه في اكتساب تلك الخصال، ونحبه لما له من مواقف اشتد بها حبل الأمة ويد كريمة بارك الله بها حياة وحاجة من هم أهل لها من مواطنيه.
الشعب السعودي في هذه الأيام استفز مخزونه العاطفي تجاه الأمير سلطان فبرزت تلك المشاعر بقوة واندفاع وهي تحمد الله أن عاد معافى صحيح البدن تعلو وجهه تلك الابتسامة المشرقة وكأن لسان حاله يقول “اطمئنوا لقد منّ الله علي بالشفاء وأنا منكم وإليكم مهما طال السفر ومهما بلغ العناء مبلغه وليحفظ الله لنا هذا الود الجميل بين الشعب وقادته”.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي